أخبار الوطناتصل بنا الرئيسية

22/07/2010

 

البيروني.. المشفى الشهير...اتهامات بالتقصير وطاقم المشفى ينفي

 

 

شهقت أم أحمد وانفجرت بالبكاء عندما كان ابنها يصف بألم وحسرة اللحظات الأخيرة لوفاة أخيه أحمد بين يديه وليس هناك أي عبارات في الدنيا قاطبة قادرة على وصف حالتها في تلك اللحظة، فصوتها شق لحظة الحزن تلك ليزيدها قسوة ومرارة.

أم أحمد ومنذ وفاة ابنها اعتادت الوقوف على شرفة منزلها المقابلة للمقبرة حيث دفن ابنها لتقول له «صباح الخير»، تُعد القهوة كما يحبها وتملأ فنجانين أحدهما له عله يعود لكن من احتضنته الأرض لن تتركه يخرج منها، وفي المساء تقف على الشرفة ذاتها تنظر إلى القبر الذي احتوى جثة ابنها وتقول له «مساء الخير»، لكن الصباح والمساء لن يعوضاها خسارتها الكبيرة في ابنها البكر.

البداية
توفي أحمد الدنان في مشفى البيروني التخصصي بعلاج الأورام بعد أسبوع من بدء علاجه من سرطان الدم ليوافق يوم وفاته يوم ميلاده في السادس والعشرين.
بدايات الحالة لدى أحمد تعود إلى فترة وجيزة قبل دخوله المشفى إذ كان يعاني من آلام في الكولون وجفاف في الشفتين فطلب منه أحد أصدقائه إجراء بعض التحاليل وبعد إجراء عدد منها اكتشف أن الكريات البيضاء مرتفعة جداً ما يعني إصابته بسرطان الدم اللوكيميا وبالتالي يحتاج إلى علاج وجرعات دواء حتى لا تحصل معه مضاعفات فبدأت رحلة العلاج وقرر بيع منزله إلا أن الأقرباء نصحوه بالتوجه إلى مشفى البيروني الحكومي لأنه يقدم العلاج مجاناً للمرضى.

ولذويه روايتهم
ماهر الدنان أخو المتوفى أوضح لـ«الوطن» أن أخاه قام بتحاليل عديدة قبل دخوله إلى المشفى كلفته الكثير من المال كما طلب منه وقبل يومين من دخول المشفى إجراء تحاليل أخرى وأخذ خزعات تحتاج نتائجها لعشرة أيام لتظهر كما طلب مدير أمراض الدم في المشفى الطبيب آصف ديوب مراجعته في عيادته الخاصة وأخذ منه 1500 ليرة أجرة معاينة.
وفق ما ذكر ذووه دخل أحمد المشفى وبقي فيها مدة ثلاثة أيام أخذ خلالها الجرعات الثلاث المقررة فاعتدل عدد الكريات البيضاء في دمه وتبقت له 4 جرعات أخرى ثم عاد إلى المنزل واستحم وحلق ذقنه.
في اليوم الرابع عاد إلى المشفى لأخذ بقية الجرعات فأصيب بحالات إسهال وإقياء حاد وكانت الجرعة التي تحتاج إلى ساعتين من الوقت لأخذها يتم إعطاؤها له في نحو ساعة وربع الساعة وفق ما أكدت زوجته وذووه وبدأ يتحول لون الإقياء والإسهال إلى اللون الأحمر، ويقول ذوو المريض: إن أحداً من الأطباء لم يزرهم حتى رئيس أمراض الدم لم يزرهم سوى مرة واحدة فقط، كما أن الكادر الطبي لم يقم ولو بقياس درجة حرارة المريض أو ضغط دمه أو أي إجراءات أخرى.

