|
|
|
|
اخلاء 300 منزل في المهاجرين.. والتعويض 20 ألف لكل أسرة
|
|
ثلاثة أقانيم ارتبطت أسماؤها واتحدت
عضوياً بمدينة دمشق على مر العصور وهي
بردى والغوطتان وقاسيون, وبعد أن ساهم سوء
التخطيط وسوء الاستخدام في محو الغوطتين
وموت بردى, ها هي محافظة دمشق تشمر عن
ساعديها لتقتلع قاسيون من ذاكرة أبنائها
من خلال تنفيذها لقانون الاستملاك الجائر
الصادر عام 1975 والذي سيؤدي بآلاف الأسر
إلى التشريد والضياع في ظل تنصل المحافظة
من واجبها ووعودها بتأمين السكن البديل
المزعوم والذي تستعمله كمخدر موضعي- كما
هي عادتها- بينما الأهالي يقضون أيامهم
على جمر التهديد الذي حملته إنذاراتها
بموجب إخلاء المنازل خلال مدة نهايتها
28/2/2011 معلنة أنها ستباشر «بهدم البناء
فور انقضاء المهلة الممنوحة لكم دون أن
تكون مسؤولة عن الأضرار التي تلحق بكم من
جراء عدم قيامكم بإخلائه التام» ومهددة
القاطنين بأن أي تباطؤ في الإخلاء يستدعي
تطبيق أحكام قانون صدر في خمسينيات القرن
الماضي والقاضي بتخفيض التعويض أو إلغائه.
ضبابية وغموض
حجة محافظة دمشق غير واضحة تماماً وكل
مدير فيها يتحدث خلاف زميله ما آثار
الشكوك والظنون في نفوس القاطنين من تنفيذ
الاستملاك فلا هي وضعت مخططاً للموقع ولا
أعلنت عن ماهية المشروع ولكن يبقى الخبر
اليقين عند «جهينة المحافظة».
فتارة تتذرع بأن المنطقة تقع على خط
انهدام وتشكل خطراً على القاطنين علماً أن
المنطقة الواجب إخلاؤها تقع في الجزء
المستقر جيولوجياً وتارة لشق طريق تخديمي
علماً أن الشارع المزمع شقه وتوسيعه لا
يعاني من أزمة مرورية, وقرار الاستملاك
يذكر أن الغاية من الاستملاك إقامة
متنزهات ومشروعات سياحية وسكنية في
المنطقة.
صدر قرار الاستملاك عام 1975 ومن ثم قامت
لجان التخمين عام 1984 أي بعد عشر سنوات
على صدور القرار بتخمين عقارات من يملك
سند تمليك فقط وبأسعار زهيدة للمتر المربع
لا تتوافق مطلقاً مع الأسعار الرائجة في
تلك الفترة ثم طلبت من القاطنين تثبيت
ملكيتهم بالاعتماد على أي مستند أو تكليف
مالي «إيصالات ماء- كهرباء- هاتف» ومع ذلك
لم تعتمد جميع من تقدموا فالسيد أحمد مرعي
الذي يقطن في المنطقة منذ الخمسينيات
ويملك سنداً أثبت أنه يدفع فواتير ماء منذ
عام 1967 لم تتم تثبيت ملكيته وهو المعيل
لاثنين من المعوقين من أبنائه... ولجنة
التخمين لم تعترف لبناء مؤلف من ثلاثة
طوابق إلا على غرفتين فقط.
تعويض الإخلاءات
أما تعويض الإخلاء الذي تكرمت به المحافظة
للأهالي كتعويض عن منازلهم التي ستهدم
لمصلحة مشروعات ستدر أرباحاً خيالية على
المحافظة وعلى جيوب المستثمرين فتندرج تحت
بند المضحك المبكي فكيف استقام الأمر مع
لجنة التخمين لتعوض مالكاً عن عقاره
ومساحته 3250م2 بـ 120 ألف ليرة سورية
ووضعت لبعض المحاضر 100 ليرة فقط عن المتر
المربع لتتراوح قيم تعويض الإخلاء ما بين
20-60 ألفاً وهذا المبلغ لا يعادل ثمن باب
خارجي أليس في هذا مدعاة للسخرية؟ ألم
تعلم محافظة دمشق والمخططون فيها أن ثمن
القبر الذي لا تزيد مساحته عن متر مربع
يساوي حالياً أكثر من ثلاثمئة ألف ليرة
سورية في تلك المنطقة وهي التي عجزت عن
إيجاد حل لمشكلة أسعار القبور حتى الآن.
