بعد وجبة الغداء التي أُعدت في المنزل
بدأ وليد وأفراد عائلته يعانون بالتدريج
من ألم في المعدة، ليكتشفوا فيما بعد أن
السبب هو (رب البندورة) المستخدم في طهي
الطعام، ولكن لم يكن (رب البندورة) منتهي
الصلاحية فلم حدث ذلك؟
ذكر وليد أن أحد المحال التجارية في الحي
يبيع سلعه الغذائية بأسعار أرخص من بقية
المحال، ولذلك يشتري منها العديد من الناس،
وكانت علبة (رب البندورة) من هذه
المشتريات، ولكن لم يعتقد أنها ستسبب
الأذى لأنها أقل سعراً.
إلا المواد الغذائية:
يتبارى الكثير من الباعة بتخفيض أسعار
سلعهم على اختلاف أنواعها، ويؤكد العديد
من المواطنين أنهم على استعداد لشراء
السلع الأرخص إلا ما كان منها يتعلق
بالأطعمة والمواد الغذائية، بسبب خوفهم
على صحتهم وصحة أولادهم، لأن الواقع كما
يصفون أثبت أن المادة الغذائية التي تُباع
بسعر أقل من سعرها المعتاد إما مغشوشة أو
تحتوي على شيء يضر بالصحة وتسبب أمراضاً،
فلم تعد مسألة الغش تقتصر على تشويه
المنتج، بل أصبحت وسيلة ترويج، وعلى سبيل
المثال (بائع الحليب) يضيف الماء إلى
الحليب لا لكي يغش فحسب بل لكي ينافس
بائعاً آخر بثمن الحليب، فيبيع الحليب
المغشوش بسعر أرخص بحجة أنه اكتفى بربح
بسيط، بينما يحصل على أرباح أكبر من تلك
التي يحصل عليها بائع آخر لم يغش وباع
كيلو الحليب بسعر أغلى من سابقه، ومن جهة
أخرى يفضل الشاب يوسف على حد قوله ألا
يأكل اللحم لعام كامل على أن يشتري ذلك
اللحم المستورد رخيص الثمن، لأنه لا يثق
بعدم فساده، ويؤيده كثيرون بذلك إلا أن
كثيرين أيضاً يقعون ضحية اللحم الرخيص
وغالباً يندمون على ما يشترونه.
شراء الأرخص لأسباب مادية:
بالنسبة للمواد الأخرى، من مفروشات وأدوات
كهربائية وبلاستيكية وحاجات منزلية
ومكتبية وحتى الملابس فإنها تتعرض لتقييم
مختلف من قبل المواطنين، فالبعض يشتريها
مع أنه يشتكي منها بعد فترة قصيرة بالقول:
(ليتني لم اشتره لأن سعره أقل، فقد تعطل
بعد يومين، دفعت ثمن تصليح هذه القطعة
أكثر من ثمن شرائها، غشني هذا البائع
وأعطاني بسعر منخفض ولكن جودة السلعة
رديئة.. إلخ) وتذمرات لا تنتهي، والمدهش
أننا نعود ونرى كل أولئك يعاودون الكرة،
ويشترون كل رخيص مع علمهم بسوء صنعه، يقول
أبو أحمد إنه يشتري الأرخص لأسباب مادية
فقط، وبأنه لو شعر ببحبوحة لاشترى الأغلى
عملاً بالمثل الشعبي القائل: (الغالي حقو
معو)، وهذا حال كثيرين.
أقل سعراً.. أكثر ضرراً:
البضائع الصينية بكافة أنواعها اكتسحت
السوق السوريّة، وغطت كل حاجات الأسرة
السورية، وتكلمنا عنها كثيراً وعن مؤيديها
الذين يرون بأسعارها منفذاً للعائلات
الفقيرة ولذوي الدخل المحدود وبين
معارضيها خاصة من الباعة والتجار الذين
أثرت سلباً على منتجاتهم وأسعارهم، لكن من
جهة أخرى ذكر كثيرون أن هذه البضائع
الرخيصة الثمن قد تحتوي على مواد ضارة
تؤذي الجسم لدى ارتدائها أو استخدامها
خاصة المصنوع منها من مواد بلاستيكية قد
تحوي مواداً مسرطنة، ولكن لم يتم تأكيد
هذه الأقاويل من قبل وزارة الاقتصاد
وحماية المستهلك، ولكن ذلك أمر بالغ
الأهمية يجب الحذر منه، ولذلك نطلب من
وزارة الاقتصاد تحليل كافة المواد التي
تدخل وبشكل مستمر، وليس تحليل مادة ما
وإدخال البقية دون تحليل.
(هدية).. ولكن؟
العروض الخاصة التي يحصل فيها المستهلك
على قطعة ثانية مجاناً أو على هدية ما،
يعتقد المواطن أنه دفع ثمناً أقل عند
حصوله على قطعتين بسعر قطعة واحدة، ولكن
سرعان ما يعلن عدم رضاه عن المنتج، وأنه
بدفعه ثمناً رخيصاً اختزل جودة المنتج
الذي تستر خلف عرض مغرٍ للمستهلكين.
رغم هذا يبقى الازدحام سيد الموقف أمام
البسطات التي افترشت الأرصفة وصرخ أصحابها
يعلنون عن أسعارها الخيالية المنخفضة ،
وبات الجميع يدرك حقيقة الأمر، ولكنهم
يشترون مرات ومرات ويقعون في نفس المشكلة
ألا وهي أنها بضائع مستوردة لكنها بعيدة
كل البعد عن ما يسمى بمواصفات ومقاييس
عالمية، ومع أنها تصل إلى المستهلك بسعر
زهيد جداً، إلا أن مستوردها يحصل عليها
ويدفع (10 %) مما يدفعه الزبون ثمناً لها،
لذلك علينا أن ندرك قيمة ما نشتريه أو
بالأحرى ما نرميه من نقود ثمناً لأشياء
قلما نستفيد منها.
المنتج الصيني سيئ:
عندما يقرر المواطن أن يشتري منتجاً ما
يفكر بالبحث عن منتج غير صيني، لإدراكه أن
المنتج الصيني سيئ، ولكن سرعان ما يكتشف
أن ما اشتراه حتى ولو لم يكتب عليه صنع في
الصين، عبارة منتج صيني بكل معنى الكلمة
لأن المواد الصينية تدخّلت في صناعته،
فالصين تعتبر من أضخم الدول المنتجة
وبضائعها تعم الأسواق العالمية، ولكن
المستورد السوري سمح لنفسه باستيراد
منتجات فقدت العديد من مزاياها ومواصفاتها
ليحصل عليها بسعر أقل ويبيعها بسعر أقل،
وبالتالي تصل إلى المستهلك الذي يجزم فيما
بعد أن كل ما هو صيني سيئ، ولكن هذه
النظرة خاطئة، والمستورد هو السبب في تلك
الفكرة. |