تابعت قناة «الجديد» اللبنانية بث
سلسلة التسجيلات التي أطلقت عليها اسم «حقيقة
ليكس»، فبثت مساء أمس الأول تسجيلاً يعود
إلى 30 يوليو 2007، ويتضمن الإفادة التي
أدلى بها رئيس كتلة «المستقبل» سعد
الحريري للجنة التحقيق الدولية، التي تحقق
في اغتيال والده رئيس الوزراء الأسبق رفيق
الحريري.وذكرت القناة أنها ستستكمل بث
تسجيلات تتضمن إفادات كل من وزير الدفاع
الياس المر والنائب السابق ايلي الفرزلي
ومدير عام الأمن العام السابق اللواء جميل
السيد، للجنة التحقيق.
في ما يلي أغلب ما جاء في نص التسجيل:
المحقق: «جمعنا معلومات تشير إلى اتصال
هاتفي جرى بين جميل السيد ووالدك، حيث
يقول والدك للسيد (بعد استقالة الحريري من
الحكومة) «بما أني خرجت من الحكم ما هو
رأيك بكلمتي يوم استقالتي؟»، أي حين قال
الحريري «استودعك الله هذا البلد الحبيب».
ورد جميل السيد على الحريري قائلاً «كان
جيداً وعاطفياً وتعلم انني أعلم أنه لا
يمكن ان تشكل حكومة مع الرئيس الحالي
بالوساطة ذاتها». هل تملك هذا التسجيل؟.
الحريري: «لا أعلم سنبحث عنه». المحقق: «هل
فاتحك والدك يوماً عن هذا الحديث بالتحديد
الذي جرى مع جميل السيد؟». الحريري: «لا».
المحقق: «هل أخبرك أي شخص آخر عن هذا
الحديث؟». الحريري: «لا ولكن أظن أن شخصاً
قال لي إن السيد هدّد والدي يوماً وأبلغه
أنه يجب ان يترك البلد وإلا سيقتل وأظن أن
ذلك حصل عام 99». المحقق: «لماذا يسأل
والدك رأي السيد حول استقالته؟». الحريري:
لأن جميل السيد في جيبت السوريين وهو كان
دائماً على تواصل معهم.
الحريري: «بشار الأسد قال لوالدي شكل أي
حكومة تريد وأظن أن بشار الأسد وكالعادة
هو رجل صريح جداً بقول شي وبيفعل شي آخر،
وفي الواقع الرئيس المصري حسني مبارك كان
مطلعاً على الموضوع لأن والدي نسق مع
مبارك الأمر كله»، مضيفاً: «ولكن في
النهاية كانوا يلعبون، ولم يريدوا والدي
أن يعود رئيس حكومة». المحقق: «عفواً حين
تقول لم يريدوا من تقصد؟». الحريري: «يعني
إميل لحود، جميل السيد، رستم غزالي وبشار
الأسد».
الحريري والصحافة
المحقق: ما هي طبيعة العلاقة التي كانت
تربط والدك الراحل والسيد طلال سلمان (رئيس
تحرير «السفير»)؟
الحريري: علاقة ابتزاز بحتة. بمعنى إذا لم
تعطنِ المال فسأفجر كل شي بوجهك. أنشُر كل
ما يتوفر لدي ضدك». المحقق: كل ما يتوفر
ضد والدك؟». الحريري: «كل ما من شأنه أن
يضره. في النهاية طلال كان مقرباً جداً من
السيد. كان صديقه. وفي نفس الوقت طلال
وسأقول لك كيف كانت الأمور تعمل. السوريون
عندها كانوا يريدون من والدي ان يساعد
أحداً كان رستم يأتي ويقول: رفيق. طلال
بحاجة إلى مساعدتك. لذلك عليك أن تدفع له
بعض المال لأن جريدته مفلّسة. ولسوء الحظ
وعلى الرغم من أن والدي لم يكن يريد أن
يفعل ذلك خصوصاً أن «السفير» كانت من أقسى
الصحف عليه منذ عام 1992 مع أنه لم يكن
لديه أي مشاكل مع طلال... لكن طلال كان من
النوع الذي إذا دفعت له مالاً يكتب عنك
بشكل جيد. تماماً كما شارل أيوب. لكن شارل
أيوب كان أسوأ... شارل أيوب عاهر. طلال
لديه جريدة وهو يكتب فيها، من الممكن أن
يكتب شيئا سيئا، لكن لديه كتاب آخرون
بإمكانهم ان يعكسوا وجهات نظر أخرى، لذلك
هو ليس كهذا الذي اسمه شارل ايوب... شارل
أيوب مقامر... من وجهة نظري هو باع ضميره
بشكلٍ كامل... طلال سلمان مختلف... كان
يقوم بعمليات ابتزاز أو بالأحرى كان
يستخدم جريدته للحصول على مال، وكان لديه
صحافيون كإبراهيم الأمين... إبراهيم
الأمين كان من رجال جميل السيد... إبراهيم
الامين الذي يترأس الآن جريدة الأخبار كان
من رجال السيد. السيد كان لديه ابراهيم
الأمين في «السفير» ونقولا ناصيف في «النهار»
وطارق ترشيشي في «الشرق الأوسط» وشارل
أيوب في الديار».