ولأمه كلامها
«خلال الأيام الثلاثة كنت أنقل المياه من المنزل إلى غرفة ابني بسبب انقطاعها في المشفى ولكن لا بأس فقد كنت مستعدة لفعل أي شيء حتى يشفى ابني بل كنت مستعدة لتنظيف الغرف».
بهذه الكلمات وصفت أم أحمد حال المشفى، مضيفة: وضع الحمامات فلم يكن أفضل إذ ليس هناك حمام في الغرفة وعلى المريض التوجه ساحباً معه كيس المحلول الملحي المعلق بيده والانتظار على باب الحمام حتى يخرج من بداخله ليتمكن من قضاء حاجته وكثيراً ما يتعرض المرضى لمواقف محرجة نتيجة لذلك.
وتتذكر أم أحمد كلمات ابنها وكيف أخبرها بأنه لا يعاني من مرض خطير كما تذكر صباح اليوم الذي توفي فيه بالقول: قلب الأم دليلها، لقد أحسست أن روح ابني تنزع منه، لقد كان ابني يموت، ركضت في أروقة المشفى وحاولت البحث عن المساعدة لكني لم أجدها.
ويضيف أخوه «في يوم السبت 26-6 وحوالي الساعة التاسعة ساءت حالة أخي الصحية فرجونا الطبيب آصف للحضور إلى الغرفة للكشف عليه ولكنه أخبرنا أنه بخير وما من داعٍ للقلق وفي الساعة العاشرة والنصف تقريباً بدأت بالصراخ والبحث عن مساعدة فبدأ الطبيب آصف بالرد على صراخي بمثله ووصل صراخه إلى الأطباء وأضاف «بدأ الطبيب يتهمنا بالكذب ويصرخ علينا كما صرخ على المريض واجتمع المشفى على صوت صراخه».
وأضاف ماهر أخو المتوفى: «بدأت حالة أخي تسوء فطلب الأطباء استشارة هضمية له وقمنا بأخذه إلى العيادة الهضمية لكنها كانت بلا طبيب وحاولنا جاهدين البحث عنه ولكننا لم نجده وانتظرنا طويلاً على باب العيادة دون جدوى ثم أعدناه إلى غرفته الخاصة لأن حالته بدأت بالتقهقر».
أما الطبيبة المشرفة على حالته فأخبرت عائلته بحاجته إلى كيس دم وتم سحب دمه من خلال حقنة طبية أعطيت لنا دون وضع الدم في أمبولة مخصصة لذلك ما دفع المسؤول في بنك الدم إلى توبيخنا لأن الدم يجب أن يوضع في أمبولة ثم قال إنه سيرسل الدم مع الممرضات ولكن كيس الدم تأخر لأكثر من ساعة ونصف الساعة وكان الأطباء يعطونه الأدوية عن طريق كيس المحلول الملحي فعدت إلى المخبر فقام المسؤول في المخبر بفتح البراد وإعطائي كيس الدم قائلاً هذا هو دون أن يفحصه وقامت ممرضة بإعطائه كيس الدم ثم رحلت دون مراقبة له.
ويضيف: أحس أخي بالتحسس وأخبر الممرضة بأنه تحسس سابقاً من كيس دم فقالت له الممرضة لا بأس وبدأ يقول إن نفسه يضيق فتم إرسالي لإحضار إبرة تحسس من غرفة الممرضات وأعطته الممرضة الإبرة وخلال دقائق قال لي إنه انتهى وقال الشهادتين ثم أسلم الروح.
ويضيف الأخ: بدأت بالصراخ طالباً النجدة فأتت ممرضة ووضعت سماعة على قلبه ثم تسمرت في مكانها، لم يوجد أحد لإنعاشه فحاولت إنعاشه واستمرت في المحاولة ومن ثم ركضت في أروقة المشفى ولم أجد أحداً وطلبت من الممرضات الاتصال بالإنعاش والإسعاف لكنها قالت إنها الساعة الخامسة ولا يوجد أي طبيب في المشفى فاتصلت بإخوتي وطلبت منهم إحضار طبيب.
وبينما كان الأخ يصف لـ«الوطن» تلك اللحظات الأخيرة من حياة أخيه التي لا يمكن وصفها إلا بالحرجة عليه وعلى أهله أجهشت الأم بالبكاء ومن بين نحيبها أكمل الأخ بحرقة صرخنا نريد طبيباً لكن لم يأت أحد فأزلنا كيس الدم من يده وأخذناه إلى قسم الإسعاف فأخذه أحد العاملين في القسم ووضعه بجانب أحد جدران الغرفة وقال سيراه الطبيب وكان هذا كل ما فعله قسم الإسعاف الخالي من أي معدات لإسعاف المرضى سوى بعض الأسرة الفارغة.
وأكمل الأخ كلامه بمزيد من الحزن المتراكم مشكلاً طبقات تحتاج لسنوات طويلة حتى تزول، «لم تنته حكايتنا مع البيروني بموت أخي كما وصف فالقصة المؤسفة تمثلت برفض المشفى إخراج الجثة إلا بعد دفع ثمن لوح زجاج كسرناه في لحظة غضب».

