رأى الناشط السوري والباحث في علم
الاجتماع أحمد موسى أن «النظام السوري
يحاول الرهان على الموضوع الطائفي،
باعتبار أن ورقة من الأوراق الموجودة
اليوم بين يديه هي تفجير الوضع الطائفي
داخليا». واعتبر، في تصريحات لـ«الشرق
الأوسط»، أن «الوضع اليوم حرج جدا، لكن
مستوى الوعي عند الشباب السوري الطامح
للتغيير عالٍ جدا». وقال: «كما فشلت
محاولات النظام السابقة لإشعال مواجهة
طائفية في بانياس وحمص ستفشل في كل المدن
السورية»، مشددا في الوقت عينه على أن «من
يتاجر بالأقليات لا يمكن على الإطلاق أن
يكون حاميا لها».
وأشار إلى أن «الحديث عن الأقليات في
سوريا وتأثير استقرار النظام على وجودهم
تمت إثارته وتسويقه في لبنان، لكن لا صدى
له في سوريا لأن شباب الانتفاضة السورية
اليوم يطالبون بدولة مدنية وبأن يكون
الحكم لصناديق الانتخابات، وهم لا ينظرون
إلى الآخرين باعتبارهم يمثلون طائفة ما».
وقال: «لا أحد يريد بناء نظام سوري مشابه
للنظام اللبناني، بمعنى أن يكون للسنة حصة
معينة وكذلك للعلويين والمسيحيين، لأننا
لا ننادي بدولة طوائف، بل بدولة عصرية
يتساوى فيها جميع السوريين».
وشدد موسى على أنه «بالتأكيد لا أبعاد
دينية أو طائفية لـ(الثورة) السورية، لكن
كما هو الحال في كل الديكتاتوريات، يحاول
النظام أن يقرّب رجال الدين منه لأسباب
معينة، ويكون لمواقفهم حسابات خاصة»،
موضحا أن «الربيع العربي واضح، والشباب
السوري يتحرك انطلاقا من فكر جديد ورؤية
جديدة وهو يطمح إلى انتخاب قيادة سياسية
تليق بحجم التغيير الاجتماعي الذي يحصل في
الشارع السوري».
وذكر بأن «النظام ووسائل إعلامه في سوريا
هم وحدهم من يروجون لمشهد التحريض الطائفي
ويسوقون لحرب مذهبية، ويلوحون بالتقسيم في
المنطقة»، لافتا إلى أن «كل تعليقات
وقراءات المحللين المؤيدين لنظام الأسد
تصب في هذا الإطار، في موازاة سعي النظام
لدفع الوضع بهذا الاتجاه ليظهر وكأن وجوده
هو الضامن لعدم التوجه إلى الحرب الطائفية».
وفي ما يتعلق بالطائفة العلوية، التي لم
تتخذ موقفا بشأن الأحداث في سوريا
باستثناء محاولات ضئيلة آخرها بيان
المشايخ العلويين الثلاثة في مدينة حمص،
والذي اعتبره كثيرون متأخرا لناحية توقيته،
شدد موسى على أن «النظام السوري يضغط
كثيرا على العلويين»، لا سيما الناشطين
والمثقفين ورؤساء العشائر منهم، لإقامة
شبه جبرية ومراقبة دائمة». وأوضح أن «خروج
باقي السوريين للتظاهر هو أسهل بكثير من
خروج العلويين، لأن من يخرج منهم يصنف
فورا في خانة العميل ومصيره محسوم».
ولفت موسى إلى أن المجتمع العلوي «هو
مجتمع عشائري وطبقي بامتياز، ودأبت عائلة
الأسد طيلة السنوات الفائتة على عدم إعطاء
أي امتيازات أو إفساح المجال أمام مشاركة
أي قياديين من صفوف باقي العشائر، لا سيما
تلك الواقعة في أعلى السلم الطبقي».
واعتبر أن «الأسد الابن، وكما فعل من قبله
والده الرئيس الراحل حافظ الأسد، يحاول
دائما الإيحاء بأن عشيرته هي في أعلى
السلم الطبقي، على الرغم من تقصيره الفاضح
باتجاه العشائر الأخرى، وهو يعمل على
إظهار نفسه في مرتبة البطل القومي الحريص
على مصالح الطائفة والوطن والأمة». |