أحجية الأسعار ما تزال عصية عن الحل،
فكل المقدمات الصحيحة خلال الشهور الماضية
التي افترضت انخفاض الأسعار جاءت بنتائج
غير صحيحة، بل معاكسة للمعادلة المنطقية،
حيث شهدت الأسعار في السوق المحلية
ارتفاعاً وصلت نسبته إلى 10%، وهذه
المقدمات ليست ضرباً من الخيال، بل إن
هناك مرسوماً جمهورياً صدر قبل أكثر من
شهرين تم خلاله تخفيض رسم الإنفاق
الاستهلاكي والرسوم الجمركية على المواد
الغذائية الأساسية، ولكن الأسعار ارتفعت
دون مبرر، رغم أن المنطق يفترض العكس،
وبعد ذلك، صدر قرار حكومي بتخفيض أسعار
المازوت بنسبة 25% منذ أكثر من أسبوعين
تقريباً، إلا أن المواطن السوري العادي لم
ير إلا الارتفاع في أسعار المواد الغذائية،
وغلاءً في تكلفة المعيشة، على الرغم من
العلاقة الطردية بين مدخلات ومخرجات
محددات الأسعار التي تفترض العكس..
وبالانتقال إلى الإنتاج الحيواني، نجد أن
عقدة أسعار لحم العواس العصية عن الانخفاض
في السوق المحلية، تعد هي الأخرى إحدى
الألغاز التي تعيشها سوقنا المحلية، فكيف
يمكن تفسير مبيع سعر كيلو لحم العواس في
السوق السعودية بنحو 350 ليرة سورية،
بينما يباع في السوق السورية بـ 900 ليرة
سورية، والمفارقة ليست في السعر فقط، بل
بالسعودية التي تستورد هذه اللحوم من
سورية وتباع أرخص من سوقنا المحلية بنحو
ثلاثة أضعاف، والسؤال الأهم، كيف يُقدم
400 مربٍ حلبي للأغنام ورقة إلى وزير
الاقتصاد والتجارة يعدون فيها بتخفيض سعر
كيلو لحم العواس إلى 250 ليرة سورية إذا
سمح لهم بإعادة تصدير الأغنام السورية إلى
الدول الخليجية ولبنان بما يقارب نحو
مليون رأس سنوياً؟! وهذا يعني أن هؤلاء
المربين هم جزء من حلقة متحكمين مخفيين
بأسعار الأغنام؟! وكيف سيخفضون أسعار لحوم
الأغنام إذا سمح لهم التصدير بينما أسعار
اللحوم في سوقنا المحلية ارتفعت رغم إيقاف
التصدير منذ عدة شهور خلت؟!
إذا، القضية ليست بتكاليف هذه المواد
الزراعية منها أو الحيوانية، ولا بما يضاف
إليها من رسوم، ولا بتكلفتها الأساسية على
المزارع السوري، ولا بالمستورد منها، لأن
الأسعار هي في أغلب الأحيان أغلى من أسعار
المواد المستوردة بأضعاف في الدول
المستوردة لهذه المادة مثلنا، وهذا يؤكد
أن هناك أياد خفية تتحكم بحركة السوق في
بلادنا، وهي حلقة من التجار التي تعجز كل
الإجراءات الرقابية، وكل التخفيضات التي
تطال تكاليف الإنتاج عن المساس بحصتها... |