توجد
في الحياة لحظاتٌ العقلُ ليس مسؤولاً
عنها، وهناك لحظات قد يهرب منها المنطق
إلى أجل مسمّى، تلك اللحظات هي التي
يعيشها عمال الإسعاف، الذين يتحمّلون ما
لا يقدر عليه الكثير في كثير من الأحيان
والأحوال.. عمل مضنٍ يعيشه المسعف
بالتلازم مع أقسى لحظات الناس، بينما عليه
التعامل معها بحكمة، لأنّها ليست إلا
طريقاً نحو الحل..
في طرطوس: قرارات قديمة وسيارات قليلة..
بسام حيدر، ممرض مسعف في إسعاف طرطوس،
يقول: «نتلقّى الضرب بالكفوف من الناس،
والكثير من الشتائم، ونتحمّل أوامر بعض
الناس، وكأننا نعمل لديهم، ومع ذلك كله
نقول إن هذه طبيعة عملنا، ويجب علينا أن
نتحملها». ويضيف بسام حيدر أنّ الناس ليس
لديهم ثقافة التعامل مع الإسعاف، فبينما
يطلبون النداء نحتاج إلى دقائق قليلة
للوصول، لأنّ السيارة الأقرب تتّجه مباشرة
إلى موقع النداء، وعلى الرغم من ذلك يريد
المواطن أن تحضر السيارة خلال ثوانٍ،
وكأنّها تحت منزله، لافتاً إلى أنّه في
إحدى المرات تعرّضت سيارة الإسعاف إلى
التكسير بسبب مشاجرة في الشارع».. ويؤكّد
أنّ أخطر شيء في عمل المسعف السرعة
الجنونية التي يسير بها سائق سيارة
الإسعاف، والتي من الممكن أن تؤدي في بعض
الطرقات الجبلية إلى حوادث سير، أو في وسط
المدينة، حيث الازدحام وعرقلة السيارات.
وفي النهاية، يطالب بسام بطبيعة عملٍ أو
مكافأة أو تأمين صحي، لأنّ المخاطر التي
يتعرّض إليها، تجعله مسعفاً، ولكن دون أن
يجد من يسعفه..
نواقص مركزية..
رئيس منظومة الإسعاف في طرطوس، د.محمد
السودة، أشار إلى أنّ عدد سيارات الإسعاف
في طرطوس بلغ 27سيارة، إضافة إلى سيارتين
لم توضعا في الخدمة بعد، وهم من الاتحاد
الأوروبي، بعضها قديم جداً، وبعضها الآخر
حديث، ويتمّ توزيعها بوضع 11 سيارة في
المدينة (الكورنيش البحري، الصالة
الرياضية، مرفأ أرواد، مستشفى الباسل،
مستشفى التوليد، مديرية الصحة، مراكز
الطوارئ /3/، طريق حمص، طريق بانياس)،
والباقي على مستوى المحافظة، بتوزع جغرافي
يلحظ كافة المناطق، مؤكداً أنّ العدد غير
كافٍ، وخاصة في الصيف، بسبب حالات الغرق
الدائمة، بحيث تصبح الحاجة ماسة إلى
سيارات تلحظ مساحة الشاطئ بالكامل، وعليه
نضطر إلى سحبها من مكان ما، ضارباً مثلاً
شاطئ عمريت، الذي يسعفون منه في الصيف 11
غريقاً يومياً.
