شدد المراقب العام السابق لجماعة
الاخوان المسلمين في سورية علي صدر الدين
البيانوني على أن الشعب السوري كان ينتظر
من القيادة التركية مواقف حازمة قبل
التصريح الأخير الذي أدلى به وزير
الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو، معلناً
«نعتقد أن الموقف التركي تأخّر كثيراً».
ورأى البيانوني أن ضرب المخيم الفلسطيني
في اللاذقية «هو خطوة تأديبية للفلسطينيين
الذين وقفوا الى جانب الثورة السورية»،
مشيراً الى أن المجتمع الدولي كان يراهن
على نجاح النظام في قمع الحركة الاحتجاجية،
«بدليل أنه لم يتخذ موقفاً جريئاً من
النظام كما حدث في مصر وتونس».
واكد تصاعد الثورة في سورية وانتشارها في
كافة المدن «رغم التكلفة الدموية الباهظة
التي ادت الى تحولات في الموقفين التركي
والدولي».
«الراي» اتصلت بالمراقب العام السابق
لجماعة الاخوان المسلمين في سورية وأجرت
معه الحوار الآتي:
• وجهت تركيا على لسان وزير الخارجية أحمد
داوود أوغلو كلمة أخيرة للنظام السوري
وطالبته بوقف العنف ضد المدنيين فوراً
وبلا شروط. كيف تقرأون التحذير التركي
الأخير؟
- نعتقد أن الموقف التركي تأخر كثيراً،
والشعب السوري كان ينتظر منذ بداية الحركة
الاحتجاجية مواقف تركية حازمة وذلك قبل
اللقاء الاخير بين أوغلو و(الرئيس بشار)
الأسد. وفي رأينا القيادة التركية استدركت
خطورة الأوضاع في سورية منذ أسبوعين بسبب
حجم العنف الذي يرتكبه النظام في كافة
المدن السورية وأن النظام لا يريد الاصلاح
وانه مستمر في قمع المتظاهرين. ولا شك في
أن دخول الجيش الى مدينتي حمص وحماة وما
نتج عنه من تداعيات وردود أفعال دولية
وعربية ومن بينها موقف العاهل السعودي
الملك عبد الله بن عبد العزيز دفع الاتراك
الى تصعيد خطابهم بعدما كانوا في المرحلة
الماضية أكثر ميلاً لاتخاذ مواقف وسطية
عبر دعوة الاسد للأخذ بتجربتهم الاصلاحية.
• لماذا أقدم النظام على قصف المخيم
الفلسطيني في اللاذقية؟
- هذا المخيم فيه كثافة سكانية، وقد شارك
سكانه في التظاهرات في الأيام الاخيرة.
الفلسطينيون في سورية يشاركون السوريين في
الظلم الذي يتعرضون له من نظام استبدادي.
وضرب مخيم الفلسطينيين في اللاذقية عملية
تأديبية كما يحدث في كل المدن السورية.
• من المقرر أن يعقد مجلس الأمن الدولي
جلسة الخميس بشأن ملف انتهاكات حقوق
الانسان في سورية. هل تراهنون على تصعيد
في موقف المجتمع الدولي بعد هذه الجلسة؟
- الموقف الدولي ما زال متخلفاً عن
المستوى المطلوب. وما يجري في سورية أمر
غير عادي، فالشعب يُقتل بشراسة والنظام
يقوم بعمليات ابادة جماعية، ورغم ذلك لم
تكن مواقف المجتمع الدولي واضحة وصارمة
كما حدث في مصر وليبيا، ونحن نتمنى أن
يخطو مجلس الأمن خطوة الى الامام في ادانة
انتهاكات حقوق الانسان في سورية ومحاكمة
مرتكبي الجرائم امام المحكمة الجنائية
الدولية.
• ما الذي يمنع المجتمع الدولي من اتخاذ
خطوات جديدة تجاه النظام تتخطى الادانة
وفرض العقوبات؟
- يبدو أن المجتمع الدولي راهن على أن
النظام سيقضي على ثورة الشعب السوري،
ولهذا لم يتخذ مواقف حازمة. ولكن التحولات
في الأسابيع الأخيرة أجبرت الاوروبيين
والاميركيين على رفع مستوى خطابهم. وأعتقد
أن النظام كان يؤدي خدمات لبعض الدول رغم
تظهيره للموقف العدواني، وإلاّ كيف نفسر
حرص اسرائيل على بقاء النظام؟
• لكن المجتمع الدولي يواجه مشكلة البديل
لما بعد مرحلة الاسد. ألا تعتقد أن غياب
البديل يمنعه من اتخاذ مواقف حازمة؟
- الشعب السوري له تجربة في الحياة
الديموقراطية رغم القمع الذي تعرض له منذ
أربعين عاماً، وهو قادر على ملء أي فراغ.
• رغم التحذير التركي الاخير والضغوط
الدولية لماذا يستمر النظام في خياره
العسكري ويتجنب أي خطوة اصلاحية جذرية؟
- هذا شأن كل الديكتاتوريات. والنظام
السوري منذ أربعين سنة مشى في طريق الخطأ،
وعدم إقدامه على أي خطوات اصلاحية جذرية
يعود الى اعتباره ان التراجع عن الخيار
الأمني وتسريع الاصلاح هو بمثابة الهزيمة
بالنسبة له، وهو لهذا يقوم بسحق الشعب
السوري الذي لم يعد بإمكانه العيش في ظل
نظام استبدادي. وفي رأيي أن النظام بدأ
بالتفكك، وما يحدث في سورية سيصبّ في
مصلحة الشعب السوري رغم أن التكلفة باهظة.
• ما الذي دفع الاتراك الى حسم موقفهم من
النظام السوري؟ ولماذا انتظروا كل هذه
الفترة قبل أن يحسموا خيارهم؟
- الذي حسم الموقف التركي هو إصرار الشعب
السوري على المضي في ثورته، وهذا الاصرار
على إسقاط النظام رغم التكلفة الدموية هو
الذي دفع الاتراك الى تصعيد خطابهم.
• ما مستوى حضور جماعة الاخوان المسلمين
في حماة التي تعرضت لحملة عسكرية قبل
أسبوعين تقريباً؟
- جماعة الاخوان المسلمين محظورة في سورية
وكل شخص يتنمي اليها كما ينص القانون
السوري يتم اعدامه، وليس للجماعة حضور على
المستوى الهيكلي وإنما لنا وجود على
المستوى الشعبي.
• البعض يتخوف من مشروع الحركات الاسلامية
في سورية ومن بينها حركة الاخوان. ما ردكم
على ذلك؟
- هذه الفزاعة القديمة سقطت في مصر وفي
تونس وفي سورية، وحركة الاخوان المسلمين
في سورية لا تبتعد عن المطالب الوطنية
التي يطالب بها السوريون وكل قوى المعارضة.
• مدريد اقترحت خطة لاستضافة الرئيس الاسد
مع عائلته. ما رأيك في ذلك؟
- أعتقد أن المجتمع الدولي أصبح على يقين
أن النظام لم يعد له أي مستقبل، وربما
استضافة الاسد وعائلته سواء في اسبانيا أو
أي دولة أخرى يساعد على إنهاء استباحة
دماء الشعب السوري. |