عن التفاوض غير المباشر بين سوريا
واسرائيل منذ ايام الرئيس الراحل حافط
الاسد تحدّث الباحث الاميركي من اصل عربي
الذي كان نشطاً وعلى مدى سنوات عدة في هذا
الحقل، قال: "اتاني احد المسؤولين الكبار
عن الموضوع السوري في الادارة الاميركية
فتحدثنا عن سوريا واميركا ولاحقاً عن
سوريا واسرائيل. وركزنا على إمكان انفتاح
هاتين الدولتين احداهما على الاخرى بل على
ضرورة هذا الانفتاح. فقال ان الرئيس
اوباما مستعد وجاهز وانه هو مستعد للذهاب
معي الى دمشق للبحث في هذا الأمر. ما
يزعجهم كأميركيين في الادارة السورية هو
ان الحوار معها يكون دائماً من طرف واحد.
كان المسؤولون السوريون يُسمعونك تسجيلاً
أو اسطوانة، ويتصرّفون كأساتذة يعطون
دروساً ولا يسمحون لك حتى بالكلام أي
بالحوار. لذلك توقّف الكلام والحوار بين
العاصمتين". الا يشكل ارسال اميركا سفيراً
لها الى دمشق بعد سنوات من سحبه بداية
حوار او رغبة في حوار؟ سألتُ. اجاب: "ارسال
سفير الى دمشق بعد انقطاع سنوات ليس سبب
اطلاق حوار مع سوريا. او بالاحرى ليس
الحوار السبب الوحيد له. وأحد ابرز اسبابه
في رأيي هو عدم الثقة بالسفير السوري في
واشنطن عماد مصطفى. لا اعرف لماذا "جدَّد"
له الاسد "ولاية" اخرى في العاصمة
الاميركية. كان يُفترض ان تنتهي مدة خدمته
هناك بعد خمس سنوات. انتهت المدة لكنه بقي
في واشنطن. مشكلة اميركا معه ليست شخصية
وسببها انه غير دقيق. يتسلّم رسائل معظمها
شفهي من مسؤولين اميركيين بغية ايصالها
الى المسؤولين في دمشق فيغيّر فيها او
يُحوِّر. ولا يريدون ان ينتهوا من ذلك. في
اي حال يتعامل السفير مصطفى مع ابناء
الجالية السورية في واشنطن، وهم اميركيون
ايضاً، بطريقة سلبية، يهدد من ليس منهم مع
السياسة السورية الرسمية او مع النظام
السوري. وهؤلاء يسكتون عن ذلك لأن لهم
عائلات في سوريا وأنهم لا يريدون تعريضها
لأي اذى. أحياناً يرفض حضور بعضهم مناسبات
اجتماعية او حتى وطنية سورية. ذات مرة
انسحب وزوجته غاضباً من مناسبة كان فيها
سوري تتعارض سياسته بوضوح مع السياسة
السورية".
ما رأيك في زيارة مالكولم هونلاين، احد
ابرز قادة تجمع رؤساء أهم منظمات اليهود
الاميركيين، لدمشق واجتماعه بالرئيس بشار
الاسد؟ سألتُ. اجاب: "انها محاولة. ولا
اعتقد انها ستوصل الى اي مكان. ربما رتبها
السفير عماد مصطفى. فعلاقاته جيدة مع
اليهود السوريين الذين هاجروا الى اميركا
ومع غيرهم من اليهود الاميركيين، وهو يحضر
مناسباتهم المتنوعة. ويدعو بعضهم الى دمشق.
تعاطى أخيراً مع البعض في "ايباك". لا
اعرف كيف يجوز ذلك له. سوريا تريد سلاماً
مع اسرائيل. وقد أُجرِيت مفاوضات غير
مباشرة بينهما اثناء حكومات رابين وباراك
وبيريز ونتنياهو استضافتها سويسرا واثمرت
اتفاقاً كاد ان يصبح معاهدة سلام.
المطلوب معاهدة سلام. وهي قد تختلف ربما
عن السلام الكامل. يعاد الجولان كاملاً
الى سوريا وربما يعاد اكثر منه قليلاً.
ذلك ان الحدود عام 1967 بين الدولتين كانت
تبعد قليلاً عن مياه بحيرة طبريا، او على
حدود هذه المياه. الآن تراجعت المياه
قرابة 300 متر. وقد وافقت اسرائيل في
المفاوضات المشار اليها اعلاه على ان تكون
هذه الارض الاضافية تحت السيادة السورية
ايضاً، لكن بعد ان تُحوّل متنزها للسوريين
والاسرائيليين. علماً ان حق الاسرائيليين
في زيارتها يبدأ عند شروق الشمس وينتهي
عند مغيبها. ومع عودة الجولان ينسحب
الاسرائيليون من المستوطنات التي بنوها
على ارضه. كل شيء كان كل سائرا على نحو
جيد. الرئيس (الراحل) الاسد اعطى موافقته
لكنه طلب ارسال اسرائيل اقتراحاً مفصّلاً
وموقّعاً بكل ما اتفق عليه كي تبدأ على
اساسها المفاوضات الرسمية. تأخر رئيس
حكومتها باراك يومها في القيام بذلك
لأسباب عدة. وخلال هذه الفترة كان الاسد
قد انتقل الى جوار ربه".
ألا تعتقد ان تأخر باراك كان مقصوداً او
على الأقل دليلاً على تردده وعلى شعور
بالتفاجؤ بجدية حافظ الاسد وتالياً على
عدم استعداده وبلاده للاقدام على هذه
الخطوة؟ سألت. أجاب الباحث الاميركي من
اصل عربي نفسه: "لا اعتقد ذلك. على كل حال
الاسرائيليون، حسب معلوماتي، جاهزون
لمعاودة التفاوض المباشر او غير المباشر
انطلاقاً من اتفاق سويسرا". علّقتُ: اتفاق
سويسرا فرط عندما سرّب تفاصيله اسرائيلي
مشارك في "المفاوضات" غير المباشرة الى
الإعلام. اذ استاء السوريون واوقفوا كل
شيء. بماذا ردّ الباحث نفسه؟ |