من ناحية أخرى، أشار د.محمد السودة إلى
أنّ المنظومة تعيش مشاكل نتيجة قرارات
مركزية قديمة تحتاج إلى التعديل، فالمسعف
الذي يضطر إلى السرعة ليس لديه تأمين
بالمطلق، ضارباً مثلاً الشاب ماهر (ممرض
مسعف)، الذي تعرض إلى حادث سير بعد توصيل
المريض إلى مستشفى في حماة، وأصيب بكسر في
الفقرات، وتمزّق في الرئة، وليس له أيّ
تأمين للعلاج، إضافة إلى أنّ الكادر ليس
لديه طبيعة عمل أو مكافأة، لأنّه غير
ملحوظ في القانون أصلاً.. أمّا المشكلة
الأخرى، فهي عدم توافر الكادر الكافي، كما
أشار د.محمد السودة إلى أنّه طلب من
مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل، ولكن لم
يعطَ بعد.. وعن حالة الأجهزة الطبية
والمتطلبات داخل سيارات الإسعاف، نوّه إلى
أنّ تجهيزات السيارات الحديثة ممتازة، حيث
يوجد فيها جهاز صدمة قلبية (مونتور)،
وجهاز تنفس اصطناعي، إضافة إلى حاضنة لنقل
الرضيع المريض، وهي تشحن على الكهرباء،
إلى جانب جهاز لنشر حديد السيارات
يسرعون لإنقاذ الناس، ولا يلقون عند
وصولهم إلا الشتائم، وأحياناً أقسى منها،
وعلى الرغم من ذلك لا ينتظرون أكثر من
مكافأة أو طبيعة عمل، أو حتى تأمين
ينقذهم، كما يحاولون أن ينقذوا من هم في
الرمق الأخير في كل الأوقات..
في اللاذقية.. الوضع يتحسن بشكل كبير..
يتكون الأسطول الحالي لسيارات الإسعاف في
اللاذقية من 29 سيارة إسعاف؛ منها 25
سيارة ضمن الخدمة، و4 خارج الخدمة بسبب
الإصلاحات والصيانة، ويستغرق زمن
الاستجابة إلى الحالات الإسعافية 8 دقائق
ضمن المدينة، و20-25 دقيقة في المناطق
الريفية، وأشار الدكتور محمد شريتح، مدير
صحة اللاذقية، إلى أن الوضع الحالي
لسيارات الإسعاف يعدّ جيداً من ناحية
الجاهزية، ولا سيما أن مديرية الصحة قامت
منذ أربع سنوات بإعادة تحديث الأسطول
بأكمله، وأضافت العديد من المستلزمات
الطبية والأدوات داخل السيارات حتى تصبح
مجهّزة بشكل كامل، وأوضح مدير الصحة أن
المشكلة الأساسية التي تعاني منها منظومة
الإسعاف في اللاذقية؛ هي قلة الكوادر
المهيأة، وحاجتها الدائمة إلى متخصصين في
الإسعاف والطوارئ.
وأشار د.شريتح إلى أنّ الوكالة اليابانية
للتعاون الدولي (جايكا) قدّمت لمديرية صحة
اللاذقية 25 سيارة إسعاف مجهزة بأحدث
التجهيزات الطبية، وأعلى مستوى (من ضمنهم
21 سيارة مجهّزة بأجهزة صدمة قلبية)، وقد
تمّ استلام تلك السيارات بشكل مؤقت،
وسيتمّ وضعها في الخدمة، ريثما تنتهي
إجراءات تسليمها النهائية، كما أشار مدير
الصحة إلى مشروع تعاون بين المديرية،
وجمعية بستان الباشا الخيرية، التي تملك
22 سيارة إسعاف موزّعة على مناطق معظمها
ريفية، حيث ستقوم مديرية الصحة بتوزيع
سياراتها في مناطق أخرى مختلفة عن مناطق
توزع سيارات الجمعية.
وفيما يتعلّق بنقص الكوادر المتخصصة، أوضح
د.شريتح، أنّ المديرية تسعى إلى إعادة
تأهيل وتأمين كوادر طبية ذات تدريب عالي
المستوى، من أجل تقديم الخدمة الإسعافية
بجودة عالية، ويتمّ التنسيق مع مدرسة
التمريض لتخريج ممرضين ذكوراً، ولا سيما
أنّ الإناث يرفضن العمل داخل سيارة
الإسعاف؛ لكنّ المشكلة تكمن في أن أغلب
المتقدمين إلى مدرسة التمريض هم من
الإناث، وهنا تكمن مشكلة نقص الكادر
الإسعافي.
