أن يدعم الرئيس الاميركي باراك أوباما
في هذه الأوقات اللبنانية العصيبة، القرار
الاتهامي، فهذا يعني أن الامور متجهة الى
أزمة مفتوحة في لبنان، وأن العلاقات
الأميركية السورية لا توحي بكثير من الثقة
.
الجو فعلا عاطل جدا كما قال وليد جنبلاط.
واذا كان في بعض هذا «النذير» الجنبلاطي
محاولة يائسة للضغط بغية الدفع باتجاه بعض
الحلحلة، ففيه أيضا بذور خطر فعلي لا سيما
ان جنبلاط قال كلامه بعد فترة وجيزة على
لقاءاته في دمشق، وقاله متزامنا مع نعي
وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل رسميا
جهود ودور بلاده في الحل، ومتزامنا أيضا
مع زيارة وزيري خارجية قطر وتركيا الى
بيروت بعد دمشق .
تسارعت الخطوات باتجاه التأزم بعد أن سلم
المدعي العام في المحكمة الدولية القاضي
دانيال بلمار القرار الاتهامي الى قاضي
الاجراءات التمهيدية دانيال فرانسين،
فسارع أوباما للقول «انها خطوة مهمة نحو
انهاء مرحلة الافلات من العقاب وتحقيق
العدالة وان أميركا صديق قوي للبنان تقف
معه بثبات لدعم سيادته واستقلاله
واستقراره».
لو تمت ترجمة كلام اوباما دبلوماسيا، فانه
يكشف عن رسالتين، الاولى، صوب «حزب الله»
المطلوب عدم «افلاته من العقاب» والثانية،
صوب سورية التي يجب ان تحترم « سيادة
لبنان واستقلاله»، وهذا بحد ذاته يفترض من
الحزب ودمشق حزما كبيرا في المواقف
المقبلة، وقد يكون رئيس حكومة تصريف
الاعمال سعد الحريري بالتالي في وضع لا
يحسد عليه .
لا يعني ذلك طبعا أن الانفجار قادم سريعا،
فعوامل الضبط لا تزال كثيرة، ولكن لا شيء
يمنع من تحول أي عود ثقاب الى حريق، ذلك
أن الاحتقان كبير في الشارع والنفوس،
والهزة التي أحدثها ايهود باراك باستقالته
من حزب العمل وتشكيله حزبا جديدا في
اسرائيل، بحاجة لتوجيه الانظار عن هزال
حكومة بنيامين نتنياهو صوب الشمال .
ولكن السؤال المنطقي في سياق هذا التأزم
هو التالي: هل يمكن بعد اليوم منع القرار
الاتهامي من الصدور؟ أم ان الضغوط ستكون
للمرحلة التي تليه بغية ايقاف الاجراءات
عنده وعدم توسيع دائرة الاتهامات لاحقا،
أو بمعنى آخر هل أن كل كلام عن صفقة بشأن
المحكمة قد زال كليا أم ان الافق لا يزال
مفتوحا.
في الحالة الاولى، أي ان تكون مسيرة
المحكمة فتحت وسوف تستمر، فان الامور في
لبنان ستتجه دون أدنى شك الى مزيد من
التأزم والتصعيد لا بل وربما أخطر من ذلك
بكثير، واما اذا كانت الخطوات المقبلة
قابلة للاخذ والرد خصوصا ان فرنسا وقطر
وتركيا تعمل على نحو حثيث لايجاد مخارج،
فان الامور تبقى قابلة للضبط .
وبانتظار توضيح هذين الاتجاهين، يمكن
القول بكل تأكيد ان قضية الحكومة
اللبنانية ما عادت أولوية، وان ثقة سورية
و«حزب الله» بسعد الحريري تكاد تكون
مفقودة تماما، ومن غير المعروف ما اذا
كانت الحكومة قابلة للتشكيل اصلا في وقت
قريب حتى ولو بوشرت المشاورات.
والاهم من هذا وذاك هو أن يبقى «حزب الله»
واضعا نصب عينيه أن ثمة من يريد نصب أفخاخ
سياسية وأمنية له، وأن أي تحرك على الأرض
يفترض حسابات دقيقة جدا، لا بل أكثر دقة
من أي مرحلة مضت. |