مفارقات عجيبة
ئحافظة دمشق تتذرع بأن هذه المنطقة تشكل
خطراً كبيراً على القاطنين وقد أعلنت
مراراًَ وتكراراً أنها لن تخلي أحداً قبل
تأمين سكن بديل في منطقة معربا. ولكن
هذا بقي كلاماً مازلنا نسمع رجع صداه وعلى
مبدأ أسمع جعجعة ولا أرى طحيناً فما
الخطوات التي اتخذتها المحافظة حيال هذا
الجانب؟
لقد سعت الجهات المعنية إلى إجراء دراسة
لمنطقة سفح قاسيون ووضعت خطة لتطويرها
عمرانياً نفذها برنامج تحديث الإدارة
البلدية «المام» برئاسة خبيرة من جامعة
هارفارد ومساعدة فريق خبير من المام وفريق
محلي وتم وضع استراتيجية للتنمية في
الموقع ومخططات تفصيلية لمكونات أجزاء جبل
قاسيون وأشارت الدراسة إلى أن المنطقة
السفلى من قاسيون هي منظمة والعلوية منها
سكن عشوائي وقد اعتبرت الدراسة أن موقع
إعادة الإسكان المقترح في منطقة توسع
معربا مكوناً أساسياً في مخطط التنمية وقد
تم اقتراحه من قبل محافظة دمشق إلا أن
المحافظة غضت الطرف عن هذا المكون المهم
وقفزت إلى بند إخلاء السكان حتى دون أن
تأخذ بالحسبان التوقيت غير المناسب والأهم
منه الوضع المعيشي للقاطنين والذي تحدثت
عنه الدراسة بأن قاطني سفح قاسيون هم من
العائلات الفقيرة ومع ذلك أدارت المحافظة
ظهرها لهم مما يهدد مستقبلهم ومستقبل
أبنائهم, وها هي تتركهم لتتقطع بهم السبل
في رحلة البحث اللامجدية عن المأوى في ظل
ارتفاع أسعار البيوت التي لا يملكون ثمن
متر واحد منها ولا يمكن للتعويض الذي خصص
لهم أن يملكهم بلاطة واحدة بل بالكاد
يكفيهم لشراء خيمة ولربما تلاحقهم
المحافظة مجدداً إن هم فعلوا في حجة
مخالفات إشغال.. خاصة أن إمكانية استئجار
غرفة واحدة يفوق دخل المعيل.
أما من فقد المأوى والمحل الذي يعتاش منه
وأسرته فسبيله إلى الضياع محمد أحمد مرعي
معوق ولديه ثلاثة أولاد يقطن في طابق من
منزل والده ويملك محلاً صغيراً يقوم فيه
بتصليح الأجهزة الكهربائية فها هو قد خسر
منزله الذي لم تعترف المحافظة بملكية
والده للمنزل رغم أنه يقطنه منذ
الخمسينيات ولم يلق أذناً صاغية من
المحافظة عندما راجع المتخصصين فيها دون
حتى أن ينظروا لأمر إعاقته وقطعهم لأسباب
رزقه الذي بالكاد يكفيه في سعي منه لكسب
شريف مهما كان ضئيلاً يكفيه عوز الآخرين.
