تحضر التوجيهات، وتغيب الرؤية الشمولية،
النوايا طيبة، ولكن ينقص العزم، وحتى
اليوم كلّ الأفكار القابلة للتطبيق لم
تخطر بعد على بال من يخطّط للمستقبل
القريب في مختلف المشاريع، أو بالأحرى لم
تستقر على سلّم أولوياته، ولم يعد معروفاً
بعد المختبر الذي تخرُج منه الحلول، ومن
الذي يقرّر أنّ حلّ هذه الأزمة، أو تلك،
سيكون في وضع تحويلة أو تغيير اتجاه السير..
فالحوادث الطرقية التي تحدث على طريق حمص
ـ السلمية ـ الرقة) باتت حالة مأساوية
اعتيادية، بحيث يطلق عليه سكان هذه
المناطق الآن طريق الموت، بسبب عدد
الحوادث الأليمة والكثيرة التي تحدث عليه،
وما يُؤسف له أنّ الضحايا تكون، في الغالب،
عائلات؛ أي جماعيّة أكثر منها فردية، وما
يثير القلق أنّ هذا الطريق لا يوجد بديلاً
له، حيث إنّه الطريق الوحيد الذي يصل إلى
الرقة عبر منطقة السلميّة، ومواصفات هذا
الطريق لا تناسب أبداً السفر الآمن؛ لأنّه
طريق ذو اتجاهين وضيّق، وللشاحنات الكبيرة
الحصّة الأكبر في الترنّح على الطريق،
وبسرعة زائدة؛ لأنّه يتصرّف وكأنّه (ملك
الطريق)، وممنوع على أحد تجاوزه أو تغيير
مسار طريقه، وهذا ما يسبّب الحوادث
القاسية، التي يذهب ضحيّتها العشرات كلّ
عام.
الوضع الحالي ـ كما يبدو ـ خارج حسابات
المواصلات حتى هذه اللحظة، فإيجاد الحلّ
المناسب صعبٌ للغاية، وحصيلة ارتفاع
الحوادث تزداد يوماً بعد يوم، فآخر حادث
كان منذ أيام، حيث لقي 7 أشخاص؛ بينهم 3
أطفال من عائلة واحدة، حتفهم، وأصيب شخصان
آخران في حادث تصادم مروّع بين شاحنتين
على هذا الطريق، ويبدو أنّ هذا الطريق،
لأنه صحراوي في نظر الجهات المعنية، لا
يستحقّ العناية.
حان الوقت لوقف سفك الدماء على هذا الطريق..
وبالتالي حان الوقت لحلّ جذريٍّ، بعيداً
عن الوعود والخطط التي ترحّل من عام إلى
عام، أم أنّ الجهات المعنية لم يكفها بعد
الأرواح المهدورة على هذا الطرق، فصدّقت
أنّه طريق الموت، وتعاملت مع الأمر وكأنّه
قضاء وقدر، وليس تقصيراً يستوجب عقابها
ومحاسبتها على إهماله. |