أخبار الوطناتصل بنا الرئيسية

22/08/2010

 

تداعيات شن هجوم إسرائيلي على إيران

 

 

إذا كان من المرجح أن تقرر إسرائيل مهاجمة إيران في الصيف المقبل، كما طرح جيفري بيرغ في "ذا اتلانتك" مؤخراً، فإن السؤال الكبير هو: ماذا سيحدث في أعقاب ذلك الهجوم؟
ثمة وجهة نظر مشتركة بين الاستراتيجيين والمحلليين السياسيين، مؤادها أن إيران ومعظم العالم الإسلامي سيحملون المسؤولية للولايات المتحدة. ومن المتوقع أن تعمد إيران إلى استخدام العلاقات التي رتبتها بعناية مع المتشددين في العراق وأفغانستان لمهاجمة القوات الأميركية، فيما يقول البعض إنها يمكن أن تزود المقاتلين في أفغانستان بصواريخ أرض-جو التي يتوقون إلى الحصول عليها.

سيوقظون الجحيم في أي مكان يستطيعون

وفي الغضون، يقول كافيه إحساني، العالم السياسي الذي يدرس شؤون إيران في جامعة ديبول في شيكاغو: "ثمة قطاعات في النظام (الإيراني)، وأجزاء من المؤسسة العسكرية بشكل خاص، والتي سترحب بشن هجوم، وبارتفاع التوترات، بل وحتى بالمواجهة". ويضيف: "إن استراتيجيتهم في الرد على هذا هي تصدير الصراع -إلى أفغانستان والعراق ولبنان وغزة... وسيوقظون الجحيم في أي مكان يستطيعون، مثل العربية السعودية".



لكن السؤال يظل مفتوحاً حول حجم رد الفعل الإيراني. وسيموت عدد أكبر من الجنود الأميركيين، وهذه حقيقة شبه مؤكد. أما كم بالضبط، فذلك غير واضح. وبينما يمكن لإيران أن توقف حركة الناقلات النفطية في مضيق هرمز لترفع بذلك أسعار النفط العالمية، أو أن تشجع حزب الله في جنوب لبنان على إمطار إسرائيل بالصواريخ، فإن المحللين منقسمون حول ما إذا كان البلد سيقوم بذلك العمل الحاسم.



الرد الأميركي سيكون أكثر تهديداً بكثير من ذلك الإسرائيلي، يقول واين وايت، نائب مدير مكتب الشرق الأوسط في جهاز الاستخبارات والأبحاث التابع لوزارة الخارجية الأميركية، إن ثمة شبكة عنكبوتية معقدة من الحسابات التي يعكف عليها الإسرائيليون والإيرانيون راهناً، وإن إيران قد تمارس ضبط النفس في أعقاب شن هجوم عليها لأنها لا تريد الانجرار إلى نزاع يمكن أن يفضي إلى تهديد الثورة الإسلامية.

إيران قد تمارس ضبط النفس

ويضيف: "إن الإيرانيين قد يقدرون أيضاً أنهم إذا رفعوا وتيرة الصراع، فإن ذلك قد ينطوي على توجيه المزيد من الضربات الموجعة لهم". ويشير بهذا الصدد إلى أن قيام إيران بشن هجوم دراماتيكي على المصالح الأميركية، أو تنفيذ انسحاب خطر من معاهدة عدم الانتشار النووي أو التفتيش النووي للأمم المتحدة، قد يفضي إلى رد أميركي أكثر تهديداً لإيران من الضربة الإسرائيلية المحدودة التي تستطيع إسرائيل توجيهها.



ويقول وايت أيضاً إن نوعاً من الرد ضد المصالح الإسرائيلية والأميركية على حد سواء هو أمر محتم، "ولكن ليس بشكل سافر، لأن التحول الدرامي سيلقي بثقله في الحال عليهم. وربما يفكرون بمكر إزاء هذا، مدركين أن لديهم الكثير من برنامجهم (النووي) بعد، فلا يعطونا ذريعة للغوص في الوضع وأخذ ما تركوه.. إن الشيء الذي يخافون منه أكثر ما يكون، هو ذلك الهجوم الضخم من جانب الولايات المتحدة، والذي قد يشتمل في النهاية على عدة آلاف من الطلعات الجوية ضد سلسلة كبيرة من الأهداف".



لماذا قد تهاجم إسرائيل إيران التي تصر على أن برنامجها هو لأغراض سلمية صرفة؟ ليس سراً القول بأن إسرائيل تشك، وعلى نحو معمق، بأن العقوبات الجديدة القاسية المفروضة على إيران؛ بسبب برنامجها النووي ستمنعها من إحراز تقدم. وفي الغضون، تستبعد إسرائيل تأكيدات طهران بنواياها السلمية جملة وتفصيلاً.

