في خضم الازمة الداخلية التي تهدد حكم
الرئيس السوري بشار الاسد، اكدت اوساط
اميركية متابعة، ان الاسد ارسل عبر وسطاء،
في اليومين الاخيرين، رسائل الى الرياض
وباريس وواشنطن تقترح اعادة تكليف رئيس
الحكومة الانتقالية في لبنان سعد الحريري
رئيسا لحكومة جديدة بدلا من الرئيس المكلف
نجيب ميقاتي.
وقالت الاوساط الاميركية ان «الاسد في وضع
داخلي غير مستقر، وهو يحاول استرضاء كل من
يعتقده صاحب تأثير على وضع الطائفة السنية
داخل سورية، والتي تشكل اكثر من 75 في
المئة من سكان سورية البالغ عددهم 22
مليون نسمة».
واضافت الاوساط ان الاسد قام «باعلام
حلفاءه في طهران ولبنان انه ينوي تأييد
الموقف السعودي في البحرين» في محاولة منه
لنيل رضى الرياض و«تأييده لها في البحرين
مقابل تأييدها له في ازمته الحالية». ثم «اقترح
الاسد عبر وسطاء ان يقوم ميقاتي باعلان
فشله في تشكيل حكومة في لبنان، فيعلن (الرئيس
اللبناني ميشال) سليمان استشارات نيابية
ملزمة، وتطلب سورية من حلفائها في لبنان
تسمية الحريري رئيسا للحكومة المقبلة».
وقالت الاوساط ان الاسد اقترح كذلك ان «يستضيف
الحريري في زيارة بعد تشكيل الحكومة
اللبنانية للتباحث في حل الامور العالقة
بين البلدين». واعتبرت ان «دمشق وجهت دعوة
لرئيس حكومة تركيا رجب طيب اردوغان
لزيارتها مجددا كذلك».
وسبق لاردوغان ان لبى دعوة الاسد الرسمية
وزار دمشق في 6 فبراير اثناء الفورة
الشعبية في مصر التي اطاحت بالرئيس حسني
مبارك. وصرّح اردوغان، اول من امس، انه
نصح الاسد اثناء زيارته الاخيرة الى دمشق
باجراء اصلاحات داخلية.
وفي سياق متصل، حاولت دمشق «اعادة ترطيب
الاجواء مع عاصمة عربية كبرى هي مصر،
وعقدت لقاءات هي الاولى منذ زمن، الا ان
الدور المصري الاقليمي مؤجل في الوقت
الحالي الى ما بعد استتباب الوضع الداخلي».
وفي الوقت نفسه، قالت الاوساط الاميركية
ان «اصدقاء الاسد من الاميركيين
والاوروبيين يسعون اكثر من اي وقت مضى الى
اعادة اطلاق عملية التفاوض السلمية بين
اسرائيل وسورية».
واضافت ان فحوى الرسالة التي يرسلها الاسد
الى اسرائيليين، عبر وسطاء اميركيين،
مفادها ان «اي انهيار لنظامه في سورية لن
يؤدي الى فوضى في سورية وعلى الحدود
السورية مع اسرائيل، بل سيؤدي ايضا الى
اعمال عنف داخل اسرائيل كالتفجير الذي حصل
في القدس»، اول من امس.
وقالت الاوساط الاميركية «ان الاسد جدد
التهديد بأن انهياره سيؤدي الى فوضى عارمة
في المنطقة في سورية ولبنان والاردن
والاراضي الفلسطينية والعراق، وان هذه
الفوضى من شأنها ان تبتلع اسرائيل».
من ناحيتها، شككت الاوساط الاميركية في
مقدرة الاسد على تشكيل حكومة في لبنان، في
وقت تحاول دمشق الابتعاد عن طهران و«حزب
الله» والاقتراب من الرياض، والسعي على
مسار منفصل الى سلام مع اسرائيل.
الا ان الاوساط نفسها قالت ان «الاسد
اعتبر ان حلفاءه في لبنان من دون حزب الله
قادرون على قلب الموازين داخل البرلمان
اللبناني»، وان «هؤلاء يتضمنون كتل (رئيس
البرلمان اللبناني) نبيه بري و(النائب)
وليد جنبلاط، و(النائب ميشال) عون».
ولم تفصح المصادر الاميركية عن الموقف
السعودي، وقالت: «عليكم الذهاب الى
السعوديين لسؤالهم»، الا ان «الانطباع»
الاميركي عن الموقف السعودي هو انه «لاتوجد
فرص ثانية للاسد»، وان «الرياض اعطت فرصة
لدمشق، وان الاخيرة لم تحسن التصرف، وان
باب السعودية قد تم اغلاقه في وجه سورية
منذ اعلن وزير الخارجية السعودي ذلك نقلا
عن (خادم الحرمين) الملك عبدالله بن عبد
العزيز»، وانه من الصعب ان «تنطلي
المناورة السورية نفسها على احد مرتين». |