أخبار الوطناتصل بنا الرئيسية

22/06/2010

 

هل تكون اللقاءات اللبنانية - السورية مثل لقاءات هيئة الحوار؟

اميل خوري

 

‮تتضارب المعلومات، على قلتها، حول نتائج اللقاءات اللبنانية – السورية التي عقدت على مختلف المستويات. فمن تسريبات تقول انها لم تخرج الى الآن عن اطار الكلام الودي والمعسول المتبادل ووعود تُقطع بتنفيذ المطالب في اقرب وقت ممكن... وان كلا الطرفين يحاذران التسبب بأي خلاف يوقف عقد هذه اللقاءات فينعكس ذلك سلباً ليس على العلاقات اللبنانية – السورية فحسب بل على الاوضاع العامة في البلاد وتحديداً على مصير حكومة "الوحدة الوطنية". لذلك من الافضل ان تستمر اللقاءات بين البلدين حتى وإن ظلت تدور في حلقة مفرغة، اذ يكفي ان يكون استمرارها مصدر ارتياح واطمئنان وخلق مناخات صحية واجواء صافية، الى حين تسمح التطورات والتحولات المحتملة في المنطقة باستجابة ما يطالب به كل من البلدين، وهي استجابة تعطي صورة صحيحة وحقيقية للعلاقات اللبنانية – السورية، فإما تكون ترميماً لها، او تجميلا لما كان فيها من شوائب، او تحسينا لها لتبقى محصّنة وثابتة.

ومعلومات اخرى تتسرب تؤكد ان اللقاءات اللبنانية - السورية التي انعقدت حتى الآن على مختلف المستويات تسير في الطريق الصحيح وستكون لها نتائج جيدة من شأنها ان تجعل العلاقات بين البلدين ممتازة ومميزة ولا يؤثر فيها اختلاف الانظمة ولا حرية الاعلام ولا حتى اختلاف الآراء والامزجة لأنها ستكون مبنية على اسس متينة وعلى مصالح مشتركة للبلدين ينبغي المحافظة عليها. واذا كان لم يُعلن حتى الآن شيء عن النتائج التي حققتها هذه اللقاءات، فذلك حرصا على نجاحها وعدم طرح ما تحقق في التداول لئلا تدخل عليها المزايدات السياسية والحملات او التعليقات الاعلامية التي قد تعكر الاجواء الصافية وتعيد الوضع بين لبنان وسوريا الى ما كان عليه خلال السنوات الخمس الاخيرة من توتر وتشنج وعداء.

لذلك لا يمكن الحكم على ما تحقق من نتائج حتى الآن، وكم من اللقاءات ينبغي ان تعقد وكم من قمم لبنانية – سورية لتعلن النتائج كاملة.

ثمة من يقول ان سوريا ما زالت تعتمد سياسة كسب الوقت قبل ان تبت المطالب اللبنانية الاساسية التي عدّدها البيان الختامي المشترك الذي صدر عن اول قمة عقدت بين الرئيس سليمان والرئيس الاسد في دمشق، ومنها: تحديد وترسيم الحدود اللبنانية – السورية، وقد أُضيف اليها في القمة الثالثة التي انعقدت اخيراً تحديد وترسيم الحدود البحرية ايضاً، واتخاذ الاجراءات الكفيلة بضبط الحدود ومكافحة التهريب والاعمال المخالفة للقانون، وتفعيل اعمال اللجنة المشتركة المتعلقة بالمفقودين وتكثيفها واعتماد الآليات الكفيلة بالوصول الى نتائج نهائية بالسرعة الممكنة، ومراجعة الاتفاقات الثنائية القائمة بين البلدين بصورة موضوعية ووفق اقتناعات مشتركة بما ينسجم مع التطورات الحاصلة في العلاقات بين البلدين ويستجيب لمصلحة الشعبين.

ولوحظ ان هذا البيان خلا من ذكر ازالة السلاح الفلسطيني الموجود خارج المخيمات وان كان جرى البحث فيه خلال اللقاءات بين الرئيس سليمان والرئيس الاسد.

