أخبار الوطناتصل بنا الرئيسية

20/07/2010

 

المكاسب السورية راجحة في انتظار تثبيت المكاسب اللبنانية

سركيس نعوم

 

‮توج الرئيس السوري بشار الاسد الاحتفالات بالذكرى العاشرة لتسلمه الرئاسة بلقاء اطل فيه على الرأيين العامين في سوريا ولبنان وابعد منهما في اتجاه المجتمع الدولي باستقباله رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري ونصف عدد أعضاء حكومته تقريبا على طريق ارساء علاقات جديدة مع لبنان. هذا المشهد يشكل مكسبا مهما للقيادة السورية في اتجاهات متعددة من حيث رمزية التوقيت والشكل فضلا عن المضمون. اذ لم يكن ممكناً متابعة هذا المشهد من دون الخلفية التي سبقته والمتمثلة في خطاب الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله والذي اربك الداخل اللبناني على كل المستويات السياسية على نحو يظهر للعالم الخارجي ان دمشق تجاوزت قطوع العلاقات المتوترة مع لبنان. وهذه العلاقات هي في الطريق الى ان تكون منظمة بين دولة ودولة فيما يغرق لبنان في خلافات طوائفه وحسابات افرقائه السياسيين. وتاليا فان الرسالة التي وجهتها دمشق هي انها ليست طرفا، اقله ظاهرياً في هذه التوترات اللبنانية الداخلية وذلك لاعتبار ان ثمة اقتناعات سادت أن سوريا عادت لتمارس نفوذا كبيرا في لبنان علما ان هذا النفوذ لم يخف وكان دائما موجودا عبر حلفائها وفي مقدمهم "حزب الله". ومع ان كثرا لا يعتبرون ان تزامن التطورات الاخيرة أي خطاب السيد نصرالله وزيارة الحريري لدمشق لم يكن مصادفة، فان ما يمكن الاعتداد به رسمياً وخارجياً هو المشهد الذي ظهر في توافق القيادتين السورية واللبنانية على نحو يعطي ما كان قاله الاسد عن تجاوز بلاده الصعوبات التي واجهتها في الاعوام الماضية وتعديل الموازين لمصلحته صدقية كبيرة. وفي هذا المشهد رد قوي على كل منتقدي سوريا حول استمرار تدخلها في لبنان او الذين يطالبون باجراءات تثبت احترامها استقلاله وسيادته على اراضيه. لا بل هو اقفال لكل الابواب الدولية التي تواصل الدخول على العلاقات الثنائية بين البلدين بما فيها القرارات الدولية ذات الصلة. وسيكون متاحا لسوريا عبر ما تحقق في هذا الزيارة وبسهولة ان تقطع الطريق على اي ضغط عليها في موضوع لبنان، ولو ان الانطباع العام في الداخل والخارج هو انها استعادت بقوة موقعها السابق لكن من دون بعض الشكليات. وهذا الانطباع لا يضيرها في الواقع بل هو احد اهم المكاسب الاساسية لها ايا تكن مدى صحته. فضلا عن استعادة الموقع الاقليمي عبر التأثير في لبنان.

ومع ان التقويم الظاهري المبدئي هو لمصلحة البلدين باعتبار ان ليس ثمة مصلحة لاحد في لبنان في علاقات عدائية مع دمشق، الا ان مصلحة سوريا تبقى راجحة في المعطيات السياسية المباشرة وفي خلاصاتها مع رسائل وجهت في اتجاهات عدة وفي مواضيع تهم البلدين. ففي العناوين العريضة فان الحكومة برئاسة الحريري هي من يوقع كل الاتفاقات الثنائية وتحيي معاهدة "الاخوة والتعاون والتنسيق". وثمة الكثير من الايجابية الظاهرة بين الرئيس الاسد والرئيس الحريري على المستوى الشخصي.
ففي خلاصة البيان المشترك استعادة للتنسيق المشترك على كل الصعد من السياسة الخارجية الى الدفاع والامن على نحو يماثل الى حد بعيد تكريس المرحلة السابقة من العلاقات السورية اللبنانية وخصوصا على هذين المستويين على نحو رسمي ومعترف به. وهذا يعد مكسبا مهما لسوريا من حيث استعادة التنسيق والتعاون في المجالين الاكثر حساسية بالنسبة اليها بعدما تميز لبنان بحرية في التعاطي مع الخارج في الاعوام القليلة الماضية من دون مرور هذه العلاقات بدمشق وكذلك بالنسبة الى المجال الامني الذي شهد في الاعوام السابقة تطويرا لاتفاقات على الصعيد الامني وخصوصا مع الولايات المتحدة.

وفي ما هو ابعد من هذين العنوانين المهمين، ثمة موقف ثابت لسوريا من المحكمة الدولية في اغتيال الرئيس رفيق الحريري. فمع ان وزير الخارجية السوري كرر ان المحكمة شأن لبنان وان سوريا ستحاكم اي سوري يثبت تورطه في اغتيال الحريري فان التركيز كان مهما على واقع اعتباره ان توجيه اي اتهام الى "حزب الله" يعني تسييسا للمحكمة. الامر الذي يلاقي موقفا سابقا لسوريا في هذا الاطار لكنه يلاقي أكثر موقف السيد حسن نصرالله الذي علق على تسريبات صحافية تشير بأصابع الاتهام الى احتمال تورط افراد في الحزب واستبق القرار للمحكمة بوصفه المحكمة بانها مشروع اسرائيلي متسببا بحرج للرئيس الحريري عشية زياراته لدمشق وفارضا ما فجره في هذا الاطار على طاولة البحث الثنائي في العاصمة السورية.

في موضوع المفقودين اللبنانيين في السجون السورية كما في موضوع ترسيم الحدود فان المسألة لم تخرج عن اطار وضع السكة على طريق العمل المشترك من دون نتائج ملموسة يمكن ان يعود بها الوفد اللبناني الزائر وخصوصا بالنسبة الى موضوع المفقودين بما يفيد بعدم حصول تبدلات جوهرية في الموقف السوري من هذين الموضوعين.

وفيما يبدو ملحاً لحكومة الرئيس الحريري ان تحصل على نتائج ملموسة في هذين الموضوعين ومواضيع أخرى يصعب على اللبنانيين الاقتناع بأن التطورات الملموسة في العلاقة مع سوريا باتت في مرتبة العلاقات بين دولة ودولة.

المصدر:صحيفة النهار اللبنانية   - أية اعادة نشر من دون ذكر المصدر تسبب ملاحقه قانونيه

الرئيسية

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن موقف المرصد السوري