|
قدم الرئيس السوري بشار الأسد مساء أمس
الخميس تعهدا لم يسبق له مثيل بتوسيع
الحريات وتحسين مستوى معيشة السوريين
بينما تزايد الغضب في أعقاب قمع للمحتجين
أسفر عن سقوط 37 قتيلا على الأقل.
وعلى الرغم من هذا التعهد وزيادة كبيرة في
أجور موظفي القطاع العام خرج آلاف
السوريين يهتفون للحرية والثورة في وسط
مدينة درعا الجنوبية محور الاحتجاجات
المناهضة لحكم حزب البعث الذي مضى عليه 48
عاما.
وبعد وقت قصير من جلاء قوات امنية عن
المسجد العمرى الذي اقتحمته يوم الاربعاء
وقتلت ستة اشخاص تجمع المحتجون حول المبنى
وهتفوا ايضا قائلين ان الشعب السوري لن
يخضع.
وقالت شخصيات المعارضة السورية ان وعود
الاسد لا تلبي مطامح الشعب ومماثلة لتلك
الوعود التي تكررت في مؤتمرات حزب البعث
حيث يتم تشكيل لجان لدراسة اصلاحات لا ترى
النور أبدا.
وقال محتج في مدينة درعا "القيادة تحاول
امتصاص غضب الشارع. ونحن نريد الاصلاح على
الأرض."
وقال مسؤول في المستشفى الرئيسي بمدينة
درعا في جنوب سوريا إن ما لا يقل عن 37
محتجا قتلوا في المدينة يوم الأربعاء
عندما فتحت قوات الأمن النار على متظاهرين
يستلهمون الاحتجاجات في أرجاء العالم
العربي.
وبينما كانت مستشارة للرئيس السوري بشار
الأسد تقرأ قائمة بالأوامر تضمنت الغاء
محتملا لحالة الطواريء المفروضة في سوريا
منذ 48 عاما قالت جماعة حقوقية إن السلطات
السورية اعتقلت مازن درويش الناشط البارز
المؤيد للديمقراطية.
وقالت بثينة شعبان مستشارة الرئيس الأسد
في مؤتمر صحفي إن الأسد لم يأمر قوات
الامن بإطلاق النار على المحتجين. وكانت
شعبان تعلن عن تنازلات لم يكن من الممكن
تصورها في سوريا قبل ثلاثة أشهر.
وأضافت أن الأسد سيقدم مشروعات قوانين
تمنح حريات لوسائل الإعلام وتسمح بتشكيل
حركات سياسية غير حزب البعث الذي يحكم
البلاد منذ نصف قرن تقريبا.
وقالت إن الأسد الذي خلف والده الراحل
حافظ الأسد في حكم سوريا أصدر مرسوما يقضي
بإعداد "مشروع لقانون الأحزاب في سوريا
وتقديمه للحوار السياسي والجماهيري."
وأضافت أن الرئيس سيكافح للنهوض بمستوى
معيشة المواطنين في سوريا قبل كل شيء.
وأضافت قولها إن أمرا آخر صدر لدراسة "إنهاء
حالة الطوارئ بسرعة مع إصدار تشريعات تضمن
أمن الوطن والمواطن."
وقالت "انا كنت شاهدة على تعليمات سيادته
الا يطلق الرصاص الحي حتى لو قتل من
الشرطة او من قوى الامن او من اجهزة
الدولة لانه حريص على كل مواطن وعلى كل
فرد سوري."
وفي 31 من يناير ، قال الاسد انه ليس هناك
احتمال ان الاضطرابات السياسية التي هزت
انذاك تونس ومصر سوف تنتشر الى سوريا.
وبعد الاعلان الذي صدر يوم الخميس عرض
التلفزيون السوري لقطات لموكب كبير من
السيارات في درعا تعبيرا عن المساندة
للأسد وقد علقت صور للرئيس على المركبات.
وشيع نحو 20 ألف محتج يوم الخميس تسعة
قتلى ورددوا شعارات تطالب بالحرية وترفض
الروايات الرسمية بأن متسللين و"عصابات
مسلحة" هي المسئولة عن أعمال القتل والعنف
في درعا.
وردد المتظاهرون عند المقابر في شمال
البلدة شعارات تتعهد بأن دماء " الشهداء"
لن تضيع هدرا.
ورفض الأسد الحليف المقرب لإيران في
السابق المطالب المتزايدة بالحرية في
سوريا التي يعيش فيها 20 مليون نسمة والتي
يحكمها حزب البعث منذ انقلاب عام 1963 .
وقال بيان رسمي من الحكومة السورية إن "أطرافا
خارجية" تنشر أكاذيب عن الوضع في درعا
وألقت باللوم في العنف على "عصابات مسلحة".
وتذكر بعض الناس أحداث عام 1982 في مدينة
حماة عندما أرسل الرئيس الراحل حافظ الأسد
والد الرئيس الحالي قوات إلى المدينة لقمع
الذراع المسلح لجماعة الإخوان المسلمين.
وتقدر جماعات مدافعة عن حقوق الإنسان أن
20 ألفا على الأقل لاقوا حتفهم.
وردد المحتجون في درعا وأغلب سكانها من
السنة هتافات ضد تحالف بلادهم مع إيران
الشيعية في خروج على الحظر الشديد المفروض
على انتقاد السياسة الخارجية السورية.
وتجاهل الأسد الذي وعد بالإصلاحات عند
توليه السلطة في عام 2000 المطالب
المتزايدة لإلغاء قانون الطوارئ والسماح
بحرية التعبير وحرية تكوين جمعيات وإطلاق
سراح السجناء السياسيين واستقلال القضاء
وكبح سيطرة جهاز الأمن المتغلغل في البلاد
وإنهاء احتكار حزب البعث للسلطة.
وتقدم الأقلية العلوية نفسها كمصدر
للاستقرار في مجتمع يغلب عليه السنة ومكون
من طوائف وجماعات عرقية كثيرة من بينها
الشيعة والمسيحيون. والعلمانية
والاشتراكية من القيم الأساسية التي قام
عليها حزب البعث.
وأكدت الشعارات التي رددها المحتجون في
درعا وحدة سوريا رغم أن المجتمع في درعا
قبلي ومحافظ دينيا.
وتهيمن على المدينة عائلات كبيرة تعتمد في
قدر كبير من دخلها على تحويلات أبنائها
المغتربين العاملين في الخارج. ويأتي كثير
من كوادر حزب البعث الذي يتبنى أيديولوجية
علمانية وكوادر الجيش من درعا.
ويقوم الجيش حتى الآن بدور ثانوي يتركز
أغلبه في حراسة نقاط التفتيش في مواجهة
المظاهرات. وكان أفراد الشرطة السرية
ووحدات خاصة من الشرطة بزي أسود اكثر
حضورا في درعا منذ اندلاع الاحتجاجات يوم
الجمعة الماضي.
وأدانت الأمم المتحدة والولايات المتحدة
العنف. وحثت فرنسا التي احتلت سوريا طوال
الفترة من عام 1925 إلى عام 1946 النخبة
الحاكمة على بدء الحوار والتغيير
الديمقراطي. ودعت بريطانيا سوريا إلى
احترام حق الشعب في الاحتجاج السلمي
والتحرك لرفع المظالم |