رجل مجنون معاد للسامية

وينظر القادة الإسرائيليون، مثل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، إلى الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد على أنه رجل مجنون معاد للسامية، والذي لن يرتدع أمام خطر رد نووي هائل من إسرائيل التي تعتبر القوة النووية الإقليمية الوحيدة. وغالباً ما يقارن الخطاب السياسي الإسرائيلي، كما تجدر الإشارة، بين قنبلة نووية إيرانية محتملة وبين الهولوكوست.



يقول السيد إحساني إن هذه الأنواع من المخاوف تجعل التفكير الاستراتيجي الإسرائيلي والأميركي ضبابيين. فكلاهما "يتوجسان من البرنامج النووي على حساب التفكير الجيوستراتيجي طويل الأمد حول إيران". ويضيف: "إذا كان كل شيء تفعله فيما يتعلق بوضع أحجارك على رقعة الشطرنج ينحصر في وقفهم عن تطوير برنامجهم النووي الذي تسعى إليه إيران بسبب مخاوف تتعلق باستدامة النظام، فإنك ستحصل على نوع من الدائرة الشرسة التي يمكن أن تأتي بنتائج عكسية".



النوايا والقدرات



من المرجح أن تكون النتيجة الفعلية لضربة إسرائيلية غير واضحة. وتعد هجمات إسرائيل الناجحة على مفاعل نووي سوري غير مكتمل في العام 2006 وعلى المفاعل النووي "أوزيراك" في العراق في العام 1981 (والذي كانت إيران قد حاولت وفشلت في تدميره بطائراتها في السنة السابقة)، تعد هذه الهجمات نماذج في بعض الأحيان، لكن هذين المفاعلين كانا منفردين وأقرب إلى إسرائيل وظاهرين فوق الأرض.



أما إيران، فلها 17 موقعاً نووياً معروفاً. وقد وضعت العديد من مرافقها الرئيسية عميقاً تحت الأرض، وعلى عمق كبير جداً حتى إن هناك شكوكاً حول إمكانية أن تستطيع قنابل ضرب "الدشم" تدميرها. ويقول وايت: "إذا كان هناك مجمع أنفاق واحد اكتشفناه، فربما يكون هناك سبعة أو ثمانية لم نكتشفها". ويضيف: "إنهم يحضرون لهذا منذ وقت طويل".



كما أن شن هجوم لن يكون شيئاً سهلاً. فالقيام بطلعات جوية طويلة فوق المملكة العربية السعودية والعراق أو تركيا، وقضاء الطائرات وقتاً محدوداً فوق أهدافها، والحاجة إلى الإسراع في العودة للتعامل مع رد محتمل من حزب الله، هي بعض من المشاكل.

تكثيف المخاطر بعيدة المدى

كما تناول ستيفن سايمون، الزميل الرفيع في مجلس العلاقات الخارجية، المشاكل التي تواجه توجيه ضربة إسرائيلية لإيران في الشتاء الماضي، فقال: "إن المسؤولين الإسرائليين يدركون أن أي ضربة إسرائيلية لا تستطيع القضاء تماما على التهديد النووي الذي تمثله إيران، وأن من شأن شن هجوم أن يفضي فقط إلى تكثيف المخاطر بعيدة المدى، فيما إيران تعيد تأسيس برنامجها سراً وتتقدم. وهو طرح عرضه مسؤولو مكافحة الإرهاب منذ وقت طويل، ومؤداه أن أي جهد لمواجهة التحدي النووي الإيراني سيكون بمثابة ‘تشذيب الحديقة’ فحسب".



ويقول الكولونيل (المتقاعد) بات لانغ، وهو الرئيس السابق لمكتب الشرق الأوسط في وكالة الاستخبارات الأميركية التابعة لوزارة الدفاع على مدونته، إن ثمة فرصة بنسبة 50% لأن توجه ضربة إسرائيلية "شبه صحيحة"، مع أنه يحذر من تداعياتها على المصالح الأميركية. ويقول إن غولدبيرغ لا يعتقد بأن الولايات المتحدة ستجر في نهاية المطاف إلى الدخول في هذه الحرب، وذلك حمق. فسلم التصعيد الذي سيتم تسلقه سيشتمل في الأرجح على هجمات تشن على القوات الأميركية، كما سيكون أمر توجيه ضربة لإسرائيل محتملاً في أحد الأطراف. وسيخلق ذلك حالة سياسية يكون معها أمر دخول الولايات المتحدة "في الحرب مرجحاً".



