عبر محللون وخبراء إسرائيليون عن توجس
من احتمال أن تدفع سوريا وإيران باتجاه
مواجهة في غزة أو لبنان مع إسرائيل لكي
تحسن وضع الرئيس بشار الأسد الذي يواجه
احتجاجات في بلاده قد تؤدي إلى سقوطه،
ووجه المحللون انتقادات شديدة إلى الرئيس
الأمريكي باراك أوباما واتهموه بعدم معرفة
كيفية مواجهة التطورات بالشرق الأوسط.
وأشار أستاذ تاريخ الشرق الأوسط في جامعة
تل أبيب، السفير الإسرائيلي السابق في
واشنطن، رئيس طاقم المفاوضات في المحادثات
مع سوريا البروفيسور إيتمار رابينوفيتش
إلى وجود 6 سياقات أساسية قد تنعكس على
إسرائيل، لناحيتي السلب والإيجاب، بسبب
الأزمة في سوريا.
وكتب في مقال نشرته صحيفة (يديعوت أحرونوت)
الثلاثاء أن أحد هذه السياقات هو انعدام
الاستقرار في المنطقة وأن "أزمة متواصلة
قد تؤدي إلى إضعاف سوريا لكنها قد تؤدي
أيضا إلى أزمة إقليمية".
وأضاف "لا ينبغي استبعاد إمكانية أن يقرر
الأسد وشركاؤه في طهران أن تؤدي (افتعال)
أزمة في لبنان أو غزة إلى تحسين وضعهم في
سوريا".
لكن في سياق ثان اعتبر رابينوفيتش أن من
شأن إضعاف سوريا أو سقوط نظام الأسد أن
يكون له تأثير كبير على المنطقة وأنه في
هذه الحالة "سيشكل ذلك تعويضا معينا على
الضرر الذي لحق بإسرائيل جراء تغيّر
التوجهات المصرية".
ورأى في سياق ثالث أنه "فيما كان سقوط (الرئيس
المصري حسني) مبارك و(الرئيس التونسي زين
العابدين)بن علي في مصلحة طهران فإن ضعف
الأسد سيشكل ربحا صافيا لإسرائيل" لأن
سوريا تشكل جسرا بالنسبة لإيران إلى لبنان
وغزة والبحر الأبيض المتوسط.
ويتعلق السياق الرابع وفقا لرابينوفيتش
بالبديل لنظام الأسد ورأى أن الغموض هو
سيد الموقف في هذه الناحية وأن المعارضة
المدنية ليست متبلورة ولا مستعدة لإقامة
نظام بديل كما أن الإخوان المسلمين ورغم
أنهم القوة المنظمة الأكبر في سورية "إلا
أنهم لم يصحوا بعد من الضربة التي نزلت
عليهم في سنوات الثمانين" في إشارة إلى
أحداث حماة.
وانتقد رابينوفيتش الإدارة الأمريكية في
السياق الخامس، وقال أن وزيرة الخارجية
الأمريكية هيلاري كلينتون تعاملت مع الأسد
عشية خطابه في نهاية آذار/ مارس الماضي
على أنه "مصلح" ورأى أن لهذا التعامل
المستغرب يوجد سبب واحد وهو أن الإدارة
الأميركية لا تريد تغيير النظام في دمشق،
لكن في حال ارتكاب النظام مجازر فإن
أمريكا ستواجه صعوبة في تفسير عدم تدخلها
بعد أن تدخلت في ليبيا انطلاقا من "دوافع
إنسانية".
واستبعد رابينوفيتش أن ينفذ الأسد إصلاحات
من أجل إرضاء المعارضة لأن قسما من قادة
النظام يعارض ذلك بشدة بينما ترى المعارضة
أي تنازل على أنه مؤشر على ضعف ولذلك
فإنها ستصعد مطالبها.
ويتعلق السياق السادس بالتسوية ولفت
الكاتب إلى تعالي أصوات في الولايات
المتحدة وأوروبا تقول إن هذا هو الوقت
لدفع عملية سلام إسرائيلية – عربية، لكنه
أكد على أن الموقف الإسرائيلي معاكس تماما
وتدعي أنه لا يوجد منطق بمنح تنازلات
وإعفاءات "لحكام مترنحين".