سأكون طبيباً
أدخل خبر وفاة أحمد الصاعق أبناءه الثلاثة خالد ويزن ورغد بصدمة نفسية قاسية إلا أن الابن الأكبر خالد كان الأكثر تأثراً فانهار عصبياً وخاصة أنهم لم يتمكنوا من رؤية والدهم قبل وفاته كما لم يتمكن جدهم من رؤية ابنه قبل وفاته.
رغم صدمة وفاة الأب إلا أن ابنه البكر خالد بعد خروجه من الصدمة اتخذ قراراً لا رجعة فيه بأن يدرس في كلية الطب ويصبح طبيبا متخصصاً في علاج الأورام عله يحسن التعامل مع المرضى أكثر مما أحسن الأطباء لأبيه.

المشفى ينفي وجود إهمال
مدير مشفى البيروني وليد صالح ورئيس قسم أورام الدم في المشفى آصف ديوب نفيا وبشكل قاطع وجود أي إهمال أدى لوفاة أحمد وأكدا أن المشفى قدم كل الخدمات للمريض.
ويؤكد الدكتور ديوب أن المريض كان يعاني من سرطان دم حاد مع احتمال وفاة كبير في اليوم الثامن ويصل إلى أكثر من 50% مشيراً إلى أنه تم إبلاغ ذويه بخطورة حالته.
ورد ديوب سبب الوفاة إلى المضاعفات غير المقدور عليها كنزف دماغي أو إنتان مضيفاً صعوبة تحديد سبب الوفاة وأوضح أن سرطان الدم يقسم إلى نوعين مزمن ويمكن للمصاب به أن يعيش لفترة طويلة وسرطان دم حاد وهذا النوع يكون احتمال وفاة المصاب به كبيراً خلال أيام، وأضاف: إن المصاب بهذا النوع يمكن أن يكون في حالة جيدة ثم تتقهقر حالته بسرعة ويمكن أن يموت بنزف في الدماغ أو بالصمة الرئوية كما يمكن أن تحصل الوفاة بسبب قصور في القلب أو التنفس أو نتيجة الإنتان وخاصة عندما يكون المريض في حالة تثبيط لكريات الدم البيضاء ولديه الكثير من المرافقين في غرفته.
وأوضح الطبيبان أن الصمة الرئوية تتشكل حين يتفتت الورم الكبير في الجسم ويتحول إلى قطع صغيرة جداً يمكن أن تسد شرياناً فتسبب ما يشبه الجلطة ويموت المريض.
الطبيب ديوب أكد لـ«الوطن» صدمته بكثرة مرافقي المريض المتوفى مضيفاً إن المريض كان يحتاج لرعاية خاصة نظراً لوضعه وقمنا بإطلاع ذويه على وضعه السيئ، وأوضح ديوب أن سبب نزف مريض السرطان هو نقل الصفيحات وعملية التثبيط وما يتم تقديمه للمريض هو الصفيحات ونقل الدم مضيفاً إن النزف الأخطر بالنسبة للمريض هو النزف الحاد في الدماغ والذي يمكن أن يؤدي للوفاة.
«عملنا فيه ضغط كبير» يقول ديوب مضيفاً إن هذا الضغط قد يخرج الطبيب عن طوره وخاصة عندما يكون عدد مرافقي المريض كبيراً ما يشكل خطورة عليه من خلال إمكانية انتقال الفيروسات من المرافقين إلى المريض المثبط مناعياً ما أجبرني على طرد المرافقين والصراخ في وجوههم لأن المريض بحاجة لأن يكون وحيداً.

