|
لا خلاف على ان على المحكمة الدولية أن
تذهب حتى النهاية في مهمتها، الرئيس
الفرنسي نيكولا ساركوزي، اوسع المكان،
خلال مؤتمر صحافي عن خطة رئاسته لمجموعة
العشرين، ليكرر بعضا من المبادئ العامة
التي تقوم عليها الدبلوماسية الفرنسية
تجاه لبنان. المحكمة الدولية واستقلال
لبنان. وللحاق بقطار الحل الحكومي في
لبنان، بعث الرئيس الفرنسي برسائل في كل
الإتجاهات في معرض الحديث عن ازمة البحث
عن بديل لحكومة الرئيس سعد الحريري، تأخذ
علما بعودة سوريا إلى التحكيم بين القوى
اللبنانية، ويقدم تفويضا غير مباشر لدمشق
بإدارة الأزمات المتكررة في الوطن الصغير،
وهو ما كان الرئيس السوري بشار الأسد قد
طرحه على طاولة الاليزيه، في زيارته
الفرنسية الأخيرة.
وتقدم المداخلة الرئاسية الفرنسية اعترافا
«بضرورة ضم سوريا إلى المفاوضات لإخراج
لبنان من العديد من الأزمات، ولهذه الغاية
تقربت فرنسا من سوريا». يشكل الخطاب
الساركوزي عودا على بدء في مقاربة بلد «تتعدد
فيه الأزمات»، ولا يقتصر على المعاناة من
ازمة واحدة، وانما على سلسلة تتوالد
الواحدة من رحم سابقتها، وضرورة «استخدام
صداقتنا مع سوريا لنقول ان لبنان مستقل».
الرئيس الفرنسي أخذ بذلك مسافة من الموقف
الأميركي الذي فجر المسعى السعودي السوري
ومحاولة التوصل إلى تسوية لحصر مفاعيل
القرار الإتهامي على الإستقرار اللبناني.
ويعيد الرئيس ساركوزي بذلك لبنان حجر
الزاوية في العلاقات مع دمشق، ويعيدها
بوابة الدخول إلى معالجة الازمات
اللبنانية. وكان استئناف المسار السوري
الفرنسي، قد بلغ درجة بعيدة من النشاط، في
العامين الماضيين. وترك ذلك انطباعا بانه
من الممكن بناء علاقات سورية فرنسية
مستقلة عن الملف اللبناني. الا انه ينبغي
الإعتراف، بان الملفين، اللبناني والأمني،
حققا وحدهما تعاونا حقيقيا، فيما اخفقت
عناوين ثنائية في بعث تسوية دبلوماسية
بعيدة عن التقاطع اللبناني. وتجري لملمة
اشلاء الإتحاد من اجل المتوسط، الذي لم
يقدر له ان يجتمع على مستوى القمة مرة
ثانية بعد باريس في العام 2008. ودخل
احياء الشراكة السورية الأوروبية نفق
المفاوضات المظلم ومتاهة الشروط المتبادلة.
ولا تزال باريس تنتظر بفارغ الصبر دورا،
ومقعدا لن يفرد لها في قاعة مفاوضات سورية
اسرائيلية غير مباشرة مغلقة حتى اشعار آخر،
فضلا عن ايكال سوريا الدور للشريك التركي
حصريا.
وتجاهل الرئيس الفرنسي اعلان مواقف من
القرار الإتهامي وتداعياته. إذ لم يرد
ذكره كأحد اسباب الازمة الحكومية. وكان
مصدر في باريس قال إن الرئيس الفرنسي قد
حصل على تطمينات من الرئيس الأسد خلال
مكالمة هاتفية الأسبوع الماضي، بألا يؤدي
اعلان القرار الاتهامي إلى تفجير الأوضاع
في لبنان، او تلجأ المعارضة وحلفاء سوريا
في لبنان إلى العنف. وتنصب الجهود
الفرنسية بعد استبعاد الرئيس سعد الحريري
على محاولة اقناع دمشق، بفرض حكومة وفاق
وطني لبناني، تضم جميع الأطراف ولا تقصي
معسكر الرئيس الحريري. وذهب الرئيس
ساركوزي ابعد من المتوقع في تحليله وقال
إن «لبنان ضحية جانبية لانسداد العملية
السلمية»، وفشل المفاوضات الإسرائيلية
الفلسطينية، و«نحن نرفض استغلال هذا الوقت
في خدمة مصالح اجنبية»، في إشارة إلى
الدور الإيراني في لبنان «لأن الأزمة تسمح
بإشاحة النظر عن ملف التسلح النووي
الإيراني».
وكانت العودة إلى البوابة السورية، قد
سبقها اخفاق في تنظيم اجتماع حول لبنان في
باريس، بعد تسريبات فرنسية رجحت انعقاده
خلال عطلة نهاية الأسبوع الحالي، بحضور
وزراء خارجية قطر والسعودية وتركيا. وكان
المستشار الرئاسي كلود غيان قد التقى امس
الأول وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل،
من دون التوافق على اطلاق مجموعة الإتصال
الدولية حول لبنان، او عقد اجتماع حد ادنى
مع القطري والتركي. وقالت مصادر ان
الأتراك وافقوا على الفكرة لكنهم استمهلوا
باريس. وجعل تقدم الإستشارات النيابية
اللبنانية، من اقتراح انعقاد لقاء لمجموعة
الإتصال الجمعة المقبل، نافلا.
ولكن حفاظا على هامش للمناورة قال الرئيس
ساركوزي «اننا لم نتخل عن فكرة مجموعة
الإتصال، لقد عرضت الفكرة إثر لقاء مع
الملك (السعودي) عبد الله بن عبد العزيز
في نيويورك، وقد قال لي بنفسه انه تخلى عن
دور الوسيط بين لبنان وسوريا».
أما ما تريده فرنسا من لبنان؟ فالحفاظ على
«معجزة التنوع اللبناني، وتعبئ فرنسا كل
طاقاتها لكي لا تمزق شعب لبنان ازمة جديدة
غدا. إن لبنان امل، وليس لنا من هدف سوى
ان نجعل هذا الأمل يحيا، ان للبنانيين
الحق في استقلالهم ويعود إليهم وحدهم حق
اختيار حكومتهم». |