التداعيات والمسببات



تلك نتيجة يعيها المسؤولون الأميركيون تماماً، وهي تشكل على الأقل مسببا واحدا لكي يفضي هجوم إسرائيلي أحادي الجانب، وهو شيء تعارضه إدارة أوباما كما فعلت إدارة بوش من قبل، إلى توتر العلاقات مع الولايات المتحدة.



لكنه في حال أصبح نتنياهو مقتنعاً بأن العقوبات لا تؤتي أكلها، وبأن من غير المرجح أن تقود الولايات المتحدة هجوما، فإن الإسرائيليين، كما يطرح غولدبيرغ، سيعلنون عن اعتقادهم بأن لديهم فرصة معقولة لتأخير البرنامج النووي الإيراني ما بين ثلاثة إلى خمسة أعوام على الأقل. وسيقولون لزملائهم الأميركيين إن إسرائيل تركت بلا خيار ولن يطلبوا إذنا".

الولايات المتحدة لا تريد هذا على الاطلاق

ويتنبأ وايت بأنه سيمكن إدارة التوتر الذي يطرأ على العلاقات الأميركية مع إسرائيل، نظراً "لأن الأميركيين يميلون تماما إلى الإسرائيليين، ولديهم وجهة نظر بائسة حيال إيران".



ويقول: "إن الولايات المتحدة لا تريد هذا على الاطلاق، وهي لا تريد منهم أن يشعلوا الفتيل ايضا لأنه سيتم افتراض أننا أعطيناهم الضوء الاخضر. وهذا يعد أمرا سيئاً في الشرق الأوسط. وهذا ليس صحيحا إطلاقا. وعندما يرغب الإسرائيليون في فعل شيء دراماتيكي بشكل متطرف على غرار الغارة على أوزيراك في العام 1981، فإنهم لن يقولوا لنا شيئاً على الإطلاق".



ويقول إنه يتوقع أن تشن إسرائيل هجوما على إيران في حال تلقيها معلومات استخباراتية عن موقع محدد، أو تقدم نووي يعتبرونه "قابلاً للتشغيل على نحو منذر". ويضيف أنه لا يوجد أي تردد استراتيجي "إلا فيما يتعلق بصعوبة المهمة، لأنهم يعتقدون بأن إسرائيل ستنجو من معظم الضربة الانتقامية... وعلى المدى البعيد أشعر بالقلق. أما على المدى القصير، فإنني أظن أن الإسرائيليين لا يريدون فعل هذا".



تبعات غير مقصودة



في بعض الأوقات، بدت الإدارة العسكرية الأميركية أقل شغفاً بالمواجهة من أعضاء في إدارة أوباما، الذين قالوا مراراً إن "كافة الخيارات مدرجة على الطاولة" عندما سئلوا عما يمكن أن تفعله الولايات المتحدة إذا لم تؤت العقوبات ثمارها بالنسبة لبرنامج إيران النووي.



وكان الأدميرال مايك مولن قد قال في منتدى قادة العالم في جامعة كولومبيا في نيسان (أبريل) الماضي، إن "التبعات غير المقصودة" لهجوم إسرائيلي على إيران "ستكون كبيرة في منطقة تعرف بحالة عدم استقرار كبيرة الآن. ونحن لا نريد المزيد من ذلك"، حتى إنه بدا متردداً في ذكر أيهما أسوأ - إيران مسلحة نوويا أم حرب مع إيران.



وقال أيضاً: "إن ما نحتاج إليه هو قيادة سياسية ودبلوماسية حول العالم، والتي تكون منخرطة في التأكيد من أن لا يحدث ذلك -أي أن أيا من تلك الأمور لن يحدث. ولا أعتقد بأن حصول إيران على سلاح نووي سيكون مزعزعاً للاستقرار على نحو غير معقول. وأعتقد بأن مهاجمتهم ستخلق أيضا النتيجة ذاتها".
مقال في صحيفة "ذا أتلانتيك" إن هناك فرصة كبيرة لشن هجوم إسرائيلي على إيران في الصيف المقبل. فماذا سيحدث تالياً إذا تم ذلك؟

دان ميرفي - (كريستيان سينس مونتور)

ترجمة: عبد الرحمن الحسيني

المصدر:جريدة الغد الاردنية  - أية اعادة نشر من دون ذكر المصدر تسبب ملاحقه قانونيه

الرئيسية

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن موقف المرصد السوري