الخدمات على أتم وجه
ويؤكد رئيس أمراض الدم أن المشفى والكوادر الطبية قدمت الخدمات على أكمل وجه ويشدد ديوب على أنه أكد على الأطباء تقديم أفضل الخدمات إضافة إلى تعليمات صارمة بنقله إلى جناح أمراض الدم ولم أخرج من المشفى حتى أمنت له المكان في الجناح وحاولت الطبيبة المشرفة على حالته إقناع ذويه بنقله إلى القسم لكونه ذا عناية فائقة إلا أنهم رفضوا بشكل قاطع نقله على اعتبار أنه سيكون وحيداً في الجناح الذي يمنع دخول المرافقين إليه، ويضيف ديوب: إن الفوضى عمت منذ دخول المريض إلى المشفى مضيفاً إنه أرسله من عيادته إلى المشفى وأعطته المشفى القبول.
صباح يوم وفاته كانت حالته سيئة فأخبرتنا والدته بذلك وعلى الرغم من وجودي في اجتماع توجهت إليه للتأكد من وضعه الصحي وطلبت له صفيحات دموية وتغطية كاملة واستشارة هضمية، وأضاف ديوب: إنه عندما وصل إلى الغرفة وجد عدداً كبيراً من المرافقين ما دفعه لإخراجهم وطلب من الممرضين إجراء قياس للضغط وكانت علاماته الحيوية 100% نحو الساعة 12 والنصف، ولكون العناية لمثل حالته أفضل في قسم الدم أكدت على الطبيبة نقله في ذات اليوم فسر أهله وشكرونا على تحسن حالته الصحية.
وأضاف ديوب: إن المريض توفي في اليوم ذاته فقام مرافقوه بتكسير الزجاج وعندما عدت وعلمت بأمر وفاته طلبت التحقيق في الموضوع من قبل الأطباء، وحول عدم زيارة المريض من قبل الأطباء أوضح ديوب أنه كرئيس قسم لا يقوم بجولة على المرضى كل يوم بل يقوم بجولة على الأقسام.
وأكد الطبيب ديوب أن الطبيبات والأطباء والكادر الطبي في المشفى يتعرضون في بعض الأحيان للإهانة والضرب من قبل مرافقي المرضى ما يدفعهم لطلب الشرطة لإنجادهم أو يحتملون ويستوعبون ما يمكن أن يقوم به أهل المريض بسبب صدمة الوفاة القاسية عليهم.
أرقام وإحصائيات
في الوقت الذي وصل فيه عدد المصابين بالسرطان في سورية بمختلف أنواعه إلى نحو 300 ألف فإن نحو عشرين ألفاً آخرين يضافون إلى لائحة المصابين سنويا في سورية وفق ما ذكر مدير المشفى ورئيس قسم أمراض الدم لـ«الوطن» وبحسبة بسيطة فإن نسبة عدد المصابين بالسرطان في سورية تصل إلى 1.5%.
وفي كل يوم يراجع المشفى ما بين 800 إلى 1200 مريض ما يشكل ضغطاً كبيراً على المشفى الوحيد الذي يقدم خدمات العلاج في البلاد على حين لا يزيد عدد الذين يدخلون المشافي في أكبر مراكز العلاج في العالم على 300 مريض في الحد الأقصى وفق ما ذكر مدير المشفى الطبيب وليد الصالح.
كامل عدد الأسرة في مشفى البيروني هو 535 سريراً ويصل الكادر الطبي الذي يتعامل مع الكم الهائل من المرضى لا يزيد على 300 ممرضة وحوالي 50 طبيباً من مختلف الاختصاصات بينهم 24 طبيباً متخصصاً في الأورام على حين يصل إجمالي العاملين في المشفى سواء في الخدمات الطبية أو الخدمات الإدارية وسواها إلى نحو 800 عامل فقط وتتراوح أجورهم بين 9 آلاف حتى 15 ألفاً كما لا يحصلون على الحوافز رغم ساعات عملهم الطويلة.
ويرد الصالح سبب الانتقادات بحق المشفى إلى قلة صبر المرضى إذ إن تقديم العلاج يتطلب القيام بعدد من التحاليل والصور قبله وفي الوقت الذي يوجد فيه طبيب مناوب فإن بعض المرضى يطلبون طبيباً بذاته للكشف على مريضهم.
وروى الصالح كيف وردت شكوى بأن مركز العلاج في مشفى المواساة قام بطرد إحدى المريضات ورفض إعطاءها العلاج الشعاعي وبالتدقيق تبين أن المريضة أتت للعلاج دون أن تقوم بأي اختبارات تؤكد إصابتها بالمرض كما لا توجد لها إضبارة تبين حالتها مضيفاً إنها توجهت إلى المركز بعد أن نصحت من مقربين لها بالذهاب إليه.
وكشف الصالح أن مشفى البيروني يؤسس لتشكيل وحدة معالجة نفسية داعمة من خلال التعاون مع الجمعيات الأهلية لتقديم المشورة الاجتماعية وسيبدأ المشروع بمرضى أورام الثدي أولاً ثم سينتقل في وقت لاحق إلى دعم بقية المرضى، وأضاف الصالح: إنه طلب أكثر من مرة أن يقيم طلاب كلية التربية وخاصة قسم الإرشاد النفسي معسكرهم الإنتاجي الصيفي في المشفى.

