أبدى المفكر السوري الطيب تيزيني تخوفه
من «تحولات خطيرة» في الساعات المقبلة إثر
دعوة الولايات المتحدة وأوروبا الرئيس
بشار الأسد الى التنحي، مشيراً إلى إحتمال
دخول سورية في حرب أهلية.
واذ شدد على الطابع السلمي للحركة
الاحتجاجية حتى الآن، لفت الى أن توجه
سورية باتجاه النموذج الليبي في حال
استعمال الثوار للسلاح «سيؤدي الى كارثة».
تيزيني، الذي تلقى دعوة للمشاركة في
المؤتمر الذي تعقده المعارضة يوم غد الأحد
في تركيا للاعلان عن مجلس وطني يشكل نواة
لحكومة وطنية لمرحلة ما بعد الأسد، رحّب
بهذا المؤتمر معلناً تأييده «أي مؤتمر
وطني يجمع كافة القوى لاخراج سورية من
أزمتها».
«الراي» اتصلت بالمفكر والأكاديمي السوري
قبل مشاركته في مؤتمر المجلس الوطني في
تركيا وأجرت معه الحوار الآتي:
• كيف تقرأ دعوة الولايات المتحدة وأوروبا
الرئيس بشار الأسد للتنحي؟
- نحن هنا نشعر بالأسى العميق لأن الرئيس
الأسد لم يأخذ المبادرة المناسِبة، وترك
المسألة على عواهنها ما استفز الشعب
السوري قبل أن يستفز القوى الخارجية. ما
نعيشه الآن في سورية يمثل حالة من
الانتظار المفعم بالتوقعات التى قد تقود
الى أوضاع مأسوية. قراءة هذا الحدَث في
الوسط السوري تفضي الى القول إن القرار
السياسي أصبح غير قابل للخروج الى العلن
وغير قادر على اجراء انعطاف جدي تجاه الحل
السلمي، وهذا ما يدفعنا الى توقع تحولات
خطيرة. الأمر في سورية بعد دعوة اميركا
وأوروبا الرئيس الاسد الى التنحي أكثر
تعقيداً مما يتوقعه الكثيرون، وقد يتخذ
مساراً تصاعدياً في الساعات القليلة
المقبلة، لأن الاستجابة لشروط الشعب لم
تحدث ولم يتم وقف العنف، ونحن نتمنى ألا
يكون طلب رحيل الأسد مقدمة لحدوث اضطرابات
في سورية.
• ما البديل في حال رفض الرئيس الأسد ترك
السلطة؟ وهل تتخوفون من الحرب الأهلية؟
- هذا السيناريو مطروح، والبديل الذي
سيلجأ اليه النظام هو العنف نفسه الذي
ربما سيتخذ طابعاً آخر. حتى الآن الحركة
الاحتجاجية لم تخرج عن طابعها السلمي،
وإذا استمر هذا الوضع ولم تصغ السلطة الى
ما هو مهم في هذه اللحظات التاريخية
الحرجة، فإن الاضطرابات ستكون سيدة الموقف.
ولكن الأخطر أن النظام حتى الآن لم يصدر
اي بيان رسمي في ما يتعلق بالمتغيرات
الأخيرة.
• هل تتخوفون من استعمال السلاح من الثوار
في سورية كما يجري في النموذج الليبي؟
- هذا الاحتمال قائم، لكن الشعب السوري
حريص على السلم الأهلي، وهناك مجموعات
داخل سورية تملك السلاح ولا تريد استخدامه.
ونتمنى أن يدرك النظام خطورة هذه المسألة.
وإذا توجهت سورية باتجاه النموذج الليبي
ستحل على كل السوريين كارثة.
• المعارضة السورية تحضر لمؤتمر في تركيا
للاعلان عن مجلس وطني يوم الأحد يكون نواة
لحكومة سورية ما بعد مرحلة الاسد؟ هل
تلقيتم دعوة لحضور المؤتمر؟ وكيف تقرأ هذه
الخطوة؟
- نعم تلقيت دعوة لحضور المؤتمر الذي
أعتقد أنه سيأتي بصيغة مقبولة. وفي هذه
المرحلة بالذات ليس هناك أفضل من عقد
مؤتمر لحل كل هذه الاستعصاءات التي تتعرض
لها سورية. وعلى الحكماء في النظام أن
يدركوا ضرورة اللجوء الى الاصلاحات الجدية
بدل الحلول الامنية. المؤتمر في هذه
الظروف سيكون مقبولاً وانا أؤيد أي مؤتمر
وطني يجمع كافة القوى لاخراج سورية من
أزمتها.
• مجلس الأمن ناقش الخميس التقرير الذي
أعده فريق تحقيق من مجلس حقوق الانسان حول
الانتهاكات التي يرتكبها النظام بحق
المتظاهرين والشعب السوري وقد لفت معدو
التقرير الى أن ما يرتكبه النظام بحق
السوريين يصل الى «الجرائم ضد الانسانية».
هل ستمهد هذه الخطوة لاحالة ملف المسؤولين
عن عمليات القمع على المحكمة الجنائية
الدولية؟
- للأسف لا نسمع أي اجابات رسمية وهذا ما
يزيد المسألة اضطراباً. ورغم الادانات
الدولية لأعمال العنف التي تُرتكب بحق
المتظاهرين، لا نسمع أي تعليق من السلطة.
وهنا أريد أن اسأل ألم تشهد حمص التي أقيم
فيها حالة من العنف؟ وتالياً لا حل للأزمة
السورية إلاّ بلجوء النظام الى تقديم حل
وطني يرضي القوى السياسية والشرائح
الشعبية. والحل الوطني يتطلب وبأقصى سرعة
تعديل الدستور وإلغاء المادة الثامنة
واجراء انتخابات برلمانية.
• هل النظام قادر على اجراء هذه الخطوات
الاصلاحية التي تطالب بها؟
- أتحفظ عن استعمال كلمة نظام، وأنا ما
زلت أراهن على وجود الرأي العاقل في مواقع
القرار، وهؤلاء الحكماء الذين اراهن عليهم
لا بد لهم من إجراء خطوات اصلاحية تلبي
طموحات الشعب السوري نحو الديموقراطية
والتعددية.
• وسط تزايُد الضغوط الدولية التي كان
آخرها المطالبة بتنحي الرئيس الأسد، ما
الذي تتوقعه من النظام؟
- ليس أمامه سوى وقف العنف بعدما تأكد من
أن لا جدوى من العملية العسكرية التي يقوم
بها ضد المتظاهرين. |