تشير معلومات جديدة جمعتها منظمة العفو
الدولية في الأيام الأخيرة إلى أن ثمانية
رجال سلمت جثامينهم إلى عائلاتهم في نهاية
شهر أيار/مايو قد ماتوا خلال احتجازهم
وذلك بعد أن اعتقلوا أثناء حملة القمع
العسكرية التي شنتها السلطات السورية على
مدينة تلكلخ الواقعة غربي سورية الشهر
الماضي.
وحسب شهادات حصلت عليها منظمة العفو
الدولية كان على جثث الرجال الثمانية آثار
تشير إلى أنهم ربما تعرضوا للتعذيب أو أن
جثثهم تم التمثيل بها بعد الموت.
فالأخوان مجد وسؤدت الكردي، والأخوان عبد
الرحمن وأحمد أبو لبدة، ومحمد عادل حلوم،
وكفاح حيدر، وعقبة الشعّار، ومحمد الرجب -
وغالبيتم في العشرينيات من أعمارهم- هؤلاء
جميعا ً قيل إن قوات الجيش السوري
اعتقلتهم في 17 مايو/أيار مع عدد كبير من
الرجال الآخرين خلال عملية عسكرية ضد
تلكلخ بدأت في 14 مايو/أيار.
وكان الرجال الثمانية قد غادروا منازل
عائلاتهم للاختباء بعد مشاهدتهم جنودا ً
يعتقلون ويضربون رجالاً آخرين في أحيائهم
قبلها بيوم، وذلك حسبما قال أقارب وأصدقاء
لهؤلاء الرجال.
وحسب التقارير، كان الرجال الثمانية كلهم
يختبئون في الطابق العلوي في منزل في الحي
الشرقي في تلكلخ قرب الحدود مع لبنان
عندما وصل جنود إلى باب الدار وأمروهم
بالخروج. وقرر مجد الكردي وعبد الرحمن أبو
لبدة ومحمد عادل حلوم ومحمد الرجب تسليم
أنفسهم وطلبوا من أصدقائهم البقاء حيث هم
. وحالما فتحوا الباب يبدو أن الجنود
بادروا إلى إطلاق النار، مما تسبب في
إصابة مجد الكردي في يده وعبد الرحمن أبو
لبدة في كتفه. أما محمد عادل حلوم ومحمد
الرجب فسقطا أرضا ً لكن لم يكن واضحا ً إن
كانا قد أصيبا أيضا ً.
في هذه الأثناء ركض سُؤدت الكردي وأحمد
أبو لبدة نازلَيْن الدرج لتفقد أخويهما
ورافقهما كفاح حيدر وعقبة الشعار. وحسب
الشهادات، فقد تعرضوا أيضا ً لإطلاق النار
وسقطوا أرضا ً. وليس من الواضح إن كانوا
جميعا ً قد أصيبوا بالرصاص أو ما إذا
انبطحوا أرضا ً لتجنب الرصاص، لكن بدا أن
أحمد أبو لبدة كان على الأرض فاقدا ً
الوعي بعد إصابته في خصره.
وبينما هم على الأرض عمد الجنود إلى ضربهم
ببنادقهم, بحسب الشهود, على الرغم من
إصاباتهم وتوسّلاتهم بأن يوقفوا الضرب.
وزعم أن الجنود قاموا بعدها بجرّهم إلى
خارج المنزل بينما كانوا مستمرين في ضربهم
ثم أوثقوا أيديهم بأربطة بلاستيكية وعصبوا
أعينهم قبل أن يقتادوهم بعيدا ً.
وبعدها بنحو أسبوعين، اتصلت السلطات
بأفراد أسرهم عن طريق مسؤولين محليين
ليحضروا إلى مستشفىً عسكري في حمص للتعرف
على جثث الرجال الثمانية. وحسبما ذكر لم
يُقدم للعائلات أي تفسير بخصوص ملابسات
وفاة الرجال عندما حضروا للتعرف عليهم.
