|
أكد المعارض السوري عارف دليلة «أن
النظام السوري يعتقد انه ما زال يمسك
بجميع الخيوط ويتصرف وكأنه الوحيد في
الساحة»، معتبراً «ان السلطة عندما تحاور
مَن تنتقيهم كأنها تحاور نفسها من دون
مراعاة القوى الفاعلة على الأرض»، معلناً
«لا بد من التوقف عن العنف والعمليات
العسكرية ووقف الاعتقالات وفتح المجال
أمام الحل السياسي»، ومؤكداً انه «لا يمكن
قضم المعارضة في سورية بعد اندلاع الثورة».
«الراي» اتصلت بـ دليلة الذي شغل منصب
عميد كلية الاقتصاد في «جامعة دمشق» وحاضر
في جامعات عربية وعمل مستشاراً اقتصادياً
في الكويت بين 1981- 1986، وأجرت معه هذا
الحوار:
• دعا النظام المعارضة الى الحوار. ما هو
موقفكم من هذه الدعوة؟ وهل ثمة رأي موحد
يجمع كل المعارضين؟
- هناك تعدد واسع في المواقف حول هذه
المسألة. فريق من المعارضة يرفض كلياً أي
حوار، وبين هؤلاء من يدعون الى التدخل
الدولي على طريقة ليبيا، وهناك من يكتفي
بالتدخل السياسي على المستوى الدولي، وهذا
الموقف تتبناه قوى المعارضة في الداخل
والخارج. أما الفريق الثاني، فيبحث عن
مخارج أخرى بينها الحوار مع رأس السلطة،
لكن ثمة مشكلة تكمن في الاختلاف حول
التفاصيل ومَن الذي سيتحاور مع السلطة
وكيف ومتى ومن الذي يحدد أجندة الحوار مع
أهمية المهلة المعطاة لهذا الحوار. وهذه
المسائل تفصيلية بين مختلف الأطراف،
والحاسم في الموضوع موقف السلطة نفسها
التي تعتقد أنها ما تزال تمسك بجميع
الخيوط، وأنها وحدها القادرة على تحديد
جميع التفاصيل وتحديد الأشخاص والموضوعات،
وبالتالي فإن النتائج معروفة سلفاً. وطبعاً
لا يمكن القبول بهذا الأمر، لأنه يعني
فعلياً العودة الى نقطة الصفر والدوران في
حلقة مفرغة، فالسلطة عندما تتحاور مع من
تنتقيهم كأنها تحاور نفسها، ولا تأخذ في
الاعتبار القوى الفاعلة على أرض الواقع،
وهذا ما نطالب به. ولهذا قبل كل شيء لابد
من التوقف عن العنف والعمليات العسكرية
ووقف الاعتقالات وفتح المجال أمام الحل
السياسي.
• البعض يرى وجود ازواجية في تعامل النظام
مع الحركة الاحتجاجية، من جهة يدعو الى
الحوار ومن جهة ثانية يقمع المتظاهرين. ما
تفسيركم لهذه الازدواجية؟
- النظام يتصرف على عادته وكأنه الوحيد في
الساحة وفي البلد، وكأنه لا يوجد شيء اسمه
الآخر. وهنا يكمن مصدر الأزمة منذ عقود.
وحتى اليوم لا يوجد في البلاد إلاّ السلطة
وحدها، ومن الطبيعي ان نلاحظ هذه
الازوداجية التي لم تحقق إلاّ السلبيات
التي تطفو على السطح في كل مكان وفي كل
المجالات السياسية والاقتصادية
والاجتماعية والأمنية، وإلا ما الذي جرنا
الى الأحداث الراهنة لو كانت الأمور
تعالَج بالعقل الصحيح، وتأخذ في الاعتبار
الآراء الاخرى التي كانت السلطة مضطرة على
الاعتراف بها وتداول الرأي معها.