أمّا المشكلة الأكبر، التي تواجه مديرية
صحة اللاذقية، وبالأخص منظومة الإسعاف
السريع، فهي قلّة وعي بعض المواطنين حول
أهمية دور المنظومة في إنقاذ حياة الناس،
من خلال إشغال خطوط النداء 110 بنداءات
كاذبة ووهميّة يومياً، حيث تؤدّي هذه
النداءت الكاذبة إلى هدر جهد الطاقم،
واستثمار السيارة في مكان غير صحيح، وقد
يفوّت أحد هذه الاتصالات الفرصة على حالات
إسعافية حقيقية قد تؤدي إلى وفاة المريض
في أحيانٍ كثيرة، وهذا الأمر ينعكس سلباً
على منظومة الإسعاف بكاملها، وعلى
المسعفين أنفسهم.
حلب تنتظر خدمات سيارة الإسعاف..
. سيارة الإسعاف، التي تأتي مسرعة على
الطرق والحارات الضيقة، والتي تطلق ذلك
الجرس المعروف بين البشر، وأعلاها كرة
صغيرة تضيء بالأزرق والأحمر، لتنطلق من
بعدها إلى المريض، للوصول بالسرعة القصوى
إلى المريض أو المستشفى على حدٍّ سواء،
فكانت يوماً بعد يوم تتناقص ببريق خدمتها،
وكانت ثقة المواطن غائبة لتكون سيارة
الأجرة البديل الحرج في أوقات لا تنتظر
نصف ساعة أو ساعة، بحجة عدم معرفة المكان
أو الازدحام، الدكتور عمار طلس، مدير صحة
حلب، قال لـ بلدنا: لدينا 9 نقاط إسعاف في
المدينة، 4 في الطرق العامة (الاوتسترادات)،
و5 في المناطق، وحالياً من خلال سيارات
الإسعاف المقدّمة من جايكا، التي يبلغ
عددها 43 سيارة إسعاف، وسيتمّ حلّ مشكلة
الإسعاف بشكل كامل، ومن خلال نقاط الإسعاف
تقوم أقرب سيارة إلى منطقة الحادث،
بالذهاب إليه، فهذا أمر من الصعب أن يطبق
في مركز واحد أو اثنين، من خلال وصول هذه
السيارات، وأردف طلس: «سيكون لدينا عدد
جيد لنضع في كلّ منطقة أو حيّ كبير سيارة
إسعاف، ويوجد كوادر للتعامل مع هذه
السيارات نقوم بتدريبها حالياً».
في حمص.. أكثر من 10 آلاف حالة إسعاف في
العام 2009
دائماً الرقم 110 يثير الكثير من
التساؤلات، لكنه، مهما يكن، يبقى رقماً
أساسياً في الحياة.. هو رقم الإسعاف الذي
قد يغيب عن ذهن البعض، لكنه رقم لا يمكن
نسيانه بل يجب عدم نسيانه. إذاً، للإسعاف
دور مهم، بل أساسي أحياناً في إنقاذ حياة
مواطن من الوفاة، والسبب اختصار بعض
الثواني، ونسبة كبيرة من المواطنين يؤكدون
دور الإسعاف، لكن البعض يعتبر أن اسمه فقط
سريع، ولكن في المقابل هناك فئة تعدّ
المواطن جزءاً من حدوث إشكالية للمسعف،
خاصة السائقين الذين يجدون حجة في وجود
سيارات الإسعاف، لاستغلالها في قطع إشارات
المرور أمامها، وهي موجودة، ولكن هناك
أيضا المتعاونون مع مرور سيارات الإسعاف،
وهم موجودون وبكثرة. وبحسب الدكتور محمد
عرب الكوسا، رئيس دائرة منظومة الإسعاف
السريع في حمص، فإنّ منظومة الإسعاف في
حمص موجودة ضمن حرم المستشفى الوطني،
إضافة إلى وجود نقاط إسعافية تابعة إلى
المنظومة في عدة محاور داخل المحافظة وفي
ريفها. وأضاف الدكتور الكوسا أنّ بعض
النقاط الإسعافية يكون بعضها موجوداً على
محاور الطرق، والآخر ضمن المستشفيات
والمستوصفات الموجودة على المحاور الطرقية،
وأن الخطة القادمة هي زيادة عدد النقاط
الإسعافية في كافة أراضي المحافظة.