تأثر الخدمات بالعدد الكبير
العدد الكبير الذي يدخل المشفى يؤثر على مستوى بعض الخدمات وخاصة النظافة والمياه إذ إن المرافقين والمرضى يتركون صنابير المياه مفتوحة دون إغلاقها ما يؤدي لنفاد مخزون المياه في الخزانات التي تصلها المياه من الشبكة الرئيسية لمدة 6 ساعات يومياً وتقطع بعد ذلك.
ورد مدير المشفى سبب المشاكل التي تعاني منها الخدمات السابقة إلى قلة الوعي لدى المرضى ومرافقيهم على حد سواء مؤكداً في الوقت ذاته أهمية تعاونهم مع كادر المشفى للحفاظ على المياه ومستوى النظافة.

توافر الدواء
في الوقت الذي كانت فيه «الوطن» تجري حوارها مع مدير المشفى وردته اتصالات حول عدم توافر أحد أصناف الدواء المخصصة لمرضى سرطان الدم كما حضر إلى مكتبه أحد المرضى كان يسأل عن موعد توافره.
الصالح أكد لمن اتصلوا به وللمريض الموجود في المكتب أن دواءً بديلاً وصل إلى مستودعات مؤسسة التجارة الخارجية وسيصل في اليوم التالي إلى المشفى وأوضح لـ«الوطن» أن فقدان الدواء لفترة قصيرة يمكن أن يحصل في أي مشفى في العالم وتطرق الصالح إلى المعاناة في الحصول على الدواء وإقدامه على تأمين بعض أنواع الأدوية على مسؤوليته الخاصة ما يوقعه في بعض الإشكالات أحياناً إذ لا يسمح له وفق القوانين بصرف أكثر من 300 ألف ليرة سورية على الدواء يومياً.
ويضيف الصالح: في حال عدم توافر أحد أنواع الدواء لفترة طويلة فيمكن استخدام خط علاج آخر بديل وأكد أن عدم توافر الدواء يعود إلى عوامل خارجة عن الإرادة مضيفاً إنه ولتوفير الوقت يتوجه في بعض الأحيان إلى المطار لإحضار الدواء مباشرة إلى المشفى لتحقيق السرعة.