• هل توافق القائلين بان السلطة تحاول قضم
المعارضة والحركة الاحتجاجية بشكل تدريجي؟
- بعد اندلاع الثورة لم تعد قادرة على
تحقيق ذلك. قبل الانفجار كان هناك معارضات
مؤلفة من أحزاب سياسية وتجمعات وشخصيات،
وهؤلاء تعرضوا للاستبعاد والتهميش والحصار،
ونتيجة هذه الممارسة حصل الانفجار. وبعد
الذي جرى في دول عربية أخرى كمصر وتونس،
كان من الطبيعي أن تنطلق الحركة الاحتاجية
في سورية، فالانفجار كان متوقعاً وحتمياً،
لسبب أساسي يتمثل في وضع النظام سداً
عالياً أمام حركة التقدم وطموحات الشعب.
ليس بالامكان قضم المعارضة، المطلوب الآن
بشكل ملح الاعتراف بالآخرين على اختلافهم،
وبالتالي العودة الى المواطنية التي
يتساوى فيها جميع المواطنين بغض النظر عن
مواقعهم.
• ما تفسيركم لحركة النزوح السوري في
اتجاه شمال لبنان. وهل صحيح ما يشاع عن
قمع مذهبي يتعرض له أهالي بلدة تلكلخ؟
- من الطبيعي حين يقع العنف أن يبحث الناس
عن ملجأ. ما يحدث هو نوع من الهروب الى
الأمن، وبالطبع هذا الهروب هو نتيجة القمع.
المشكلة الآن تكمن في تحول القمع السياسي
الى شعار قمع «الحرب» في بعض المناطق.
وهذا القمع السياسي لا يبرر العمليات
العسكرية، وإذا اخذنا الفرضية التي
تبنّتها السلطة حول وجود متآمرين، فإن لدى
السلطة من الأجهزة ما يكفي للتعامل مع
هؤلاء بطريقة ابسط بكثير.
• في مصر وتونس حسم الجيش موقفه بالوقوف
مع الحركة الاحتجاجية، والبعض يرى أن
الجيش السوري عقائدي وغير قادر على اتخاذ
موقف يشبه الى حد ما موقف الجيش في مصر.
ما رأيك في ذلك؟
- هذه المسألة معقدة في شكل عام بغض النظر
عن الاختلاف بين طبيعة الجيش، لكن الشيء
الاساسي في العالم العربي ان الجيش هو في
يد السلطة. الجيوش ليست مهمتها التعامل مع
المواطنين المختلفين مع السلطة، وعلى هذا
يجب أن يتعامل أي جيش مع المواطنين بشكل
حضاري وليس بتبني موقف سياسي.
• التظاهرات تتكرر في مناطق معينة. ماذا
عن العاصمة دمشق وهل تتوقعون انضمامها الى
الحركة الاحتجاجية في شكل أوسع؟
- التظاهرات في سورية انتشرت في كل
المناطق بإستثناء قلب مدينتي دمشق وحلب،
ولكن وجهة نظري تقول، حتى لو افترضنا أن
لا وجود للحركة الاحتجاجية في دمشق فهذه
المسألة لن تغير في جوهر المشكلة، فالأزمة
موجودة منذ زمن طويل، وهي تتعمق يوماً بعد
يوم، بسبب مظاهر التخلف والعجز. المثقفون
السوريون كانوا دائماً يرصدون مظاهر العجز،
ولم نكن بحاجة الى تظاهرات، وبعد اليوم لا
يمكن الاختفاء وراء اي ادعاءات.
• ما تفسيرك للتحرك الفلسطيني في الجولان
في ذكرى 63 للنكبة؟ وهل ثمة رسالة يريد
النظام ارسالها الى المجتمع الدولي؟
- جميع من حاولوا تفسير ما حدث في ذكرى
النكبة تساءلوا عن التوقيت، لماذا على مدى
الاعوام السابقة لم يحصل شيء واليوم وقع
هذا التحرك؟ الكل يُجمع على مركزية القضية
الفلسطينية في سورية، والشعب مستعد لتحرير
الاراضي المحتلة. وإذا كانت السلطة تريد
ذلك فالشعب السوري يريد تحرير أراضيه
المحتلة. الشيء المستنكر انه عندما يسمع
البعض صراخاً إسرائيلياً يؤكدون ان هناك
اعتداء على اسرائيل. أي اعتداء تتحدث عنه
اسرائيل وهي تحتل أراضينا في فلسطين
وسورية؟ |