حسين علي حبش يقول: أقطن مع أهلي ولدي
خمسة أولاد في مختلف المراحل الدراسية
وأعيل والدتي المقعدة وأعمل سائقاً على
أحد السرافيس فكيف سيكفي ما أحصل عليه من
تسديد أجار غرفة لي ولأولادي في أطراف
المدينة وغرفة لوالدتي التي تحتاج إلى من
يقوم بخدمتها بعد أن خدمتها أخواتي
القاطنات بالقرب منا والله وحده يعلم أين
ستذهب كل واحدة مع أسرتها بعد أن كنا في
حارة واحدة... الأمر الذي يستلزم وجود
سيدة تقوم على خدمة والدتي أم إن المحافظة
تريدني أن أتخلى عنها أيضاً... وعلي أن
أدفع مبلغاً كبيراً لمصاريف تنقل أولادي
الخمسة من وإلى مدرستهم وجامعة ابنتي
الكبرى على طريق المطار...
هل وراء الأكمة ما وراءها؟
في الوقت الذي تسعى المحافظة جاهدة لإخلاء
القاطنين الآمنين من مساكنهم بحجة أن
المنطقة قائمة على خط الانهدام وهي
الخائفة على أرواح هؤلاء الساكنين وقد قضى
قرار الاستملاك بمنع بيع أو ترخيص لأي
بناء ترى أنه يشمخ حديثاً بناء عال على
مسار الطريق المقترح يملكه أحد التجار
الذين حصلوا على ترخيص رسمي من المحافظة
فهل هذا البناء قائم على صخور مختلفة؟ أما
الشارع المنوي شقه وتم إنذار القاطنين
بالإخلاء فقد حرف مساره بقدرة قادر على حد
تعبير الأهالي لكون أحد أقارب هذا المدير
يقطنون فيه...!
آراء المتخصصين
عدد من الأساتذة الجامعيين في كلية
الهندسة صرحوا بأن أي مشروع عمراني أو
مشروع يخدم البنية التحتية يجب أن يكون
ضمن مخطط تنظيمي مصدق ويخدم هدفاً محدداً
ودراسة منعكسات هذا المشروع على المواطنين
إضافة إلى وجوب توافر دراسات هندسية
للطريق المقترح والحمولات عليه وعرض كل
المعلومات على أصحاب الخبرة قبل اتخاذ أي
إجراء إضافة إلى دراسات اجتماعية دقيقة
لأحوال القاطنين فيه مع عدم التعامل مع
القاطنين بشكل هامشي حتى ولو كانت مساكن
مخالفة ففي كل دول العالم هناك قوانين
تضمن للمواطن حقه وهو أمر متعارف عليه ومن
أهم أهداف التطوير الذي يحدث في أي مشروع.
وأكد المتخصصون ضرورة توافر دراسات
هيدرولوجية وجيولوجية وجيوتكنيكية
وجيوفيزيائية وطبوغرافية ولا يجوز أن يتم
تمرير أي مشروع لا تتوافر فيه مثل هذه
الدراسات. وأشار المتخصصون إلى وجوب
الاطلاع على دفاتر الشروط الفنية الخاصة
بجبل قاسيون ودراسة السفح والكتل الصخرية
حيث يتم الخلط بين الدراسات الإنشائية
والجيوهندسية مؤكدين على صاحب المنصب
الإداري أن يكون مؤهلاً وعلى مستوى عال من
الخبرة.
أرقام غير دقيقة
ثلاثمئة أسرة ستتضرر من الإخلاء في
المرحلة الأولى منهم من يمتلك سندات تمليك
نظامية ومنهم من شيدوا منازلهم على أراضي
الدولة بينما الدراسة (المام) تؤكد وجود
4526 بناء متناثراً وبفرض وجود 2.5 عائلة
في البناء فإن حوالي 10640 عائلة يحتاجون
في النهاية إلى إعادة الإسكان وحسب
الدراسة فإن العجلة تستدعي نقل 2440 أسرة
تقطن في منطقة الخطورة العظمى على طول خط
الفالق الرئيسي وباستخدام التقدير
الديمغرافي نفسه يجب تـأمين مساكن تكفي لـ
4060 عائلة وجميعنا يعلم أن محافظة دمشق
تحتاج إلى 30 ألف شقة لإسكان من يحتاجون
إلى السكن البديل فهي بذلك تضيف مجموعة
جديدة إلى المحتاجين لسكن بديل.
