أخبار الوطن الرئيسية

21/08/2011

 

تحليل-عملية تحول صعبة تنتظر سوريا بعد الاسد

 

 

يبدو الرئيس السوري بشار الاسد محكوم عليه بالفشل سياسيا ان لم يكن عسكريا وكلما طال تشبثه بالسلطة عن طريق القوة الوحشية كلما زادت صعوبة تحقيقه تحولا ديمقراطيا منظما واصلاح اقتصاد مدمر.

ولا يظهر الرئيس البالغ من العمر 45 عاما اي اشارة على استعداده للتخلي عن السلطة. ومن شأن وقوع انقلاب عسكري او تنافس بين عناصر من الجيش وقوات الامن ونخبة حزب البعث ان تكسر هذا الجمود. وبدون ذلك ستكون اراقة المزيد من الدماء حتمية فيما يبدو.

لكن شخصيات معارضة مثل هيثم المالح (80 عاما) تعرب عن ثقتها في ان سوريا بعد الاسد يمكنها التحول الى الديمقراطية وتجنب الفوضى التي مر بها العراق بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة.

وقال المالح وهو محام مخضرم في قضايا حقوق الانسان لرويترز "ليس لدينا اي خوف من استعداد الشعب لتولي (السلطة).

"سوريا مختلفة عن العراق. العراق دمر. في سوريا هناك انتفاضة ديمقراطية شعبية والناس يجتمعون ويشكلون مجموعات من النشطاء واللجان ويستعدون."

وعلى مدى الأشهر الخمسة الماضية تحدى مئات الالاف من السوريين الاعتقال والتعذيب والرصاص وحتى نيران الدبابات للمطالبة بسقوطه. لكنهم لم يستطيعوا اسقاطه حتى الآن.

وبالمثل فشل جهاز الاسد العسكري والأمني الذي تهيمن عليه الأقلية العلوية في قمع انتفاضة شعبية استلهمت الانتفاضات التي تجتاح أغلب العالم العربي.

وتنحي دمشق باللائمة في الاضطرابات على عصابات مسلحة مدعومة من الخارج وتلعب على اوتار خوف بعض العلويين والمسيحيين والعلمانيين بين الاغلبية السنية في سوريا من احتمال سيطرة الاسلاميين على السلطة اذا انهار حكم الاسد على الرغم من عدم رفع المحتجين شعارات اسلامية الا فيما ندر.

وانضمت الولايات المتحدة وحلفاؤها الاوروبيون الأسبوع الماضي الى الاصوات المطالبة للاسد بالتنحي متخلية عن دعواتها السابقة للاصلاحات الجذرية وهي مشروع خيالي كان سيضطره الى تفكيك دولته البوليسية القائمة على الامن وابعاد عشيرته عن مركز السلطة والثروة.
وحتى تركيا التي كانت حليفة لبلاده في وقت من الاوقات والسعودية تحولتا ضد الاسد دون ان تطالبا برحيله. اما روسيا التي لها قاعدة بحرية في ميناء سوري على البحر المتوسط فتقول انه يجب منحه مزيدا من الوقت لتبني الاصلاحات.

وربما تقنع زيادة العزلة الدولية بعض السوريين الكثيرين الذين وقفوا على الحياد خلال الاضطرابات بأن ايام الاسد في القصر الرئاسي باتت معدودة.

وقال فولكر بيرتيس مدير المعهد الالماني للشؤون الدولية والأمنية "يحدث الامر فارقا بالنسبة لبعض هؤلاء الناس وعلى الاقل زعماء العلويين الذين لديهم عقلية تامرية ويعتقدون انه اذا حسم الامريكيون امرهم بوجوب رحيل الاسد فحينئذ سيضطر الى الرحيل ان عاجلا او اجلا لذلك من الافضل بالنسبة لهم ان يتركوا السفينة قبل ان تغرق."

وتتراوح المعارضة السورية من الاخوان المسلمين الى الليبراليين العلمانيين والقوميين والاكراد بالاضافة الى الزعماء المحليين ونشطاء الشباب الذين يقودون الاحتجاجات المناهضة للاسد في بلدات ومدن في انحاء البلاد واغلبهم غير معروف.

وربما كانوا سيهللون اذا كان القادة العسكريون المستاؤون من اضطرارهم الى توجيه مدافعهم ناحية شعبهم بدلا من الاعداء الخارجيين ابلغوا الاسد بأنه قد حان وقت رحيله مثلما فعل نظراؤهم في مصر وتونس.

وكان البعض يأمل ان يلعب وزير الدفاع السابق علي حبيب وهو علوي هذا الدور. واقاله الاسد هذا الشهر.

وسواء أطاح به الجيش او جهة اخرى فان الشعب الذي يشن انتفاضة أودت بحياة ما لا يقل عن الفي مدني و500 من قوات الجيش والشرطة مثلما تقول السلطات يريد انتقالا الى حكم مدني ورأيا في مستقبل سوريا.