المحقق: «في مقابلة سابقة مع لجنة التحقيق
قلت إن السوريين نظموا حملة ضد الحريري
قبل 14 شباط 2005... عندما تقول السوريين
من تقصد؟». الحريري: رستم غزالي... آصف
شوكت... وأدواتهما المتمثلة بجميل السيد
وإميل لحود... لقد قاموا بتنظيم حملة
إعلامية وصفت والدك بالخائن وبأنه يقف
وراء الـ1959، وهو الذي تسبب في إصداره،
وانه كما تعلم عدو لسورية... سليمان
فرنجيه وهو قريب جداً من النظام السوري
وصف رفيق الحريري بالمشروع المشبوه او ما
شابه... وطلال أرسلان وصفه ببركيل قريطم...
كانوا قاسين جداً عليه، وإذا ما نظرت لما
اتعرّض له اليوم من حملة إعلامية فسترى أن
المسألة نفسها».
المحقق: «وهل كان ذلك موقفك أيضاً من
موضوع التمديد للحود؟». الحريري: «التمديد
للحود كان مختلفاً». المحقق: «لماذا هو
مختلف ما دام ايضاً نوعاً من انواع
التنازل؟». الحريري: «السبب هو أنني عرفت
ما الذي ينوون فعله بالبلاد. قبل ذلك لم
أكن أعرف، كنت أشجعه في السابق على
مواجهته، ولكن بعد ان عرفت ما عرفته أصبحت
أدعوه لتقديم التنازلات». المحقق: «شكراً
على التوضيح... إذا لماذا تعتقد أن الحملة
شنّت على والدك في تلك الفترة تحديداً؟».
الحريري: «أعتقد أن ساعة الصفر كانت قد
حانت لاغتيال والدي».
وليد المعلم
المحقق: «متى جاء وزير الخارجية السوري
وليد المعلم للقاء والدك؟» الحريري: جاء
في يناير على ما أعتقد... في يناير او
فبراير لا أذكر... ربما في نهاية يناير أو
بداية فبراير. أعتقد أن والدي قال له...
وأنتم تملكون الأشرطة... قال له... أنت
تطلب مني... وأنا أطلب منك أن تقول لبشار
الأسد إنني لا يمكن ان أكون ضد سورية او
ما شابه، لكنكم لا يمكن أن تواصلوا
التصرّف بهذا الشكل وليد... ووليد أجابه
إنك تمشي على ارض خطرة أو شيء من هذا
القبيل». الحريري: «كنت قد قلت شيئاً
إيجابياً في السابق عن المعلم»، مضيفاً: «لو
استمعت الى تصريحات المعلم الآن... لقد
أصبح أسوأ من الأسد نفسه».
المحقق: «تقصد بعد اغتيال والدك؟».
الحريري: «لقد كنت أظن ان المعلم ممكن ان
يلعب دوراً إيجابياً في ذلك الوقت، لكن
ذلك لم يكن كافياً على ما يبدو كما نرى،
أعتقد كان هناك الكثير من التقارير ومن
الكره والآن إذا سألتني كيف حدث ما حدث
ولماذا حدث فأنا اعتقد أن آصف شوكت وماهر
الأسد لهما دور كبير في ذلك».
