أخبار الوطناتصل بنا الرئيسية

21/08/2010

 

"حيتان المال".. يستعدون لاحتكار سوق العقارات

 

 

لم يسأل أحد حتى الآن: لماذا تبدي الحكومة إهتماما إستثنائيا بما سمته "التطوير العقاري"؟
اذا أردنا تصديق ماتروّج له الحكومة فإن الهدف السامي المعلن هو تأمين الوحدات السكنية للراغبين باقتنائها بأسعار تنافسية.. ولكن هل هذا صحيح؟
طبعا لاتنسى الحكومة أن تدغدغ مشاعر المواطنين الباحثين عن مأوى "محترم" فتوحي لهم أن قانون التطوير العقاري هو الحل السحري لأزمة السكن الخانقة وسيوفر لهم منزلا يتناسب مع دخولهم المحدودة!!
هذا على الأقل ما أعلنه وزير المالية د.محمد الحسين :"قبل نهاية العام الحالي سوف يتم إصدار قانون للترخيص لشركات التمويل العقاري ما من شأنه الإسهام في توفير التمويل المناسب للمواطنين لشراء المساكن".. ولكن السؤال: عن أيّ مواطنين يتحدّث وزير المالية؟
ويمكن أن نتوقف مطولا امام ماأعلنه مدير عام الهيئة العامة للتطوير والاستثمار العقاري المهندس ياسر السباعي من أن عدد الشركات ذوات الرأسمال الوطني 100 % بلغ 15 شركة من إجمالي 29 شركة قبلت الهيئة أوراقها وثبوتياتها للعمل كمطور عقاري!!
مايميز أصحاب هذه الشركات أو حسب التسمية "المحببة" للحكومة "المطورين العقاريين" ..أنهم من ذوي الملاءة المالية الكبيرة.. وبتعبير غير دبلوماسي "حيتان المال" ..وهنا بيت القصيد تماما!
وبالتالي فإن الشركات الثمانية التي حصلت على الترخيص الذي يخولها مزاولة المهنة يبلغ إجمالي رؤوس اموالها 2.38 مليار ليرة سورية توزعت بين 8.671 مليار ليرة بنسبة 78 % لرأس المال المحلي و 520 مليونا بنسبة 22 % للاجنبي.
ولكي تتوضح الصورة أكثر فإننا نشير إلى أن العدد الاجمالي للشركات التي تقدمت بأوراقها إلى الهيئة منذ فتح باب قبول الطلبات قبل عدة اشهر وصل إلى 146 شركة موزعة كالآتي:
87 شركة محدودة المسؤولية بنسبة 59 % .. وثلاث شركات قطاع عام بنسبة 2% بالمئة .. و33 شركة توفيق أوضاع بنسبة 26 %.. و6 شركات مساهمة بنسبة أربعة% .. 17و مؤسسة فردية بنسبة 12 %.
ونكتشف بسهولة أن الغلبة في سوق التطوير العقاري ستكون للشركات محدودة المسؤولية وليست للشركات المساهمة مثلا التي تتكون عادة من قاعدة كبيرة من المساهمين الصغار!
ولن نستغرب أبدا أن يكون الأصحاب الفعليين لشركات التطوير العقاري المحلية قلة محدودة جدا من "حيتان المال" الذين يحتكرون النسبة العظمى من النشاط الإقتصادي بمسميات مختلفة من ضمنها الشركات "محدودة المسؤولية"!
ونكتشف ما هو أخطر من ذلك بكثير وهو "تغييب" القطاع العام أي شركات الإنشاءات العامة من مشهد "التطوير العقاري" .. وهو بيت القصيد أيضا!!
كنا نستغرب في البداية إهتمام الحكومة الغريب بدمج الشركات الإنشائية التي أدى إلى تقليص عددها..وكانت هذه الخطوة الأولى ..
ثم اهتمت الحكومة بإلحاق ماتبقّى من شركات إنشائية بعد عملية الدمج بالوزارات المعنية ..وكانت هذه الخطوة الثانية..وبالتالي لم يتبقّ عمليا من يملك قدرة المنافسة بوجه القطاع الخاص "حيتان المال" سوى مؤسسة الإسكان العسكري نظرا لما تتمتع به من إمكانيات وخبرات!!
ومع ذلك فإن الحكومة حرصت أن تعبّد الطريق كاملا أمام أصحاب شركات المطورين العقاريين "ذوي الملاءات المالية الكبيرة"" كي لاينافسهم أحد..من خلال عدم منح الرخص للمطورين الصغار من جهة ، وبحصار الشركات العامة التي لايمكن أن تقوم بأي نشاط إلا بإذن حكومي من جهة أخرى!
وقد نجحت الحكومة حتى الآن بتحقيق أهدافها وهي تستعد منذ فترة للخطوة الأهم وهي استكمال التحضيرات اللازمة لعقد المؤتمر الدولي الأول للتطوير والاستثمار العقاري خلال الفترة 27 - 28 ايلول القادم حيث تمت دعوة الكثير من الجهات العربية والدولية ذات العلاقة "باحتكار سوق العقارات في سورية بالتعاون مع كبار أصحاب المال والسلطان في سورية!!.
ماذا سيناقش هذا المؤتمر من حيث الشكل ؟
حسب مدير عام الهيئة العامة للتطوير والاستثمار العقاري "سيركز المؤتمرعلى الاصلاحات في القطاع العقاري وآثارها على التنمية وتقوية البنية التشريعية والقانونية اللازمة للاستثمار والتطوير العقاري والمكونات المؤسسية والبنية التحيتة لهذا الاستثمار وخارطة الفرص ومشاريع الاستثمار العقارية في سورية إلى جانب تنمية المناطق الريفية والمدن الصناعية وتوفير الاسكان الاقتصادي وتمويل هذه المشاريع والاحتياجات ودور المؤسسات المالية والمصرفية اضافة إلى أسواق الرهونات العقارية".
تبدو أهداف المؤتمر وطنية بامتياز ..ولكن هل هذا فعلا مايسعى إليه المؤتمر؟
بإقصاء الشركات العامة التي بنت أهم المدن السكنية في سورية..وبإقصاء القطاع التعاوني عن دوره ببناء مساكن بسعر التكلفة لإعضائه..وأخيرا بإقصاء مئات المتعهدين الصغار ومنعهم من العمل بعد صدور قانون التطوير العقاري ..
بعد كل ذلك ينكشف المستور ..فالهدف تسليم السوق العقارية لكبار رجالات القطاع الخاص "حيتان المال" بعد تسليمهم القطاعت الأخرى ..وقد تكون الخطوة التالية والقادمة بسرعة تسليمهم النقل الجوي والمطارات وبعدها ..قطاع الطاقة الكهربائية ..والآتي قد يكون أعظم بكثير!!
بقلم علي عبود

المصدر:نشرة كلنا شركاء  - أية اعادة نشر من دون ذكر المصدر تسبب ملاحقه قانونيه

الرئيسية

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن موقف المرصد السوري