ومن يسمع المحافظة وسعيها لتأمين السكن
البديل يظن أنها تقدم له سكناً بأفضل حال
إلا أن واقع الحال أثبت أن هذا السكن هزيل
بمواصفاته والأنكى أنها تبيعه المنزل على
أقساط وبأضعاف سعر التكلفة وبتنفيذ ٍأسوأ,
وأقل ما يقال عنه أن السكن العشوائي الذي
نفذ بأيام وساعات قليلة أفضل حالاً منه
وهذا ما لمسناه في مساكن الحسينية
والتعويض الذي تقاضاه المواطن لقاء مسكنه
الأصلي لا يكفي لتركيب إطار لنافذة من
الألمنيوم.
مطالب السكان
المنذرون بالهدم لا يعترضون على مبدأ
الإخلاء بحد ذاته ولكن اعتراضهم على أخذ
مساكنهم وتركهم يواجهون مصيراً صعباً بل
يطالبون بتعويضهم بمنزل لقاء منزل ومحل
لقاء محل ولا يطالبون بقصر مشيد ويقترحون
أقامة مدينة سكنية خلف جبل قاسيون بمنطقة
تسمى سهل الخنزير امتداد معربا أو دفع
قيمة المنزل حسب السعر الرائج وأن تحسب
المساحة الحقيقية لكل منزل أو أن يتم
إصدار المخطط التنظيمي ورفع الاستملاك
والبناء وفق المخطط من خلال متعهدين
وبإشراف المحافظة
رأي المعنيين في المحافظة
طلبنا مقابلة السيد المحافظ لاستجلاء
الصورة لديه إلا أن المكتب الصحفي أفاد
بأن السيد المحافظ لن يتحدث عن هذا
الموضوع وسيتم تحويل الإجابات لمدير
التخطيط والتنظيم العمراني وأن الموضوع
أشبع في مجلس محافظة دمشق الأخير لذلك
أرتأتينا أن نشير إلى حديث السيد عبد
الفتاح اياسو وما أدلى: وقد أغفل مدير
التخطيط والتنظيم العمراني عبد الفتاح
أياسو عدد المستحقين الحقيقيين المتضررين
من الإخلاءات مبيناً أن عددهم 158 أسرة
علماً أن العدد الحقيقي وفق دراسة (المام)
يبلغ أكثر من أربعة آلاف مسكن. وأشار في
رده في مجلس محافظة دمشق الأخير إلى أن
الإخلاءات للاستملاك الجديد لأجزاء من
العقارات بهدف تحسين الأداء المروري في
المنطقة في طلعة شورى والذي يتضمن إزالة
مركز للنظافة وتوسيع الشارع المخدم
للجادات الثالثة والرابعة والخامسة في
منطقة المهاجرين وهو الطريق التخطيطي
المصدق منذ أكثر من ثلاثين عاماً، ويشمل
عدة عقارات في شارع سلمية وهو عبارة عن
وصلة بطول 500 م من سلمية إلى خورشيد.
لقد أثارت تصريحات مدير التنظيم العمراني
تلك وما قاله على فضائية الدنيا انفعالات
المواطنين بقوله: (إن على الفقير أن يضحي)
في الوقت الذي ظهر فيه محافظ حلب على
الفضائية السورية ليؤكد بأن إخلاءات تلة
السودا بحلب لن تتم قبل تأمين المساكن
لجميع المتضررين وهذا وفق ما نص عليه
مرسوم الاستملاك.
وهنا نتساءل مع المتسائلين هل تخضع مدينة
حلب لقوانين مختلفة عن القوانين التي تخضع
لها مدينة دمشق؟ ونتساءل أيضاً ماذا فعلت
قوانين الاستملاك منذ سنوات طويلة ألم
تساهم بزيادة رقعة السكن العشوائي وتخلخل
البنية التحتية للمدينة؟! |
المصدر:تشرين
السورية
- أية اعادة نشر من دون
ذكر المصدر تسبب ملاحقه
قانونيه
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|