يرسم المتصلون بدمشق صورة غير مشرقة
للوضع الداخلي في لبنان في قابل الايام
بناء على مؤشرات تواجه بها العاصمة
السورية الترحيب الاميركي وتاليا الدولي
بصدور القرار الظني وتسليمه من المدعي
العام دانيال بلمار الى قاضي الاجراءات
التمهيدية دانيال فرانسين على قاعدة الجزم
بامرين، احدهما ان لا تكليف محتملا للرئيس
سعد الحريري برئاسة الحكومة العتيدة في اي
شكل من الاشكال وتاليا لا حكومة في المدى
المنظور وان التخوف من الشارع ينبغي ان
يكون واقعيا لانه عامل جدي وليس عنصراً
واهيا في ظل صورة استقبال الرئيس السوري
بشار الاسد لقائد الجيش العماد جان قهوجي
بما يفتح الباب على اجتهادات غير مشجعة،
اقلها اعطاء الانطباع ان دمشق تمسك اكثر
من ورقة قوة مؤثرة في لبنان. في حين تقول
مصادر ديبلوماسية ان الصورة ليس وفق ما
يعكسها المتصلون بدمشق وخصوصا من حلفائها
اذ ان الكثير من الضغوط تحصل سياسيا وعلى
الارض من اجل تخويف اللبنانيين واجبارهم
على التجاوب مع الوساطة القطرية التركية
وفق شروط دمشق وقوى 8 آذار. اذ ان هناك
انزعاجا كبيرا لم تخفه دمشق من رئيس الحزب
التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط على خلفية
فشلها في تأمين التغيير الدستوري الذي
كانت تطمح اليه عبر الاستشارات النيابية
من اجل تأليف حكومة جديدة بعد استقالة
وزراء 8 آذار من الحكومة. ذلك ان
الاستشارات التي كانت مقررة مطلع الاسبوع
كانت مرجحة لاعادة الرئيس الحريري الى
رئاسة الحكومة في حين ان المتصلين بها
يقولون ان دمشق ليست متأكدة من ان جنبلاط
كان جدياً وصادقاً في تأكيد عدم قدرته على
المونة على جميع نواب "اللقاء الديموقراطي"
في التصويت لمرشح 8 آذار المحتمل لرئاسة
الحكومة. وهو ما حدا بها للطلب من اركان 8
آذار الطلب الى رئيس الجمهورية ارجاء
الاستشارات النيابية وهو ما لم يكن مريحا
لها باعتبارها لم تسجل مكسبا سريعا في هذا
الاجراء. ثم ان الوساطة القطرية التركية
مع انها انطلقت من قمة دمشق في اتجاه
بيروت فان العاصمة السورية لم تشكل عنصرا
ثالثا من هذه الوساطة بل كانت فريقا بناء
على ضيق قطري وتركي سابق من سوريا وبناء
على انزعاج سعودي ايضا منها لاحباطها
التسوية التي كان يتم الاعداد لها ثم
لانزعاج اضافي منها من دول عربية واخرى
غربية لعدم وفائها بالمحافظة على المؤسسات
الدستورية وفق وعود سابقة، لا بل الضلوع
والمساهمة في اسقاطها كما حصل بالنسبة الى
الحكومة.
وتاليا فان الاسئلة المطروحة هي هل ان
سوريا ستتجاوب مع الوساطة القطرية التركية
وتبيح للدولتين ما لم تبحه للسعودية ؟ وهل
تتحمل دمشق ام لا مسؤولية اهتزاز
الاستقرار، وفق ما فسرت رسالة انتشار
عناصر من " حزب الله" في شوارع العاصمة في
ظل كلام لسياسيين متصلين بالعاصمة السورية
سمعه كثر من ان ما حصل هو اول الغيث وان
ما سيحصل لاحقا سيشمل خطوات تتضمن سيطرة
كاملة على الارض وما الى ذلك من خطوات
يرتكز فيها هؤلاء الى اشارة الامين العام
للحزب السيد حسن نصرالله الى احداث تونس
في خطابه الاخير؟ ولماذا لم تلتزم سوريا
التسوية مع السعودية؟
تفيد المعلومات عن الوساطة التركية
القطرية ان امالا كبيرة كانت تحدو رئيس
الوزراء القطري حمد بن جاسم ووزير
الخارجية التركي أحمد داود اوغلو بالقدرة
على انجاز خطوات معينة كبيرة بسرعة بعد
اولى لقاءاتهما وان هذه الخطوات ستنجز قبل
مغادرتهما العاصمة اللبنانية. وان هذه
الوساطة تعمل على اطار للتسوية تستند الى
ما اتفق عليه بين السوريين والسعوديين على
ان يتم توضيح ما اتفق عليه وجدولته زمنيا
والاعلان عن ذلك بسرعة من اجل الانطلاق
بالاستشارات واعادة تكليف الرئيس الحريري
لرئاسة الحكومة. الا ان هذه الامال تراجعت
بعد الاتصال ببعض الافرقاء على رغم ان
الوسيطين القطري والتركي لم يسمعا، كما
تفيد هذه المعلومات، اي كلام يتصل برفض
المساعي التي يقومان بها. لكن يبدو ان
شروط التفاوض تغيرت اقله وفق ما اعلن
ركنان اساسيان في قوى 8 آذار اي الرئيس
نبيه بري والسيد نصرالله من ان ما بعد
صدور القرار الظني ليس كما قبله وان عنصرا
جديدا ادخله هذا الفريق على جدول شروطه اي
التنازل بقبول تكليف سعد الحريري وهو ما
يمكن ان يعطيه للرئيس الحريري الى جانب
التزام التهدئة والحفاظ على الاستقرار
وتسهيل الاستشارات من اجل تأليف حكومة
جديدة لقاء الشروط الاخرى المتعلقة بالغاء
مفاعيل القرار الظني والمحكمة. وما يمكن
ان تعطيه قوى 8 آذار في هذه التسوية هي
عناصر امر واقع مستمر تفرضه على الارض
وتفاوض عليه علما ان هناك اعتقادا لدى
مصادر معنية ان هذه الوساطة قد تعطى فرصة
جدية من جانب دمشق لعدم رغبتها في وضع كل
من تركيا وقطر الى جانب المملكة السعودية
في الاستياء منها وان كانت تعول على
قدرتها على الغوص في تفاصيل الوضع
اللبناني اكثر من اي طرف آخر عربي او غربي.
فضلا عن ان هناك محاذير وفق ما تعتقد هذه
المصادر لعرقلة هذه التسوية لان الوضع في
لبنان قد يشهد انسداد افق فعلا لكن القرار
الظني سيتم اعلانه من دون إمكان الحصول
على مواقف قبل الاعلان عنه من اجل وقف
تداعياته وضرب المحكمة ايضا وفقا لذلك.
|