وبعدها بمدة قصيرة أعيدت الجثامين إلى
عائلاتها في أكياس من النايلون للدفن. وقد
سُلمت جثتا مجد وسؤدت الكردي إلى عائلتهما
ودفنتا في 29 مايو/أيار؛ أما جثتا عبد
الرحمن وأحمد أبو لبدة فقد سلمتا ودفنتا
في 30 أيار/مايو؛ بينما سلمت جثث كفاح
حيدر ومحمد عبد الحلوم وعقبة الشعار ودفنت
في 31 مايو/أيار؛ أما جثة محمد الرجب
فسلمت ودفنت في مطلع يونيو/حزيران.
وقد التقت منظمة العفو الدولية بأشخاص
حضروا الجنازات وقدم كلٌّ منهم على حدا
شهادات متماثلةً بشأن الجثث التي شاهدوها
عاريةً جزئيا ً لأن عائلاتهم الثكالى
فتحوا أكياس النايلون التي كانت تلف
الجثامين للإطلاع على حالتها. وعلى ما بدا
فقد كان على جثث مجد وسؤدت الكردي جروح ٌ
في الصدر وشقوق عمودية في الفخذين فضلا ً
عما بدا أنه آثار جروح ناجمة عن طلقات
نارية في الجهة الخلفية من الرِّجلًيْن.
وحسب روايات ثلاثة من الشهود فقد كان
العضو الذكري لمجد الكردي مقطوعا ً. وكان
أحد هؤلاء الشهود قد شاهد الجثمان أثناء
وضع الكفن خارج منزل جد مجد وسؤدت الكردي،
بينما شاهد الاثنان الآخران الجثة أثناء
تحضيرها للدفن في المقبرة.
كما وصف شاهدان أجرت منظمة العفو الدولية
مقابلات معهما كلا ً على حدا الجلد على
الخد ّ الأيمن لكفاح حيدر إذ ْ بدا كما لو
أنه تعرض للحرق أو اقتطع، كما وصفوا ما
بدا أنه أثر لطلقة في صدره. أما جثتا محمد
عادل حلوم وعبد الرحمن أبو لبدة فقد بدت
عل كل منهما آثار لشق واحد على الأقل في
الصدر ناتج عن أداة حادة.
ويقال إن من حضروا الجنازات امتنعوا عن
غسل الجثامين طبقا ً للتعاليم الإسلامية
قبل الدفن لأنها كانت قد بدأت تتحلل
بالفعل وفي بعض الحالات كانت تأكلها
الديدان.
ولا تزال ملابسات موت هؤلاء الرجال
الثمانية غير واضحة، إذ ْ يبدو أن معظمهم
إن لم يكن كلهم قد اعتقلتهم القوات
السورية وهم على قيد الحياة رغم أنهم
كانوا جرحى، وفي بعض الحالات كانت الإصابة
حرجة، وذلك في 17 مايو/أيار، وثاني مرة
شاهدتهم عائلاتهم فيها كانوا موتى في
مستشفى عسكري في حمص بعد اعتقالهم بنحو
أسبوعين.
وبالنظر إلى التقارير الواردة عن التعذيب
وسوء المعاملة والوفيات في المعتقلات في
ظروف مريبة في أماكن أخرى في سورية خلال
الأسابيع الأخيرة، فإن منظمة العفو
الدولية تشعر بالقلق البالغ من أن هؤلاء
الرجال توفوا نتيجة التعذيب أو سوء
المعاملة أو أن جثثهم تم التمثيل بها بعد
الوفاة. إن هذه التقارير وغيرها يجب
التحري عنها بشكل كامل بصورة حيادية
ومستقلة، ويجب محاسبة أي شخص تثبت
مسؤوليته أمام العدالة.
خلفية
حصلت الاعتقالات الجماعية في تلكلخ في 16
و 17 مايو/أيار لدى دخول الجيش السوري
ترافقه قوات الأمن إلى البلدة وقيامه
بعمليات تفتيش من منزل إلى منزل. كما
اعتقل البعض عند نقاط التفتيش على طرق
خارج البلدة كان يسلكها الناس الهاربون
منها.
وخلال الأسبوعين الماضيين أطلق سراح عدد
من الرجال وعادوا إلى تلكلخ، غير أن آخرين
ما يزالون رهن الاعتقال بمعزل عن العالم
الخارجي. |