هل تتحدث المعارضة السورية بصوت موحد؟
للإجابة على هذا السؤال أجرت دويتشه فيله
حواراً مع حسن عبد العظيم من هيئة التنسيق
الوطنية التي تمكنت، بحسب قوله، من توحيد
حوالي 70% من أطياف المعارضة السورية.
دويتشه فيله: لقد اجتمع ممثلو المعارضة في
دمشق. ألم يكن عليكم تضييق في حرية
الاجتماع، أم أنه أصبح هناك هامش من
الحرية والإصلاح في سوريا؟
حسن عبد العظيم: تعودنا في هيئة التنسيق
الوطنية أن نعمل علناً، فنحن لا نتآمر،
ولا نرتب للتغيير بالعنف، وليس لدينا ظاهر
وباطن. نحن أعلّنا اجتماعاً للهيئة
التأسيسية في منزلي بدمشق، ودعونا أربعة
وستين شخصية تمثل الأحزاب السياسية
والشخصيات الوطنية والتحالفات إلى مجلس
وطني. وأعلنا أننا سنقوم بمؤتمرنا الوطني
في مكان خاص في مزرعة في ضواحي دمشق،
وعقدناه بالفعل وأصدرنا وثيقتنا السياسة.
الأمن لم يمنعنا ولم يتدخل، لكننا لم نطلب
إذناً أيضاً. ونحن أقمنا مؤتمرنا في
الداخل وهناك مؤتمرات تحدث في الخارج أيضاً،
والسلطات هنا أمام أحد أمرين: فإما أن
تتصدى لمنعنا، وذلك يشجع انعقاد المؤتمرات
في الخارج. والسلطات السورية تخاف من
المؤتمرات في الخارج. كما أنها تكون في
هذه الحالة أمام فضيحة دولية من خلال
كلامنا في الإعلام عن منعنا، وهو ما يضع
السلطات أمام حرج شديد عربياً وإقليميا
ودولياً؛ وإما أن تسكت السلطات وتتغاضى
رغم أننا لم نتقدم بطلب إذن. الأمور جرت
بسهولة وسلاسة. كما أن السلطة تريد إعطاء
الانطباع بأنها تتغاضى عن معارضة الداخل
التي ليس لها ارتباط بالخارج.
ما هو الفرق الجوهري بين معارضة الداخل
والخارج؟ ما هي أوجه الاختلاف؟
الأصل أن المعارضة الوطنية السورية في
الداخل والخارج واحدة. معارضة الخارج هي
امتداد لمعارضة الداخل وجزء منها. ووجود
المعارضة في الخارج يكون سببه نفيها
إجبارياً من داخل الوطن أو الملاحقة
السياسية، وقد يكون وجود المعارضين
السوريين في الخارج بحكم الإقامة والعمل
كأساتذة جامعات مثلاً. ولكن، هناك اتجاهان:
اتجاه يريد أن تكون قيادة المعارضة وثقلها
في الخارج، والاتجاه الذي تمثله الهيئة
التنسيقية الوطنية، وهو يريد أن تكون
قيادة المعارضة في الداخل، وأن تكون
قيادات ومعارضة الخارج جزءاً من معارضة
الداخل. الاتفاق في الرؤية السياسية ينبغي
أن يواكبه اتفاق في الرؤية التنظيمية.
إلى أي مدى تتفق معارضة الداخل مع معارضة
الخارج؟
معارضتا الداخل والخارج هما معارضة واحدة
وموحدة. نحن لا نقبل التدخل العسكري
الخارجي لأنه مدمر. وبقدر ما نرفض
الاستبداد والفساد وحكم الحزب الواحد،
فإننا نرفض في ذات الوقت الاحتلال أو
العدوان العسكري؛ وبالتالي من يريد التدخل
الخارجي لا نقبله، ولا نتوحد معه أبداً.
الرؤية المشتركة لأطياف المعارضة يحب أن
تحتوي على الحد الأدنى من الرؤية المشتركة
على الأقل. في نفس الوقت هناك من قد يميل
إلى تسلـُّح الانتفاضة كرد فعل، لكننا نصر
على سلمية الانتفاضة الشعبية وعلى عدم
الانجرار إلى العنف.
ما هي أهم العوائق التي تقف أمام توحيد
صفوف المعارضة في الداخل والخارج؟
قبل بضعة أشهر تأسست الهيئة التنسيقية
السورية في دمشق لتوحيد جهود المعارضة
السورية في الداخل والخارج، وبعض الأطراف
رفضت حضور الاجتماعات الـتأسيسية للهيئة
وكانت تراهن على مؤتمرات الخارج في
أنطاليا وبروكسل وإسطنبول مثلاً، ورأينا
أنها تريد وضعنا أمام أمر واقع. ولكن الآن،
وبعد أن تشكلت الهيئة وانطلقت، انضمت
إليها غالبية القوى وغالبية الشخصيات
المعارضة، وأصبح الثقل المركزي للمعارضة
موجوداً في الداخل عبر هذه الهيئة. والآن
نحن نريد استكمال توحيد الرؤية السياسية
والاتفاق عليها ضمن اللاءات الثلاث للبيان
الذي أصدرناه، ومن ثم نتفق على الإطار
التنظيمي في أن هذه القوى تتمثل بحسب
حجمها والوصول إلى رؤية موحدة سياسية
وتنظيمية.
المعارض رضوان زيادة دعا إلى حماية دولية
وأممية - هل تتفقون معه؟
لا. نحن نرفض الحماية الدولية إذا كان
المقصود بها تدخل قوى دولية عسكرية، وأي
حظر جوي هو بداية للتدخل العسكري. أما إذا
كانت المسألة مسألة منظمات حقوقية
وإنسانية تطالب السلطات السورية بالدخول
إلى البلاد والتأكد من سلمية الانتفاضة
الشعبية والتحقق من عدم وجود عصابات مسلحة
وزيارة السجون والتحقق من حالات التعذيب،
فنحن نرحب بهذه المنظمات الحقوقية وبجهدها
ومواقفها في احترام الحريات الأساسية
وحقوق الإنسان. الحماية الدولية السياسية
والمعنوية شيء، وقرارات مجلس الأمن
والتدخل العسكرية الخارجي شيء آخر وهو
مرفوض تماماً. وحتى العقوبات الاقتصادية
إذا كانت تضر بمصلحة الشعب السوري فنحن
نرفضها.
هل أنتم ضد اجتماع المعارضة مع أية هيئات
حكومية غربية أو خارجية؟
في دمشق هناك سفارات، ومعارضة الداخل لها
ممثلون في الخارج، وهي مستعدة للالتقاء
بالسفراء، السفير الألماني أو الفرنسي أو
الإسباني مثلاً. وإذا طلب وزير غربي
الاجتماع بهيئة التنسيق الوطنية في مكتبها
في دمشق، فالهيئة ترحب به علناً وليس
بالخفاء. نحن مستعدون للتحاور في الإطار
السياسي من أجل مصلحة الوطن. |