أخبار الوطن الرئيسية

16/06/2011

 

طهران لأنقرة: إحذَري الأكراد إذا سقط الأسد

 

 

‎لا ينظر الايرانيون في ارتياح الى المواقف التي تتخذها القيادة التركية، ممثلة برئيس الوزراء رجب طيب اردوغان ووزير خارجيته احمد داود اوغلو مما يجري في سوريا، بل انهم فوجئوا بهذه "المواقف السلبية"، والتي جاءت تتناقض مع العلاقات المميزة التي نشأت خلال الأعوام القليلة المنصرمة بين دمشق وانقرة، وبين طهران وانقرة، وبين العواصم الثلاث مجتمعة، والتي حققت في الجانب الاقتصادي وحده تبادلا استثماريا فاق حجمه الـ 70 مليار دولار، فضلا عن إلغاء تأشيرات دخول الأشخاص بين البلدان الثلاثة. وقد نال لبنان من هذا الاتفاق التركي - الايراني - السوري نصيبا، حيث انعقدت محادثات بين رئيس الحكومة السابقة سعد الحريري والمسؤولين الاتراك، أثمرت تطويرا للعلاقات اللبنانية - التركية، وكان منه إلغاء تأشيرات دخول الأشخاص بين لبنان وتركيا.

على رغم إيجابية الموقف التركي من ايران، يرى الايرانيون أنّ الاتراك تسرّعوا في اتخاذ مواقف إزاء ما يجري في بعض الدول العربية، بدءا من مصر وليبيا وانتهاء بسوريا، ويرجّحون "ان الولايات المتحدة الاميركية دخلت طرفا ثالثا على خط ما يجري، فضغطت على تركيا أو أدرجتها في هذا الموقف، بعدما كان موقعها مميزا بين العرب والمسلمين وايران التي تتخذ موقفا جريئا ضد الصهاينة وعملائهم"، على حد تعبير مسؤول إيراني. ويرى هذا المسؤول الايراني "ان تركيا، سواء أُدرجَت او أرادت، قد أخطأت، ولكن طهران ما تزال ترى، أن، على رغم هذه الاخطاء التركية، ليس من مصلحة دول المنطقة، ولا سيما منها دول الممانعة، ان تبتعد عن تركيا، بل يجب التشاور معها ونُصحِها بالبقاء في الدائرة الاقليمية التي يرى الجميع مصلحة فيها، خصوصا بعدما بدأ اقتراح انشاء مجلس تعاون ايراني - تركي - عراقي - سوري - اردني وكل من أراد الالتحاق به، يدخل في مرحلة الجدّية".

ويضيف المسؤول الايراني "ان هناك رأيا آخر في إيران حول تركيا، يقول ان الاتراك أرادوا ان يحملوا البيضتين في يد واحدة: إبقاء العلاقة الاستراتيجية مع الغرب، ووجود قاعدة أنجرليك على أراضيهم وتوَلّي قيادة حلف "الناتو" في الدول العربية والاسلامية، وفي الوقت نفسه تحقيق الحضور القيادي في الساحة العربية وكسب ثقة المجتمع العربي والاسلامي. لكن الايرانيين يرون ان هذه الازدواجية التركية لا يمكن ان تتحقق، لأنّ هناك تناقضا كبيرا بين الحالتين والرؤيتين، وهذا ما أدى الى الفشل الذي رأيناه خلال الآونة الاخيرة في السياسة التركية".

وعلى رغم ذلك، وانطلاقا من الأهمية الاستراتيجية التي تمثلها سوريا بالنسبة الى إيران، فإن طهران تمهل أردوغان حتى يؤلف حكومته الجديدة بعد الفوز الكبير الذي حققه في الانتخابات النيابية الاخيرة، لتبدأ معه مشاورات تتصل بمستقبل الوضع السوري خصوصا، ومستقبل العلاقات الإيرانية ـ التركية عموما.

ويشير الايرانيون الذين لديهم ملفات كثيرة يتفاوضون في شأنها مع الجانب التركي، وتتصِل بالمصالح الحيوية المشتركة بين البلدين، منها الأمني والسياسي والاقتصادي، أبلغوا الى أنقرة أنهم لن يعاودوا المفاوضات التي توقفت بسبب الانشغال التركي في الانتخابات الاخيرة، إلاّ بعد ان يهدأ الوضع في سوريا، وإنّ على انقرة أن تساعد في هذا المضمار.

ويقول الايرانيون إن المشكلة التي يواجهونها مع اردوغان هي أنهم يؤكدون له "أن نظام الرئيس السوري بشار الاسد يواجه مجموعات مسلحة تعمل على إسقاطه، وأنهم ليسوا بثورة تشبه الثورة المصرية. ولكنّ أردوغان يرى أن الصورة مغايرة، وأن الاسد يقمع ثورة شعبية تطالب بالإصلاح والتغيير". وعلى رغم ذلك، فإن طهران نصحت لأردوغان وقف هجماته على الاسد، وإعطائه فرصة لإعادة ترتيب الوضع الداخلي السوري.

وقيل في هذا السياق إن طهران حذّرت اردوغان من أي تفكير في تدخل عسكري في الشمال السوري، كذلك حذرته من احتمال أن يَجد نفسه في مواجهة محتمة مع الأكراد السوريين والأتراك، في حال سقوط النظام السوري. وقد طلبت منه تلطيف عباراته إزاء الأسد بأن يستمر في دعوته الى تحقيق الإصلاح وعدم التعاطي في قسوة مع حركات الاحتجاج، ومن ثم الدخول في حوارات أساسية حول ما يجري، وفي القضايا والمصالح المشتركة مع دمشق.

وقد لوحظ ان أردوغان بدأ منذ يومين الأخذ بالنصيحة الايرانية، فاتصل، بعد فوزه في الانتخابات، بالأسد الذي سارع الى إيفاد نائبه فاروق الشرع ومسؤولين آخرين الى أنقرة، لشَرح حقيقة ما يجري على الاراضي السورية من تحركات ضد النظام، والتنسيق في تحقيق المعالجات المطلوبة لهذا الوضع.

المصدر:صحيفة الجمهورية اللبنانية  -   أية اعادة نشر من دون ذكر المصدر تسبب ملاحقه قانونيه

الرئيسية

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن موقف المرصد السوري