أخبار الوطناتصل بنا الرئيسية

24/12/2010

 

"هوّة لبنانية" بين دمشق وطهران ؟!

راجح الخوري

 

معايير التعاون الاستراتيجي بين سوريا وايران تفترق بين ملف وملف آخر وبين قضية وقضية أخرى.
في الخطوط العريضة للسياسات الكبرى، التي تتصل بشؤون المنطقة عموما وقضية الشرق الاوسط والموقف من العدو الاسرائيلي، يمكن ان تصل الامور نظريا الى حدود التماهي المتبادل تقريبا.
لكن في الامور التفصيلية والقضايا الاقليمية المنفردة والمحددة، يفرض حسن الادراك على المراقب ان يتذكر دائما أن هناك مثلا خصوصيات و"امتيازات"، أو بالاحرى أحقيات، تعطي دمشق موقعا متقدما على طهران كما هو الحال في لبنان والعراق، وتعطي طهران موقعا متقدما كما هو الحال بالنسبة الى الخلافات الخليجية والى المسألة النووية ومواجهة الضغوط والعقوبات الاميركية والغربية.
على هذا الاساس لا يشكل الكلام الفرنسي، الذي لاحظ وجود تناقض صارخ بين قول السيد علي خامنئي إنه يعتبر قرار المحكمة الدولية "لاغيا وباطلا"، وإعلان الرئيس بشار الاسد المتكرر "أن المطلوب هو قرار اتهامي يستند الى الأدلة والوقائع لا الى الظنون"، أي اكتشاف جديد، لأنه من الواضح تماما ان ايران تجاوزت قواعد احترام "الأحقية" السورية او بالاحرى "الامتياز" السوري المفترض في الشأن اللبناني، وباتت تتصرف لا كشريك مضارب على دمشق فحسب في الشؤون اللبنانية، التي تشكل أولوية مطلقة ودائمة لدى النظام السوري، بل كصاحب دور يتقدم حتى على الدور السوري في هذا الموضوع الحساس!
□ □ □
ومنذ زمن غير قليل، وقبل زيارة الرئيس محمود أحمدي نجاد للبنان وإعلانه قيام "جبهة مقاومة الشعوب"، مفترضا ان ايران قاطرتها وان لبنان وسوريا والعراق وتركيا مقطوراتها، قبل ذلك بكثير بدت السلوكيات الايرانية في اتجاه لبنان وكأنها لم تعد في حاجة الى البوابة السورية او المعبر السوري أو لنقل الموافقة السورية، مع ان كل ما راكمته طهران من نفوذ في لبنان أخيرا، عبر "حزب الله" تحديدا، إنما يعود الفضل فيه الى جسر التواصل السوري الذي لا يمكن الاستغناء عنه.
واذا كانت دمشق تتصرف بحنكة تفوق براعة أهل البازار الايراني لتحافظ على حدود تعاونها الاستراتيجي مع طهران، مفترضة أنه لا بد ان تدرك ايران يوما انها تجاوزت "الحدود السورية" في لبنان، فان الواضح حتى الآن أن السياسة الايرانية حيال المسائل اللبنانية تعكس وجود اقتناع ضمني بأنها باتت تملك دورا متقدما على دور سوريا، بما يعني انها صارت بوابة سوريا الأعجمية الى لبنان (!) وهو أمر يوسع الفوارق في النظرة والمفهوم بين البلدين كي لا نقول يوسع "الهوة اللبنانية" المتزايدة بينهما.
واذا كان الرئيس بشار الاسد تعمّد ان ينزل فجأة في الرياض لتنشيط مسعى "س - س"، مباشرة بعد انتهاء زيارة نجاد لبيروت، فإن كلام خامنئي الآن عن بطلان قرار المحكمة الدولية بدا كأنه رد مباشر على تصريحات الأسد الاخيرة، ومحاولة لنسف المسعى السعودي – السوري لايجاد حل في لبنان، وإن كان البيان التوضيحي الذي أصدره "حزب الله" أول من أمس نفى هذا الامر.
هذا كله يوحي بالتأكيد ان هناك خلافا بين دمشق وطهران على التأثير والادوار في لبنان، الذي تنظر اليه دمشق كساحة حيوية مهمة جدا لنفوذها الاقليمي، والذي تنظر اليه طهران ايضا كساحة متقدمة في وجه الغرب وكقاعدة في وجه اسرائيل وتهديداتها.
ولكن الذين يعرفون سوريا جيدا، يؤكدون أنها ليست حتى في وارد القبول بترسيم حدود النفوذ بينها وبين ايران لبنانياً، فهي ليست مالكة البوابات اليه فحسب، بل المعابر والحنفيات وحتى الهواء عابر الحدود!

المصدر:النهار اللبنانية  - أية اعادة نشر من دون ذكر المصدر تسبب ملاحقه قانونيه

الرئيسية

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن موقف المرصد السوري