دموع لم تجف
دموع أم أحمد لم تجف بعد رغم مرور 3 أسابيع على وفاة ابنها وإن كان الموت لا يعيد من سقطت ورقته فإن لسان حالها يقول لو رأت في المشفى خدمات لائقة وملائكة رحمة لما كان لها إلا تسليم أمرها لله والقول إن ابنها مات قضاءً وقدراً ولكن ما ترى فيه إهمالاً.
وزير التعليم العالي كان كشف لـ«الوطن» قبل شهرين أن مراكز جديدة ستفتح لعلاج السرطان في محافظات أخرى ما سيخفف الضغط على العاصمة، ومدير المشفى أوضح معاناة المشفى من حيث قلة الكادر والكم الهائل من المراجعين وأم أحمد بكت ابنها فمتى ولماذا لا تقوم وزارة التعليم العالي المسؤولة عن المشفى ووزارة الصحة المسؤولة عن القطاع الصحي ومؤسسة التجارة الخارجية المسؤولة عن تأمين الدواء من الخارج بفعل ما يجب عليها فعله وتأمين مراكز أخرى للعلاج وزيادة عدد الكادر المؤهل ووضع ضوابط أكبر لطريقة معاملتهم للمرضى حتى يدخل المرضى إلى المشفى على أقدامهم ويخرجون منها بابتسامة وشكر وشفاء.




«رزق اللـه»: الكادر الطبي يلامس الألم ويحتاج لتدريب نفسي مستمر


ترى الاختصاصية النفسية رندا رزق اللـه أن العمل في المستشفى ينقسم إلى قطاعين الأهل الذين يعانون الضغط الاعتيادي للمرض وخاصة في حالات الأورام السرطانية على اعتباره مرضاً مميتاً ولا مفر منه.
ولكن حقيقة التعامل مع المرضى بحسب رزق اللـه «صعب وبخاصة مرضى السرطان أي الاحتكاك الدائم مع المرض والموت ما يدفع بأسئلة الموت والحياة الاعتيادية الفلسفية والنفسية للضغط بشكل مستمر على الممرض أو الطبيب وهذا الأمر قد يكون بحالة لا شعورية، وتزداد المشكلة تعقيداً مع انعدام الإجابات عن هذه الأسئلة، وهنا تبدأ حالات عدوانية الممرضات والأطباء بالظهور تجاه المرضى وتتطور لتصل إلى الأهل والزملاء وأحياناً تنعكس العدوانية على الذات».
نفسياً تتشكل العدوانية هذه في اللاوعي وليست عدوانية موجهة إلى المريض أو أهله ولكنها عدوانية موجهة إلى الموت نتيجة الخوف منه أو كرهه والحقد عليه ولكن التعبير عنها يتم بخلق العداء مع المريض أو أهله بحسب توضيح رزق الله، التي ترى أن المشكلة موجودة في كل الحالات ولكنها تزداد مع زيادة التماس المباشر مع الموت والمرض والخوف منهما وهذا أمر يعتقد الممرضون والأطباء أنهم اعتادوا عليه لكنهم بالحقيقة يخضعون لمضاعفات نفسية وهناك حالات فردية تصل لحدود الانهيار العصبي أو التخلي عن العمل لعدم المقدرة على المقاومة له.
بعد ما سبق ترى الاختصاصية النفسية رزق اللـه أن الكوادر الطبية العاملة في المستشفيات عموماً ومستشفيات السرطان خصوصاً يحتاجون لدورات إعداد نفسي قبل البدء بالعمل وخلاله، بالنسبة للتدريب قبل العمل ترى رزق اللـه أنه يجب أن يخضع الكادر الطبي لمنهاج نفسي تدريبي حول مخاطر العمل وآليات التعامل مع الموت والتوافق معه والتفريغ الذاتي للتراكمات الناشئة عن المرض والموت وملامسة الألم المستمرة، أما التدريب المستمر خلال العمل فتفضل رزق اللـه أن يكون عبارة عن جلسة أو اثنتين أسبوعيا لما يسمى مجموعات الدعم النفسي يعمل من خلالها الممرضون والأطباء على ملامسة النقاط المتيقظة نتيجة ملامستهم للألم والموت والمرض بشكل مستمر وتحليل التأثير المتبقي من الاحتكاك معها والتعمق فيها إذا كان لها معنى قديم في لاوعيه والعمل على التصالح النفسي معه أو بأقل تقدير التفريغ للتراكم والحقد المتشكل نتيجة له بطريقة لا تنعكس سلباً على حياة الممرض أو الطبيب أو على تعامله مع المرضى وأهاليهم.

المصدر:صحيفة الوطن السورية  - أية اعادة نشر من دون ذكر المصدر تسبب ملاحقه قانونيه

الرئيسية

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن موقف المرصد السوري