المحقق: «في ماذا؟». الحريري: «في عملية
الاغتيال والتحضير لدفع بشار في اتجاه أخذ
هذا القرار... لأنه عندما توفي حافظ الأسد
ذهبت مع والدي لتقديم التعازي لوالدة بشار
وذهبت لتقديم التعازي مع مصطفى طلاس الذي
كان وزيراً للدفاع... وبينما كنا ندخل كان
آصف مغادراً فنظر طلاس الى والدي وقال له:
(الله يستر سورية من هالرجال) وكان على حق».
المحقق: «هل تعرف بشار الأسد شخصياً».
الحريري: «نعم التقيت به مرتين او ثلاثة،
مرتين في فيلا في دمشق... وفي مرة ثالثة
ذهبنا للغداء... أنا وهو ورامي مخلوف،
وأيضاً في إحدى المرات عندما كان الملك
عبدالله في دمشق بشار اصطحب الأمير
عبدالعزيز بن عبدالله وعبدالعزيز بن فهد
وأحد أصدقائي عبدالله كامل وأنا طبعاً
للعشاء». المحقق: «متى كان ذلك؟». الحريري:
«أعتقد في عام 1999 أو عام 2000. بداية
عام 2000». المحقق: «قبل وفاة والده».
الحريري: «بعد اغتيال والده. خلص (يضحك)
صار رئيساً للجمهورية لم يعد يلتقي
البسطاء مثلي والناس العاديين. وعندما
التقيته في المرات التي ذكرتها كان يتحدث
عن كل شيء، عن لبنان وعن أن لا مشكلة لديه
مع والدي، وكنت أقول له إنه إذا كان هناك
أي دور يمكن أن ألعبه للتقريب بينك وبين
والدي فسأكون سعيداً جداً لفعل ذلك، كان
لدينا لقاء مطول بالحقيقة مرتين، في كل
مرة كنا نجلس ساعتين، كان يتحدث كثيراً عن
كل شيء عن وليد جنبلاط وعن والدي، لكنه لم
يكن سلبياً، بل إيجابياً ومن ثم أصبح رامي
مخلوف معه الوصل بيننا». المحقق: «هل
مازالت على تواصل مع رامي مخلوف منذ اتصل
بك لتعزيتك بوفاة والدك؟». الحريري: «لا
أبداً، كانت تلك آخر مرة تواصلت بها مع
أحد من السوريين». الحريري: «كان هناك
أحاديث انه سيلتقي المعلم في كوبنهاغن
عرفت بذلك بعد عملية الاغتيال، تيري رود
لارسن أخبرني بذلك، تيري كان قد التقى
والدي وأخبرني بذلك.
أعتقد أنه كان في دمشق وجاء لزيارة والدي
نهار السبت، وقال لوالدي سيقومون باغتيالك.
شعر بشيء ما، وقال لي إنه قال لوالدي:
رفيق، عليك أن تكون حذراً سيقومون بقتلك،
وفي اليوم التالي كان تيري سيغادر لبنان،
واتصل به والدي وقال له: يتعين عليّ أن
أراك، وبالفعل التقيا. وسأله الى أي مدى
ما قلته لي هو أمر جدي؟ فأجابه هو بالفعل
كذلك، هذا ما شعر به.
رفيق الحريري - «حزب الله»
المحقق: «مع أي أطراف سياسية كان يحاول
والدك بناء تحالف؟». الحريري: «في حينها
فتح والدي علاقة مع وليد جنبلاط، قرنة
شهوان، وفتح حواراً مع حزب الله، أعتقد في
حينها أن الرئيس نبيه بري خانه خيانة
كبيرة ولم يعد يثق به ولم يُرِد العمل معه،
ولذلك فتح قنوات جديدة مع حسن نصرالله».
المحقق: «من كان الرسول مع حسن نصرالله؟».
الحريري: «كان يوجد شخص يدعى مصطفى ناصر
وحسين خليل، وكان يوجد أيضاً وسام الحسن،
والذي كان يعلم بتفاصيل اللقاءات دائماً،
ولكن لنقول أن والدي أراد (حسن نصرالله)
كان يتضمن اللقاء حسن نصرالله، رفيق
الحريري، مصطفى ناصر وحسين خليل، وكان
وسام (الحسن) ينتظر في الخارج، وحين
يخرجون من اللقاء كان والدي يقول لمصطفى
ناصر، اروِ لوسام كل ما دار في الاجتماع».