وتجمع نحو 300 شخصية معارضة بينهم اعضاء في جماعة الاخوان المسلمين المحظورة في يونيو حزيران بتركيا لدعم التغيير الديمقراطي في سوريا وانتخاب مجلس استشاري.

وفي حين اقر المجتمعون باختلافاتهم اتفقوا على العمل معا ورفضوا التدخل الاجنبي وشددوا على ان الاحتجاج السلمي لا يستهدف اي طائفة في محاولة لطمأنة العلويين الخائفين من الملاحقة القضائية في مرحلة ما بعد الاسد.
وعانى المعارضون السوريون لعشرات السنين من القمع في بلد تتركز فيه السلطة في ال الاسد ويمارسها حزب البعث والوكالات الامنية ونخبة من رجال الأعمال. وبدت المعارضة غير فعالة ان لم يكن لها صلة بما يحدث في البلاد.

ومع ذلك يحتفظ بعض المعارضين مثل المالح والبرلماني السابق رياض سيف واخرون باحترام واسع النطاق في سوريا وربما يلعبون دور القيادة في مرحلة انتقالية.

وافرزت الانتفاضة نفسها قادة جددا من الشبان والنشطاء الذين ينظمون الاحتجاجات سرا وينسقون فيما بينهم ويستخدمون الهواتف المتصلة بالاقمار الصناعية والانترنت لارسال صور عن كفاحهم الى انحاء العالم.

وقال بيرتيس "من اللافت للنظر ما حققوه في ابقاء الزخم ضد نظام مستعد لاستخدام القوة الكاملة في بيئة كانت دائما اكثر قمعا من البداية عن مصر في عهد (الرئيس المصري حسني) مبارك."

وربما تكون المؤسسات السورية غير فعالة وتتسم غالبا بالفساد لكن كثيرا من الموظفين الحكوميين لا يحبون قادتهم السياسيين دون امتلاك الجرأة على تحديهم.

وقال بيرتيس "أيها الدبلوماسيون في السفارات السورية في الخارج والوزراء التكنوقراط الجيدون - ابعثوا لهم باشارة أن اتركوا هذه الحكومة ويمكن الاستفادة منكم في المستقبل" مضيفا ان سوريا ليست دولة فاشلة مثلما كان العراق بعد الحرب.

وربما تكون الاصلاحات المبكرة للاسد شجعت عن دون قصد الشبان الذين يجاهرون الان بالمطالبة باسقاطه.

فعندما تولى الرئيس السلطة من والده حافظ الاسد عام 2000 غازل الشعب لفترة وجيزة بمزيد من الانفتاح السياسي واستمر لفترة اطول في محاولات متواضعة لتحديث وتحرير اقتصاد غرق طويلا في الاشتراكية على النسق السوفيتي.

كما الغى الزي العسكري من المدارس في ما وصفه ديفيد ليش خبير الشرق الاوسط بجامعة ترينيتي في سان انطونيو بتكساس بمحاولة للتحول من التلقين العسكري الى بيئة تعليمية طبيعية بدرجة اكبر.
 الشبان الى التفكير ليس في معركة ضد اعداء حقيقيين وتخيليين بل في تأمين بيئة اجتماعية وسياسية تفضي الى حياة افضل."

وستواجه اي حكومة مستقبلية مهمة شاقة ألا وهي انعاش اقتصاد كان يعاني من الضعف حتى قبل الاضطرابات التي قضت على النمو وخنفت الاستثمارات ودمرت قطاع السياحة الحيوي وزادت من عجز الموازنة.

وقال بيرتيس "وحتى لو فاز الاسد عسكريا فسيخسر سياسيا بسبب عزلته" مضيفا ان ذلك لن يؤدي الا الى تفاقم المشكلات الاقتصادية ويعطي الشعب الفقير العاطل مزيدا من الاسباب للخروج للشوارع.

وبالنسبة للمعلق رامي خورج المقيم في بيروت فلا يوجد امام الاسد من خيارات سوى اختيار اسلوب خروجه وأحد هذه الاساليب يكون نتيجة اصلاحات شاملة واخر عن طريق التفاوض مع المعارضة او معركة حتى الموت مع شعبه.

وكتب خوري قائلا "اذا اوقف فعلا العمليات العسكرية فان زيادة اعداد المتظاهرين بعد ذلك ستطيح به من السلطة.

"واذا واصل استخدام القوة ضد مواطنيه فان مزيجا من التمرد العنيد للشعب وزيادة الضغوط الاقليمية والدولية عليه ستطيح به ايضا من الحكم."

من اليستير ليون

(شارك في التغطية خالد يعقوب عويس)

المصدر:رويترز -    أية اعادة نشر من دون ذكر المصدر تسبب ملاحقه قانونيه

الرئيسية

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن موقف المرصد السوري