مع توالي الاتهامات السورية لتيار "المستقبل"
وتبني قوى 8 آذار في بيروت لها وحتى
استباق هذه القوى احيانا وسائل الاعلام
السورية في توجيه الاتهامات بدت الامور
اكثر صعوبة بالنسبة الى لبنان. اذ ان
العجز عن تأليف الحكومة معطوفاً على
التطورات الاقليمية وخصوصا في سوريا قد
أبرز عاملاً ضروريا في رأي كثر ان يحصل
خلط اوراق جديد في لبنان يعيد فتح ابواب
الحوار بين الافرقاء باعتبار ان الاخطار
تحوق بالوضع الداخلي اكثر من اي وقت مضى
وتهدد كل الافرقاء ولبنان كلا. فتأليف
الحكومة العتيدة التي ستكون من لون واحد
متعثرة في حين يوجه الافرقاء المعنيون بها
ضربات بعضهم الى البعض من تحت الطاولة وفق
ما كشف اخيرا من مواقف انتقادية قاسية
للرئيس المكلف نجيب ميقاتي وما يتداوله في
بعض الاوساط اخيرا عن محاولة لنشر او
تسريب مواقف للرئيس المكلف وفق برقيات
ويكيليكس من شأنها ان تشكل ضغوطا عليه
وتجبره تاليا على خفض سقف التحصن
بصلاحياته وصلاحيات رئيس الجمهورية او
اضعافه.
ويعتقد كثر ان الحكومة حتى لو نجحت في ان
ترى النور فهي ستولد ميتة او معوقة ولا
قدرة لديها على الانجاز والاستمرار مع
الاخذ في الاعتبار بقاء مسار الامور
والتطورات الاقليمية على حاله من دون
مفاجأت درامية. كما ان الاثقال الاقليمية
والدولية عليها باتت لا تسمح لها بان تنجح
بأي شكل من الاشكال علما ان بذور الخلافات
بين افرقائها والتي منعت حتى الان التوافق
عليها يجعل من الصعب الا تنشأ حرب داحس
والغبراء داخل الحكومة بعد تأليفها. علما
ان المراقبين المعنيين فهموا من كلام رئيس
الجمهورية ميشال سليمان في بكركي لدى
مشاركته في قداس عيد الفصح انه لا ينوي
التنازل عن صلاحياته لاي كان وان ما بقي
له في موقع الرئاسة الاولى من سنوات يحمل
تحدي اضطلاعه بمسؤولياته. ولذلك فان
افكارا عادت لتبرز حول ضرورة فتح قنوات
حوار تحصينا للبنان وربما اللجوء الى
حكومة تكنوقراط لتمرير الوقت باقل كلفة
ممكنة في موازاة بدء حوار مجددا بين
الافرقاء اللبنانيين او اعادة خلط الاوراق
والبحث مجددا في حكومة لبنانية تضم الجميع
قدر الامكان. وما يعزز هذه الفكرة ان
التطورات السورية تحديدا يمكن ان تفرض
حسابات جديدة من الافضل للبنانيين ان
يأخذوها في الاعتبار.
الا ان هذه الاتهامات السورية بدت كأنها
تضع حواجز مسبقة امام مثل هذا التوجه او
احتمال وروده باعتبار انها ترمي في شكل
واضح الى استبعاد فريق من اللبنانيين تحت
وطأة تخوينه واتهامه بالعمل على تخريب
العلاقات مع سوريا التي طالبت السلطات
اللبنانية باجراءات قضائية ضد تيار
المستقبل. ومن الصعب ان يفهم من هذه
الاتهامات ان دمشق قد تسمح لحلفائها بان
يمدوا جسورا مع هذا الفريق الذي ترغب في
معاقبته وتطالب بمحاسبته على اساس
مسؤوليته عما يجري فيها من احداث او ان
يكون الامر متاحا امام خيار من هذا النوع
في المدى المنظور، علما ان الاخطر مما
فهمه مراقبون محليون وخارجيون من هذا
الموقف السوري هو ابعد من موضوع امكان رأب
الصدع بين فريقي 14 و8 آذار في لبنان
ويطاول احتمال وجود رغبة في نقل الازمة
السورية الى لبنان تحت عناوين مختلفة
ولاعتبارات مختلفة. وكانت شهدت الاسابيع
الماضية اتصالا من النائب وليد جنبلاط
بالرئيس سعد الحريري كما اجتمع الى عشاء
بالرئيس فؤاد السنيورة في ما بدا وفق
كلامه انه محاولة لرأب الصدع بين الافرقاء
اللبنانيين نتيجة مخاوفه من فتنة سنية
شيعية يمكن ان تتوافر ظروفها في ضوء
المواقف المتشنجة في البلد من جهة، اضافة
الى التأثيرات الاقليمية غير المستبعدة.
ويبدو ان جنبلاط الذي انتقد المواقف
الاخيرة لقوى 14 آذار التي طالبت بجعل
السلاح تحت سلطة الدولة ومنع استخدامه في
الداخل حاول الدخول من باب ان الكلام على
سلاح "حزب الله" بهذه الطريقة يؤدي الى
فتنة باعتبار انه يدخل في باب ما يطلق
عليه مؤامرة اميركية - اسرائيلية لنزع
سلاح الحزب او تقييده. الامر الذي لم يتفق
معه فيه السنيورة الذي اكد لجنبلاط وفق
المعطيات المتوافرة ان لا علاقة لمطالب
تيار "المستقبل" وقوى 14 آذار في هذا
الاطار باي مؤامرة ولا بأي مطلب خارجي
اقليمي او دولي بل هو مطلب محلي مبدئي
وسياسي يتصل بالرغبة في افساح المجال امام
بناء الدولة ليس الا، وان لا تراجع عن هذا
المطلب والا سقط منطق السعي الى بناء
الدولة، متمنيا على جنبلاط في حال رغب في
وساطة بين الفريقين السني والشيعي منعا
لاي فتنة ان يساهم في وقف حملات التخوين
والتهديد باعتبار ان التمادي في التخوين
والاتهامات التي تساق يساهم في اثارة
الحساسيات. وانه اذا رغب النائب جنبلاط في
تخفيف حدة الصراع السني الشيعي ان يسعى
الى وقف هذه الحملات التي يقوم بها فريق 8
آذار.
وتبعا لهذه التطورات فان المخاوف كبرت في
الايام الاخيرة من تداعيات سورية على
الوضع اللبناني واكثر من عدم اظهار افرقاء
سياسيين مسؤولية النأي بلبنان عما يتهدده
بل على العكس. |