في
اجواء الانفتاح السوري- اللبناني، وفي ظل
الزيارات الحريرية الى دمشق، قامت الاجهزة
السورية في جديدة يابوس باعتقال إمام بلدة
كفرصير المواطن اللبناني الشيخ حسن مشيمش
في 7 تموز الماضي، حين كان متوجها مع
زوجته وشقيقه لاداء مناسك العمرة في مكة
والمدينة المنورة.
لم تعرف اسباب الاعتقال ولم يصل لاهل
المعتقل اي جواب على اسئلة حول اسبابه او
مصير المعتقل او اي معلومة يمكن ان تهدىء
من روع عائلته. فوالده توفي بعد اعتقاله
باسبوع واحد، وتوفي شقيقه بعد شهر من هذا
الاعتقال، الذي اقل ما يقال فيه انه تعسفي
وغير قانوني ... لم تتحرك السلطات
اللبنانية لمعرفة مصير الشيخ مشيمش، وكانت
عائلته وابناء بلدته قد وجهوا بعد ايام من
اعتقاله رسالة عبر وسائل الاعلام الى
الرؤساء الثلاثة للعمل على استعادته الى
لبنان.
أجواء الود اللبناني- السوري، على ما
يبدو، لم تسمح بطرح ما يعكر صفو العلاقات
بين البلدين، علما ان الشيخ مشيمش معروف
بآرائه النقدية اتجاه حزب الله وسياسته
وادائه، وهو يعبر عن رأيه ومواقفه من خلال
موقعه الديني، الى جانب كتابات تنشر له
بين الحين والآخر في بعض الصحف والمجلات.
لم تتحرك السلطات اللبنانية، سواء بواسطة
وزارة الداخلية او وزارة الخارجية، لمعرفة
اسباب اعتقال رجل دين لبناني. ولم تفرج
الاجهزة السورية حتى اليوم عن الاسباب
التي دفعت الى اعتقاله. وهي اتبعت في
اعتقاله اسلوبا يذكر بمرحلة الوصاية على
لبنان، التي يبدو انها عادت لتتسلل،
باساليبها المسيئة، إلى العلاقة بين
الدولتين وبين الشعبين، فيما كانت الحكومة
السورية قد اعلنت قبل شهر ان الملفات
السياسية العالقة للبنانيين في سورية جرى
حلها. علما ان الاجهزة السورية، على
الحدود مع لبنان، كانت تكتفي بمنع دخول اي
شخص لبناني الى الاراضي السورية لاسباب
سياسية في مرحلة ما بعد الانسحاب من
لبنان.
لكن يبدو اعتقال الشيخ مشيمش، الشيعي،
اعتقالا لا يثير ضغينة او احتجاج السلطة
الشيعية الحاكمة في لبنان، وبالتالي عدم
تحرك هذه السلطة الدينية والسياسية يجعل
من اتهام البعض بانهم وراء هذا الاعتقال
امرا مبررا. خصوصا ان سوابق على هذا
الصعيد تشير إلى كفاءة هذه السلطة الامنية،
التي يتاح لها استخدام اجهزة وقوى اخرى
لتنفيذ بعض مآربها الامنية.
وبين اعتقال سوري وتغطية شيعية، أو تملق
وعدم تحسس للمسؤولية في أقلّ القول، يصبح
الآخرون في الدولة مجرد شهود زور. ذلك انه
في عرف جمهوريتنا اليوم: يجب أن تلوذ
بزعيم طائفتك او المستأسد فيها لتسأل عن
مصير معتقل لبناني من طائفتك في سورية.
فإذا اعتقل مسيحي لبناني فليس لك ايها
اللبناني الا ان تذهب الى العماد ميشال
عون او النائب سليمان فرنجية، واياك ان
تتوجه الى مؤسسة رسمية لبنانية. كذلك ايها
الدرزي والسني والشيعي: عليك برجالات
الاجهزة السورية في طائفتك اوحلفائها ولا
تنتظر من المؤسسات ان تقوم بشيء، لان
المطلوب ان يبقى اللبنانيون مجرد مجموعات
طائفية لا دولة تنظم شؤون علاقاتهم مع
سورية بشكل خاص.
ايها اللبنانيون ليس من حقكم ان تسألوا عن
سبب اعتقال احد منكم في سورية، وليس من
واجبكم على دولتكم ان تسألوها عن حقوقكم
عليها، في ان تحمي مواطنيها وان تتابع
مصيرهم في سجون ليس معروفا سبب وجودهم
فيها.
فهل يعقل، في ظل التغني بعلاقة المؤسسات
بين لبنان وسورية، وفي ظل عودة الود بين
الرئيس بشار الاسد والرئيس سعد الحريري،
أن تجري استباحة المؤسسات والتعامل بأسلوب
ميليشيوي؟ اذ بعد اكثر من شهر ونصف الشهر
لا يعرف اهل المعتقل الشيخ حسن مشيمش
الجرم الذي اعتقل بسببه. وهو اسلوب، وان
كان يذكر بنمط من الحكم التعسفي، وبمرحلة
سيئة في العلاقة اللبنانية - السورية،
يشير أيضا إلى استمرار الاسلوب السوري
الذي لا يريد لعلاقته بلبنان ان تكون
علاقة مؤسسات، بل يصر عل اعتماد ادوات
امنية وسياسية.
هذا ما يمكن ان نستنتجه من اعتقال الشيخ
حسن مشيمش، اعتقال لم تقم الدولة السورية
بتبريره لاي جهة رسمية لبنانية. ويبدو
أنّنا عدنا والعود أحمدُ. |