المحقق: «ومَن هو مصطفى ناصر؟». الحريري:
«مصطفى ناصر أعتقد أنه حزب الله». الحريري:
«والدي كان يثق بحسن نصرالله كثيراً، ورأى
انه بإمكانه أن يعمل معه وأن يعقد اتفاقاً
مع حسن نصرالله، وأعتقد أن حسن نصرالله
رجل يلتزم بكلمته، وهذا ما لا أعرفه أنا».
المحقق: «كل متى كان يتم اللقاء بينهما؟».
الحريري: «لست متأكداً لكنني أعتقد حوالي
كل أسبوع أو كل 10 أيام». المحقق: «منذ
متى بدأت تحصل هذه اللقاءات؟». الحريري: «ستة
أشهر قبل اغتيال والدي».
علاقات الحريري
المحقق: «كيف كانت طبيعة العلاقة بين
والدك ونجيب ميقاتي؟». الحريري: «طبيعية،
كان وزيراً ولم يكن عاطلاً مع والدي، ولكن
نجيب سياسي محنك، إذن طبعاً لم يكن يواجه
والدي». تعلم أنني جعلت ميقاتي رئيساً
للحكومة، ومن ثم حاول طعني، وأنا لا أحب
الذين يطعنون في الظهر». المحقق: «كيف
كانت طبيعة العلاقة بين والدك والأمير
الوليد بن طلال؟». الحريري: «كانت العلاقة
جيدة جداً لكن لا أعلم لماذا تغير كل شيء.
والدي لم يفهم لماذا كان الوليد بن طلال
يفعل ذلك، كنا نخشى أن تكون الحكومة
السعودية تحاول إرسال رسائل إلى والدي،
حتى في يوم أصدرت الحكومة السعودية قراراً
من الديوان الملكي تقول، إن مواقف الوليد
بن طلال لا تمثل وجهة النظر الرسمية
للسعودية أو السياسة السعودية، لأن الأمير
الوليد كان لا يكف عن إهانة والدي. أظن أن
الوليد بن طلال أراد أن يصبح رئيس حكومة
لبنان، وحصل على الجنسية اللبنانية، ولم
أفهم لماذا؟».
الحريري: «قبل شهر ونصف أو شهرين من
اغتيال والدي كنا خائفين، لكن لا أحد...
يعني هو كان دائماً يقول إنهم لن يتجرأوا
والرئيس شيراك اتصل به يوما قبل اغتياله
وقال له: «إنني قلق جداً على أمنك، انتبه
يا رفيق».
المحقق: «وكيف كانت تدفع هذه الأموال؟».
الحريري: «على الأغلب عبر أبو طارق، أعتقد
ذلك». المحقق: «كيف كان والدك يدفع المال؟».
الحريري: «كان يعطي والدي المال لأبوطارق،
وأبوطارق كان يدفع المبلغ لرستم». المحقق:
«ومن أين كان والدك يحضر المال؟». الحريري:
«من خزنته، كان يطلب من درويش أن يحضر له
عشرة آلاف أو خمسين ألفا أو مئة ألف، وكان
يفعل ذلك». المحقق: «إذاً بشكل منتظم كم
كان يدفع له؟». الحريري: «لرستم؟». المحقق:
«نعم». الحريري: «90 أو مئة ألف، حسب،
تحديداً كان الأمر يختلف بين كونه في
بيروت وكونه في عنجر، عندما يكون في بيروت
كان يطلب ثلاثين، وفي عنجر كان يطالب
بستين إلى تسعين ألفاً، وأحياناً كان
الحقير يطلب أكثر من ذلك، كان يقول أنا
بحاجة إلى أن أساعد شخصاً ما، وساعدني كي
افعل ذلك، ويجب أن افعل هذا وأفعل هذا،
يجب أن أصلح حمامي، يعني كانت مسألة
ابتزاز، عملية ابتزاز كاملة، بل أكثر من
ذلك كانوا يرسلون عرباتهم للتصليح لدى
الأشخاص الذين يصلحون عرباتنا. وكان يقول
أحياناً إن حديقته بحاجة إلى ورود، فنرسل
إليه شخصاً يعتني بالحديقة. يعني بابتزاز
كامل.