وفي اعتقاد اوساط سياسية مراقبة ان كل ما يهم سوريا في الوقت الحاضر والى أن تنجلي صورة الوضع في المنطقة، هو ان يظل الحكم في لبنان محافظاً على المقاومة وسلاحها لأنها تشكل ورقة قوية وضاغطة في اي مفاوضات مع اسرائيل، وان يستمر العمل بالمجلس الاعلى اللبناني – السوري لأنه يشكل مرجعاً عالياً لمعالجة الخلافات والمشكلات عند حصولها بين البلدين، لأنه ليس في استطاعة الحكومة اللبنانية ولا الحكومة السورية ولا في استطاعة هيئة الحوار الوطني أو السفارتين في البلدين، معالجة هذه الخلافات والمشاكل الا على مستوى المجلس الأعلى، وان كل ما يمكن التوصل الى تحقيقه بنتيجة اللقاءات اللبنانية - السورية هو توقيع الاتفاقات الثنائية المعقودة بين البلدين منذ سنوات بعد إدخال التعديلات عليها والتي تتطلبها التطورات الحاصلة وما ينسجم معها ويكون لمصلحة الشعبين.

أما إزالة السلاح الفلسطيني خارج المخيمات، وضبط الحدود لمكافحة التهريب ولاسيما تهريب السلاح الى المقاومة في لبنان، وحتى معرفة مصير المفقودين من الطرفين اللبناني والسوري، فهي أمور يبقى حسمها مرتبطاً بتحقيق السلام الشامل، وهو سلام قد يكون تحقيقه مرتبطاً بتطورات الاوضاع في المنطقة ولاسيما ما يتعلق منها بالملف النووي الايراني، وبتشكيل الحكومة في العراق، وبانسحاب الجيش الاميركي على مراحل منه، وبمصير المعارك والمواجهات في أفغانستان وباكستان، وبمصير المساعي المبذولة لتحقيق سلام شامل وعادل، إذ بتحقيقه تنتفي اسباب وجود أي مقاومة ووجود أي سلاح خارج أي دولة ويكون قد تم عندئذ تنفيذ القرارات الدولية ولاسيما القرار 1701.

وفي انتظار حصول كل ذلك، فإن الاوساط نفسها لا ترى في المدى المنظور امكان انهاء عملية تحديد وترسيم الحدود البرية والبحرية بين لبنان وسوريا، خصوصا مزارع شبعا ما دامت تحت الاحتلال الاسرائيلي، ولا تنسيق الاجراءات ووضع آليات ارتباط واتصال سريعة على جانبي حدود البلدين لضبطها ومنع تهريب الاسلحة، لان تهريبها سوف يستمر والمقاومة تبقى على جهوزيتها ما دامت اسرائيل تحتل الجولان في سوريا وتلال كفرشوبا ومزارع شبعا وقرية الغجر في لبنان.

وقد يكون ما يركز عليه الحكم في كل من لبنان وسوريا في الوقت الحاضر، هو السعي الى تحقيق التضامن العربي والفلسطيني والتنسيق بينهما في القضايا السياسية ولاسيما الصراع العربي – الاسرائيلي لان حالة عدم الاستقرار في المنطقة تعود الى استمرار الاحتلال الاسرائيلي للاراضي العربية، وهذا يتطلب العمل الجاد والدؤوب من اجل تحقيق السلام الشامل والعادل في المنطقة وفقا لقرارات الشرعية الدولية ومرجعية مؤتمر مدريد ومبادرة السلام العربية بما يضمن استعادة الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة بما في ذلك حق العودة ورفض التوطين واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس وانسحاب اسرائيل التام من الجولان حتى خط الرابع من حزيران 1967 وانسحابها ايضا من مزارع شبعا اللبنانية وتلال كفرشوبا والجزء الشمالي من الغجر كما تقضي قرارات مجلس الامن.

وفي انتظار ذلك، تظل هيئة الحوار الوطني تجتمع للبحث في الاستراتيجية الدفاعية، وقد بلغ عدد اجتماعاتها حتى الآن عشرة، والقمم اللبنانية – السورية تعقد وقد بلغ عددها حتى الآن ثلاثة... وهي وإن لم تحقق سوى ابقاء الاجواء الصافية بين البلدين فهو كاف.

المصدر:صحيفة النهار اللبنانية  - أية اعادة نشر من دون ذكر المصدر تسبب ملاحقه قانونيه

الرئيسية

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن موقف المرصد السوري