وأوضح الدكتور الكوسا أنّ المنظومة تضمّ
62 سيارة إسعاف تابعة إلى مديرية الصحة؛
27 سيارة منها تعمل ضمن المدينة، وتعد من
السيارات الحديثة، فهي تضمّ 23 سيارة
«نيسان» مقدمة كمنحة يابانية، وهي سيارات
حديثة، ولكن في المقابل لا بدّ من الإشارة
إلى وجود 15 سيارة من نوعية «إسوزو» تعدّ
الأقدم، ولكن بتوجيهات من وزير الصحة سيتم
العمل على إعادة تأهيلها، مشيرا إلى أنّ
العدد يعدّ كافياً ويلبي كافة المتطلبات
حالياً، وإن تمّت الزيادة فهذا شيء إيجابي
يعزز عمل المنظومة. وتابع د. الكوسا أنّ
صيانة السيارات تتم بشكل يومي للتأكد من
جاهزيتها، لكن المنظومة تعاني من نقص في
السائقين، والسبب عدم وجود شواغر،
والمحاولات جارية لتأمين عدد جديد من
السائقين، حيث يبلغ عدد السائقين 20
سائقاً لمنظومة الإسعاف، و12 سائقاً
موجودين في محاور النقاط. وأشار رئيس
دائرة منظومة الإسعاف السريع إلى أن مركز
النداء في المنظومة، على الرقم 110، يضمّ
6 خطوط هاتف، وموظفين على مدار اليوم،
ويتمّ حالياً، بدعمٍ من وزارة الصحة،
ومدير الصحة، ومحافظ حمص، إدخال
المعلوماتية لتسجيل المعلومات الكاملة عن
كلّ حالات الإسعاف إلكترونياً، كما لا بدّ
من الإشارة إلى أنه من الأشياء الغريبة
وصول العديد من الإزعاجات من بعض
المواطنين عن طريق الهاتف، تصل أحياناً
إلى درجة الإساءة، ولكنّ خبرة الموجودين
حالياً في مركز النداء تستطيع استيعاب بعض
هذه الإزعاجات.
وختم الدكتور محمد الكوسا، رداً على من
يعتبر أنّ الإسعاف السريع سريع بالاسم
فقط، قائلاً: زمن السيارات البطيئة انتهى،
والإسعاف السريع موجود اسماً وفعلاً على
أرض الواقع، مع ضرورة التأكيد على موضوع
التثقيف والتوعية للمواطن بالدور الحقيقي
والمهم الذي تقوم به منظومة الإسعاف لنصل
إلى الطموح، فهدفنا ليس فقط نقل المريض،
بل خدمته حتى وصوله إلى المستشفى.
بلغ عدد الحالات، التي تمّ نقلها بسيارات
الإسعاف في العام 2009 /9724/، منها 2033
حادث سير، بينما بلغ عدد حالات الإسعاف
المسجلة في الشهر الرابع للعام 2010
/813/، ووصل عدد حوادث السير، التي تمّ
نقلها بسيارات المنظومة منذ بداية 2010
حتى 23/5/2010 /644/ حادث سير، بينما وصل
عدد الحالات التي تمّ نقلها بسيارات
الإسعاف في العام 2008 إلى 11853 حالة. |