عندما كان غازي كنعان في بيروت كان رستم
غزالي شخصاً آخر، لم يكن يصرخ، لم يكن
يهدد، عندما كان غازي كنعان قاسياً مع
الحريري، كان رستم غزالي يأتي ويقول له:
لا تخف، نحن كلنا أصدقاء، فكان والدي يعرف
أن هذا نوع من توزيع الأدوار، وكان والدي
يقدم له المساعدة ويعطيه المال».
وتابع: «التقيت رامي مخلوف ونحن نحاول قدر
المستطاع أن نحسن العلاقة بين والدي وبشار.
كان هناك شخص يدعى طه، هو شقيق نجيب
ميقاتي رئيس الوزراء، وأعتقد انه لم يلعب
دوراً إيجابياً، كان بإمكانه لعب دور
إيجابي أكثر بكثير، لكنه لم يفعل». المحقق:
«طه ميقاتي ورامي؟» الحريري: «رامي على ما
أعتقد، كل ما كنت ألتقيه وأحمل رسالة من
والدي إلى بشار، كانت الأمور تجري على ما
يرام، كان ينقل رسالة وكانت هناك إيجابية،
ولكن عليك أن تتذكر أنه عندما أصبح بشار
رئيساً، لم يعد يريد أن يلتقيني، فصار
رامي صلة وصل بيني وبين بشار وأيضاً بينه
وبين والدي. وحاول والدي فتح علاقة مع
بشار، حاول ذلك ولكن من خلال إقناع بشار
أنه بإمكاننا فعل الكثير معاً، ولكن من
غير كل هذا الفساد الذي يحصل في لبنان،
وما إلى ذلك، في البداية سارت الأمور على
ما يرام، ولكن على ما اعتقد بسبب التقارير
التي كانت ترفع من جميل السيد واميل لحود
وكل المحبين من أمثال ناصر قنديل وكل
الذين يكرهون والدي بالإضافة إلى حزب الله
ونبيه بري، الذين لم يكونوا يريدون
للعلاقة أن تتحسن، وكان من مصلحتهم
السياسية ألا يتقارب رفيق الحريري وبشار
الأسد، وهذه كانت أيضاً مصلحة آصف شوكت،
لأنه كان يرى في الحريري تهديداً أمنياً
واستراتيجياً لسورية، لأن والدي عندما كنت
أذهب معه إلى سورية، كانت الناس تلوح له
في الشارع، وهذا أمر لا يجب أن يحدث في
سورية، خصوصاً مع رئيس وزراء سني. هذا
الأمر مثل تهديداً للسوريين، وجود رئيس
وزراء سني قوي هو أمر لم يعجبهم على
الإطلاق».
وتابع: «بدأت أشعر أن لدى بشار الأسد
مشكلة... كل ما كنت اذهب إلى سورية لم أكد
أرى صور والده.. شعرت أن لديه شيئاً ما ضد
والديه... وكما تعلم فإن بشار الأسد أصبح
رئيساً في عمر الـ39، وعندما أصبح رئيساً
ذهب إلى أول قمة عربية كرئيس لسورية،
وأعطى محاضر للملوك والرؤساء الذين
يتربعون على مناصبهم منذ 15 عاماً،
واستفزني لأنك يا غبي أقل ما تستطيع فعله
هو ألا تعطي الرؤساء محاضرة في القومية.
كان يريد إثبات ذاته، لكنه لم يفعل ذلك
بشكل إيجابي، بل على العكس كان فوقياً،
ويتحدث بمنطق: أنا أعرف أكثر منكم».
الحريري وأمنه
المحقق: «برأيك هل يوجد أحد من المقربين
إلى والدك كان ممكناً أن يسرب معلومات إلى
الآخرين، إلى العالم الخارجي، إلى الأشخاص
المهتمين بنشاط والدك؟». الحريري: «من
الأشخاص المقربين جداً؟» المحقق: «نعم».
