|
عندما
أدى اليمين الدستورية رئيسا لسورية في
السابع عشر من يوليو عام 2000 بعد وفاة
والده حافظ الأسد لم يتبادر إلى ذهن
الكثيرين أن بشار الأسد هذا الشاب اليافع
طويل القامة سيظل في السلطة لسنوات عدة.
تولى بشار الأسد منصبه وهو يبلغ 34 عاما
بعد أن تم تعديل الدستور خصيصا لتمكينه من
تولي منصب الرئاسة وهي السابقة الأولى
لتوريث السلطة في دولة من الدول المفترض
أنها ذات نظام جمهوري في المنطقة.
الجميع في سورية كان يعلم أن خليفة الأب
حافظ الأسد هو الشقيق الأكبر لبشار ، باسل
الأسد الذي تم تجهيزه وإعداده لتولي منصب
الرئيس ولكن وفاته المفاجئة في حادث سير
عام 1994 كانت نقطة تحول دفة الخلافة
لصالح بشار الذي تم استدعائه على وجه
السرعة من لندن حيث كان يعمل طبيبا
بمستشفى ويسترن آي.
وها قد مرت عشر سنوات على مراسم تسلمه
السلطة ومايزال بشار الأسد رئيسا لسورية
بل إنه أقوى من أي وقت مضى وبخاصة مع عدم
وجود أي تهديد له في السلطة في الوقت
الحالي.
ربيع دمشق
اتسمت بداية عهد بشار الأسد بما وصفه
البعض بالهدوء والتأني انعكاسا لما ألمح
إليه في خطاب تنصيبه ببداية عهد جديد من
الانفتاح والاصلاح.
التلميحات الذي تضمنها خطاب بشار دفعت
شخصيات معارضة وجبهات الانفتاح بموافقة
السلطات إلى عقد حلقات نقاش واجتماعات في
تطور لم يسبق له مثيل مما دفع البعض إلى
إطلاق اسم "ربيع دمشق" على هذه الفترة.
ولكن لم يدم الوضع سوى عدة أشهر حتى عاد
لما كان عليه في السابق فقد تم منع انعقاد
الاجتماعات وتم اعتقال المعارضين والزج
بهم في السجون لعدة سنوات.
ظن
الكثيرون أن الزعيم الجديد سيكون "أسيرا"
للحرس القديم الذي أحاط بوالده حافظ الأسد
ولكن بشار أطاح بهذا الحرس وجاء بحرسه
الجديد وبينهم شقيقه الأصغر ماهر الأسد
وزوجة شقيقته آصف شوكت اللذين توليا مناصب
قيادية في السلطة.
وكانت أعمال العنف التي قامت بها جماعة
الإخوان المسلمين أكبر خطر هدد سلطة حافظ
الأسد الذي كان يحكم باسم حزب البعث تحت
سيطرة الطائفة العلوية التي ينتمي إليها
الأسد وقمعت السلطة التمرد دون رحمة في
ثمانينات القرن الماضي.
ومنذ تولي بشار السلطة استمرت الأوضاع كما
كانت باستثناء بعض الحوادث المتفرقة ورغم
انتقادات الولايات المتحدة له بالسماح
بعبور مسلحين سنة إلى العراق عبر الحدود
السورية لقتال قوات التحالف الدولي في
العراق.
فشلت المعارضة في عهد بشار في الظهور على
الساحة وذلك على الرغم من وقوع حالات
الانشقاق والعداء بين كبار الشخصيات في
السلطة عام 2005 كان أبرزها انشقاق عبد
الحليم الخادم الذي كان واحدا من الشخصيات
المقربة للرئيس حافظ الأسد بل وذراعه
الأيمن على مدار عقود حتى وصل به الأمر أن
تولى منصب نائب الرئيس.
بدأت الولايات المتحدة تمارس ضغوطها على
سورية في أعقاب الغزو الأمريكي للعراق حيث
ألمحت واشنطن أن موازين القوى في المنطقة
قد تغيرت وأن سورية يمكنها أن تكون الدولة
القادمة على قائمة الدول التي تسعى
الولايات المتحدة لتغيير النظام الحاكم
بها وهو الاتجاه الذي وقف ورائه المحافظون
الجدد داخل إدارة بوش.
تحديات كبيرة
المستقبل يحمل كثير من التحديات لبشار
الأسد سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي
فالمنطقة قد تشهد حربا محتملة بسبب
البرنامج النووي الإيراني الذي يقول عنه
الغرب إنه لأغراض عسكرية كما تواجه سورية
ذاتها اتهامات بتسليح حزب الله اللبناني
بصواريخ سكود وهو مانفته دمشق.
وداخليا هناك العوامل الاجتماعية
والاقتصادية ، وعلى الرغم من خطوات
الاصلاح الاقتصادي التي حدثت في سورية في
عام 2005 لتحرير مناخ الاستثمار والأعمال
إلا أن معدلات الفقر والبطالة شهدت
ارتفاعا ملحوظا نتيجة لسيطرة الفساد على
مناخ الاقتصاد.
وتزامنا مع الاحتفال بالعام العاشر لبشار
الأسد في الحكم أصدرت منظمة هيومن رايتس
ووتش تقريرا بعنوان " العقد الضائع".
وذكر التقرير أن " الأجهزة الأمنية في
سورية تقوم باحتجاز المواطنين بدون أوامر
ضبط أو أوامر قضائية وتعذبهم" وأضاف
التقرير أن " الرقابة في سوريا مشددة على
المواقع الاجتماعية على شبكة الانترنت مثل
فيسبوك ويوتيوب والمدونات".
بالرغم من هذا كله فإن بشار الأسد مايزال
يشدد قبضته على السلطة في سورية بل وزادت
ثقته عما كانت عليه في أي وقت مضى وبخاصه
مع دخوله العقد الثاني في الحكم.