|
ما فتئت القنوات الإعلامية الأسبوع
الماضي تبث هذا التسجيل الذي يظهر مجموعة
من ضباط الجيش بصدد إهانة سكانا تم
اعتقالهم في قرية البيضاء، شمال سوريا.
وما كان رد الإعلام السوري على الأمر إلا
ادعاء أن التسجيل تم تصويره في العراق. ما
دفع بمعارضين إلى الذهاب على عين المكان
قصد تسليط الضوء على حقيقة هذه الصور.
نادرة هي التسجيلات الصحفية التي تحظى بها
القنوات التلفزيونية لتغطية أحداث سوريا
في هذا البلد الذي امتهن التعتيم الإعلامي.
فمنذ أربعة أسابيع والفضائيات تداول
تسجيلات هواة من تصوير أهالي البلد كشهادة
وحيدة على خطورة الأوضاع هناك. أما عن
الإعلام السوري، فما فتئ يردد الخطاب
الرسمي، واصفا المتظاهرين بعناصر الشغب أو
المجرمين وموجها أصابع الاتهام إلى هيئات
خارجية لا تريد بالبلاد خيرا.
في هذا التسجيل الذي تعود أحداثه إلى يوم
12 أبريل/نيسان، أي عند دخول رجال الأمن
إلى قرية البيضاء التي تبعد سبع
كيلوميترات عن بانياس (شمال غرب دمشق)،
يظهر هؤلاء وهم بصدد إهانة مجموعة من
المعتقلين في ساحة القرية.
وقد أنكر الإعلام السوري صحة هذه الصور
مدعيا أنه تم تسجيل هذا المقطع في العراق.
ما دفع باثنين من رواد انترنت إلى
الانتقال على عين المكان لتصوير الساحة
التي وقعت فيها هذه الأحداث.
"إننا لا ندعي امتلاك الأساليب الصحفية،
لكن غياب الإعلام –أو تغييبه- يدفعنا إلى
تحمل مسؤولية نقل الخبر"
هاني يقطن بانياس.
شاهدنا التسجيل الأول لمعتقلي البيضاء يوم
الثلاثاء الماضي على الشبكة. شخصيا، لم
أشكك في صحته إذ لي أقرباء هناك وأعرف
القرية جيدا، كما جاءني نبأ ما حصل بعد
تدخل قوات الأمن.
لم أصدق ما بثته القناة السورية من تشكيك
في صحة هذا التسجيل، مدعية أن هذه الأحداث
وقعت في العراق. كما لم يتردد مساندو نظام
الأسد في الظهور على القنوات الفضائية
وادعاء أن المقطع مفبرك. صحيح أننا تعودنا
هذه الخطابات من الإعلام السوري الرسمي،
لكن كان باستطاعتنا هذه المرة أن نبرهن
على كذبه.
ذهبنا إلى مكان الأحداث حاملين معنا
كاميرا تصوير. بدأنا
بالتصوير من مدخل القرية حتى يتبين للجميع
أننا فعلا في البيضاء. ثم توجهنا إلى ساحة
القرية وصورنا من نفس الزاوية التي
صورت منها الأحداث في التسجيل الأول. يكفي
المقارنة بين المقطعين للتثبت من أن إهانة
المعتقلين تمت فعلا في ساحة البيضاء،
فالقرميد وواجهات المحلات هي ذاتها.
تحدثنا كذلك مع الأهالي وسجلنا
شهادة أحد
السكان الذين اعتقلوا الأسبوع الماضي.
إننا لا ندعي امتلاك الأساليب الصحفية،
لكن غياب الإعلام –أو تغييبه- يدفعنا
إلى
تحمل مسؤولية نقل الخبر.
أصبح السوريون اليوم أكثر وعيا بأهمية
الدور الذي يلعبه انترنت في الأحداث التي
نعيشها، سواء كان ذلك للاطلاع على الخبر
أو لنشره. يوم الأحد [17 أبريل/نيسان]
مثلا، طلبت من أخي في طرطوس أن يقتني لي
خطا 3G لكن الأمر تعذر عليه لقلة العرض
وكثرة الطلبات !"