الحريري: «أنت تعلم أن منزلنا كان كالقطار
إلى حد ما، الكثير من الصحافيين كانوا
يدخلون ويخرجون وكان يوجد أشخاص يعلمون
انك تعلم من هم، كسمير منصور الذي كان
يجلس لخمس أو ست ساعات، ثم يكتب تقارير
لجميل السيد عن الأشخاص الذين يأتون إلى
القصر. أعتقد أن الأشخاص المقربين من
والدي والذين من الممكن أن يسربوا معلومات
عنه... إذا راودني الشك في أحد أشك في شخص
كنهاد المشنوق، وهو كان مستشار والدي ومن
الإعلام فضل شلق. لا أشك بهاني حمود أو
عبد (العرب) أو وسام أو أبو طارق. أؤمنهم
على حياتي كما فعل والدي، ودفعوا ثمناً،
أبو طارق دفع ثمن، وسام لديه أعداء كثيرون،
تعلم في محيط والدي وكذلك هاني. عبد
بالطبع لا، ولكن الآن العقلية مختلفة،
تعلم لم يكن هناك الوعي الأمني الذي يوجد
اليوم، يعني أبو طارق كانت علاقته مع أغلب
السوريين، عبد كانت علاقته مع عباس
إبراهيم الذي كان من ضمن فريق أمن الحريري،
والذي يظهر عداءً تجاهنا. عباس ابراهي على
العكس، ولكنه يعلم كيف يعمل فريق أمننا،
وعلي الحاج تعلم قصة علي الحاج». المحقق:
«كيف يمكن أن تتأكد من أنهم أوفياء وأنت
كنت في أغلب الوقت في السعودية». الحريري:
«من هؤلاء الأشخاص؟». المحقق: «نعم، وأنت
تعلم أننا جميعاً بشر ولدينا نقاط ضعف،
وفينا قابلية السقوط، فكيف يمكن أن تكون
متأكداً. تعلم من الأعمال التي يقوم بها
الشخص... هل من الضروري أن تسجل هذا
الكلام».
الحريري: «هل فتح الجانب السوري تحقيقاً
مباشرة بعد اغتيال والدي؟ أو حاولوا كشف
وقائع من قتل الحريري؟ أو من حاول اغتيال
مروان حمادة؟ لا شيء... في الواقع حول
قضية مروان حمادة... باسم السبع... في أحد
الاجتماعات كان والدي موجوداً وباسم السبع،
واسألوا.. لا أتذكر التفاصيل... لكن رستم
غزالي قال لباسم (السبع) «لا تقلق باسم
السبع لن نفعل بك ما فعلناه بمروان حمادة.
وفي الأسابيع الثلاثة الأولى بعد اغتيال
والدي كانوا يتصرفون كأن شيئاً لم يحدث أو
بالأحرى كانوا وقحين، فمثلاً بشار الأسد
لم يتصل حتى». المحقق: «هل يمكن أن تشرح
لنا طبيعة العلاقة بين والدك وعبدالحليم
خدام؟». الحريري: «والدي لم يكن يحب فاروق
الشرع، فاروق الشرع كان شخصاً لا يشعر
والدي بالود تجاهه. على الرغم من أنه تحمل
تكاليف علاجه عندما جاء من دمشق إلى
الجامعة الأميركية من أجل العلاج، وكان
والدي متوتراً جداً وطلب من أطبائه
الخصوصيين الإشراف على عملية علاجه...
وكانوا أفضل الأطباء، ولكن فاروق الشرع
كان لديه دائماً مشاكل سياسية مع والدي.
حتى في أيام حافظ الأسد، وحينها لم يكن
على والدي أن يقلق، لأن عبدالحليم خدام
كان حينئذ هو المسؤول وليس الشرع».
المحقق: «قلنا إن والدك لم يلتق ماهر
الأسد بحياته، وماذا عن آصف شوكت».
الحريري: «آصف شوكت لا أعتقد أنه التقى
والدي في الماضي، ولكنه (آصف) لم يحب
والدي أبداً. وأغلب المشاكل التي كانت
تحصل معنا كانت من آصف شوكت. وأيضاً آصف
كان رجلاً سفاحاً، وأعرف ذلك ليس فقط مما
سمعته في لبنان، ولكن أيضاً هناك أشخاص
تعاملوا معه في الاستخبارات، مرة كنت أجلس
مع شخص في الاستخبارات الباكستانية، وكان
ذلك بعد اغتيال والدي، وقال لي إنه التقى
آصف شوكت وكان شوكت يجاهر بأفعال التعذيب
التي كان ينفذها». |