لكن رابينوفيتش أضاف "واضح أن هذا ليس
الوقت لاستئناف المحادثات مع الأسد الذي
يقاتل من أجل حياته السياسية، لكن هذه
ساعة مناسبة جدا لاستئناف قناة اتصال معه
إذ أن الحديث بالنسبة للأسد والطائفة
العلوية لا يدور عن البقاء السياسي فقط
وإنما إسقاط النظام قد يؤدي إلى سفك دماء
واسع جدا تجري الأغلبية السنية من خلاله
حسابا طويلا مع النظام".
وخلص إلى أنه "يوجد بجعبة إسرائيل ما يمكن
أن تطرحه في هذا السياق، ولا يدور الحديث
عن محادثات معلنة وإنما الحديث يدور عن
أجندة متعددة الاحتمالات".
ومن جانبه أفاد المحلل العسكري في (يديعوت
أحرونوت) ألكس فيشمان بأن مسؤولين في
الإدارة الأمريكية ذكروا أن جهات في
القيادة السورية بدأت تتحدث في الأيام
الأخيرة عن استبدال الأسد وأن المرشح
الأبرز لخلافته هو زوج شقيقته آصف شوكت
الذي تولى منصب رئيس المخابرات السورية
بينما المرشح من عائلة الأسد هو شقيق
الرئيس ماهر الأسد الذي يقود وحدتي القوات
الخاصة المؤلفتين من جنود علويين يعتبرون
القوة الأساسية لحماية النظام.
ورأى فيشمان أنه في حال لم يخرج الأسد
منتصرا بصورة واضحة في المعركة الحالية "فإن
القيادة العلوية سوف تستبدله وستدخل سوريا
في مرحلة شبه مرحلية مثلما هو الحال في
مصر، أي حكم انتقالي ضعيف سيفعل كل شيء من
أجل إرضاء الجماهير وتنفيذ إصلاحات أو
انتخابات".
لكن فيشمان نقل عن مداولات أمنية داخلية
جرت في إسرائيل مؤخرا تخوفا من سقوط نظام
الأسد، وأشار إلى أن "المؤسسة الإسرائيلية
تتعاطف مع عائلة الأسد التي التزمت طوال
السنين بتعهداتها وحتى أنها تحدثت عن سلام
مع إسرائيل بشروطهم".
وأضاف إنه "على الرغم من صعوبة الفراق من
حذاء بيتي قديم لكن عندنا أيضا تقدر
القيادة السياسية والأمنية أن النظام
السوري بصورته الحالية سيتغير خلال أسابيع
أو شهور... فالعائلة والنخب المحيطة
بالأسد أدركت أن الرجل لا يستوعب أين يعيش
وأن 'أعراض مبارك' أصابت بشار الأسد،
والإيرانيين وحزب الله يمارسون ضغوطا عليه
منذ أسابيع من أجل أن يستخدم يدا قوية".
واعتبر فيشمان أن ثمة خيارين آخرين وهما
إقامة نظام طوارئ عسكري يحكم سوريا بيد من
حديد أو انهيار النظام بشكل كامل وربما
يؤدي ذلك إلى حالة فوضى.
وانتقد فيشمان ما وصفه بـ"السياسة
المنافقة" للاتحاد الأوروبي تجاه سوريا
ولفت إلى أن الاختلاف في التعامل مع ليبيا
وسوريا وعدم التدخل في حالة الأخيرة هو "أن
سوريا لا تؤثر على الاقتصاد الأوروبيين
بينما ليبيا تعني النفط والخوف من غرق
أوروبا باللاجئين، ولهذا يرى الأوروبيون
بليبيا مشكلة حقوق إنسان ولا ترى ذلك في
سوريا".
بدوره اعتبر الصحافي بوعاز بيسموط في مقال
نشره في صحيفة (إسرائيل اليوم) أن أوباما
"يتلعثم" في تعامله مع سوريا مثلما "تلعثم"
في تعامله مع إيران وكوريا الشمالية.
وأضاف "من جهة هو يطالب بتصفية زعيم عربي،
القذافي، ومن جهة ثانية يتوقع من نظام
بربري، سوريا، أن ينفذ إصلاحات، وعلينا أن
نأمل بألا ندفع ثمن هذا السياسة غير
الواضحة في اليمن مثلا، حيث يكمن تنظيم
القاعدة هناك". |