أخبار الوطناتصل بنا الرئيسية

24/06/2010

 

وزير العدل يعامل القضاء كدائرة ملحقة بوزارة العدل‏

المحامي ميشال شماس

 

‮تؤكد معظم التعاميم والقرارات التي تصدر عن السيد وزير العدل بوضوح على أن السلطة القضائية لا تحظى بالاستقلالية عن السلطتين التشريعية والتنفيذية وفقاً لما نص عليه الدستور السوري في المادة 131 منه " السلطة القضائية مستقلة ويضمن رئيس الجمهورية هذا الاستقلال يعاونه في ذلك مجلس القضاء الأعلى " وما نص عليه أيضاً في المادة 133 :(1- القضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون.2- شرف القضاة وضميرهم وتجردهم ضمان لحقوق الناس وحرياتهم.).
فوزير العدل يجمع بين يديه النقيضين فهو من جهة عضواً في السلطة التنفيذية بصفته وزيراً للعدل، ومن جهة أخرى هو عضواً في السلطة القضائية بصفته نائباً لرئيس مجلس القضاء الأعلى ويرأس مجلس القضاء الأعلى نيابة عن السيد رئيس الجمهورية وفقاً للمادة 65من قانون السلطة القضائية الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 98 لعام 1961، وهذه السلطة الممنوحة لوزير العدل أتاحت لوزراء العدل الذين تعاقبوا على وزارة العدل منذ صدور قانون السلطة القضائية في العام 1961 التحكم بشؤون القضاء بدءاً من التعيين والإقالة والتنقلات والترقية والتأديب ..الخ.
والتعميم رقم /1/ الصادر عن السيد وزير العدل بتاريخ 11/1/2010 والمنشور في مجلة المحامون العددين الأول والثاني لعام 2010 لا يخرج عن إطار التدخل المستمر في شؤون القضاء والانتقاص من استقلاله، فقد نص التعميم حرفياً :" نعمم عليكم بلاغ السيد رئيس مجلس الوزراء رقم د5/ب/1070/15 تاريخ 9/3/1994 لتعميمه على كافة الدوائر القضائية والمحاكم وإدارة قضايا الدولة، المتضمن التأكيد على جميع الجهات العامة التقيد بأحكام قانون الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش رقم (42) لعام 1981 بإلزام الجهات العامة بتنفيذ ما ينبغي تنفيذه مما خلصت وانتهت إليه تقارير الهيئة، والتي تتصف بصحة وقائعها ونتائجها وطلباتها ومقترحاتها ما لم يثبت العكس. فإننا نهيب بالسادة القضاة ومحامي الدولة المعنيين بالموضوع العمل وفق المفهوم القانوني الذي اشتمل عليه البلاغ المنوه عنه".
فالبلاغ الصادر عن رئاسة مجلس الوزراء موضوع التعميم موجه أساساً للجهات والدوائر العامة وليس للسلطة القضائية، فالسلطة القضائية ليست جهة ترتبط برئاسة مجلس الوزراء أو أية جهة حكومية أو تشريعية، بل هي سلطة مستقلة بحد ذاتها مثلها مثل السلطة التشريعية أو التنفيذية.وبالتالي فإن السلطة القضائية ليست معنية بما ورد في ذلك البلاغ الوزاري موضوع تعميم وزير العدل هذا أولاً.
وثانياً، فإن المادة 55 من قانون الهيئة المركزية للرقابة و التفتيش - قانون رقم(24) لا تلزم القضاء بشيء باعتبارها موجهة إلى الجهات التابعة للسلطة التنفيذية : "تتمتع تقارير الهيئة بالسرية التامة، وينظم الرؤساء كل فيما يخصه، بالتنسيق مع رئيس الهيئة، قواعد إبلاغها أو إبلاغ نتائجها إلى الجهات التنفيذية كما ينظم رئيس الهيئة مع قيادات المنظمات الشعبية، قواعد إبلاغ ما ينبغي إبلاغه من التقارير والنتائج. وتبلغ نتائج التحقيقات إلى الجهات الإدارية. ولهذه الجهات أن تبلغ النتائج إلى الذين طالهم التحقيق. ولا تحول سرية التقارير دون تقديمها إلى المحاكم أو الجهات التأديبية، لمقتضيات العدالة".
وثالثاً، فإن تقارير الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش ليست ملزمة للقضاء، وإنما هي أدلة مثلها مثل باقي الأدلة في الدعوى وهذا ما استقر عليه اجتهاد الهيئة العامة لمحكمة النقض في العديد من قراراتها، ومن المتعارف عليه أن قرارات واجتهادات الهيئة العامة لمحكمة النقض تنزل منزلة القانون نفسه. فهل التعميم أو القرار أصبح أقوى من القانون نفسه؟ وإذا كان الأمر كذلك، فلماذا تُحيل الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش تقاريرها إلى القضاء طالماً أنها واجبة التنفيذ كما جاء في تعميم السيد وزير العدل؟
فالقضاة وفقاً لأحكام الدستور السوري مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون، (( ومن حق القضاء تكوين قناعة الثبوت من شذرات أدلة و قرائن متناثرة في الدعوى تساند بعضها بعضاً بحيث تشكل دليلا ً قاطعاً فيها. والإثبات الجزائي يقوم على مبدأ إطلاق الأدلة و حرية المحكمة في تقديرها و الموازنة بينها و الاستدلال منها إلى ما يكون قناعتها الوجدانية في الحكم.إن الاعتراف الأولي و إن كان لا يصلح بحد ذاته كدليل إدانة في جرم جنائي إلا انه ليس ما يمنع المحكمة من تعزيز قناعة الثبوت عندها إذا كان في الدعوى أدلة أخرى و قرائن مادية تشير إلى صحته، وإن تقارير الهيئة المركزية للرقابة و التفتيش ليست بأكثر من دليل من أدلة الدعوى التي يعود أمر تقديرها إلى محكمة الموضوع)). الهيئة العامة لمحكمة النقض السورية قرار رقم 459 أساس 1158 لعام 2003
نقول هذا الكلام دفاعاً عن القضاء بصفته سلطة مستقلة وليس كدائرة ملحقة بوزارة العدل، وتأكيداً لطبيعته في أن يبقى مستقلاً، وإن أي مس بهذه الطبيعة من شأنه أن يعبث بجلال القضاء، وكل تدخل في القضاء يخل بميزان العدل ويقوض دعائم الحكم، فالعدل أساس المل

المصدر:نشرة كلنا شركاء - أية اعادة نشر من دون ذكر المصدر تسبب ملاحقه قانونيه

الرئيسية

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن موقف المرصد السوري