أكد
وزير العدل اللبناني ابراهيم نجار أن
"الحكومة لا يمكن أن تجازف بما يمكن أن
يتخذ ذريعة من جانب اسرائيل لأغراض
عدوانية" في ما لو سمح لسفينتي "مريم"
و"ناجي العلي" بالإبحار الى غزة، معتبراً
"أن حزب الله" من خلال موقفه تبرأ من هذه
المغامرات". وبينما لفت الى أنه "ضد هذا
النوع من المبادرات" أشار في المقابل الى
"أن قبرص لن تعطي الإذن للسفينتين بالتوجه
الى غزة". وأمام التهويل بورقة القرار
الاتهامي المرتقب صدوره عن المحكمة الخاصة
بلبنان وتأثيره على الوضع الداخلي قال
نجار "إذا جاء القرار الاتهامي موثّقاً
وموضوعيّاً ومستنداً الى الاثباتات
والتحقيقات، لا يمكن أن يكون موضع تأويل"
مؤكداً "أن لا أحد لديه القدرة على
التأثير والهيمنة على قرار المحكمة". وفي
ما يتعلق بإمكانيّة زيارة رئيس الهيئة
التنفيذيّة سمير جعجع الى دمشق قال نجار
"لديّ شعور أن 60% من قرار الزيارة موجود
لدى القيادة السوريّة"، لافتاً "الى أن لا
جدوى لطاولة الحوار لأنّها لا تبحث في
سلاح "حزب الله". مواقف نجار جاءت في
مقابلة لموقع "ليبانون فايلز" هذا نصّها:
برأيك هل يمكن أن تؤدّي مبادرة سفينتي
"مريم" و"ناجي العلي" الى جرّ الحكومة
اللبنانيّة الى مواجهة مباشرة مع اسرائيل،
وما موقف وزارة العدل في حال تمّ الاعتداء
على السفينتين؟
الموضوع إنساني وسياسي في الوقت نفسه.
حاصرت اسرائيل نفسها عندما أحكمت الحصار
على غزة، وكان من شأن الباخرة التركيّة أن
سلّطت الأضواء أكثر على الحصار. اليوم
أصبح موضوع الحصار على غزة مطروحاً بشكل
موضوعي أكثر من قبل اسرائيل نفسها التي
رأت أنّ لها مصلحة بعدم إثارة الرأي العام
الدولي ضدها أزاء مسألة انسانيّة. ووفق
المعلومات المتداولة، بادرت الحكومة
الاسرائيليّة الى نوع من الموقف
الاسترخائي عبر الاعلان عن تليين الحصار.
وحتى الرئيس الاميركي نفسه ضغط باتجاه
تليين الحصار، وعدم إبراز المسألة في غزة
كأنها مسألة عسكرية، بينما هي حالة
انسانيّة. على الصعيد السياسي موقف
الحكومة اللبنانيّة واضح، وهو أنه لا يمكن
أن تجازف بما يمكن أن يتخذ كذريعة من جانب
اسرائيل لأغراض عدوانيّة. كذلك فإن "حزب
الله" في موقفه المعلن يتبرأ من هذه
المغامرات. وهو موقف لاقى استحساناً من
الحكومة على الرغم من أنه لم يطرح بشكل
حاد. والحكومة لا يمكنها أن تتصرف إلا
انطلاقاً من القوانين، وبالتالي لا نستطيع
المنع من الابحار من الموانئ اللبنانيّة
باتجاه موانئ يمكن للبنان ان يعطي التصريح
باتجاهها كقبرص، وما عدا ذلك لا يجوز
إطلاقاً، بسبب تراكم النصوص القانونية منح
الترخيص للإبحار نحو غزة.
ماذا لو حصل اعتداء اسرائيلي على
الباخرتين بعد توجههما من قبرص الى غزة؟
لا اعتقد أن السلطات القبرصية ستمنح هذه
السفن ترخيصاً بالتوجه لغزة، التماساً
للسلم ولعدم استفزاز السلطات الاسرائيليّة.
هل تؤيد شخصياً هذا النوع من المبادرات
لفك الحصار عن الأراضي الفلسطينيّة؟
لست مع هذا النوع من المبادرات، بل مع طرح
الموضوع الفلسطيني بكل أبعاده لأنني أخشى
أن نقع في منزلق خطر، يكون من قبيل
المزايدات التي تبدأ بالمزايدات الكلاميّة
ثم الانسانيّة وبالنتيجة تشكّل مدخلاً
للحرب.
هناك استحقاق آخر داهم يتعلق بصدور القرار
الاتهامي عن المحكمة الدولية الخاصة
بلبنان، كيف تنظرون الى تداعيات ذلك على
الساحة الداخلية وعلى الوضع الحكومي؟
لا علاقة إطلاقاً للمحكمة ومجرياتها
بالوضع الحكومي في لبنان. إذا جاء القرار
الاتهامي موثقاً وموضوعيّاً ومستنداً الى
الاثباتات والتحقيقات التي لا يمكن أن
تكون موضع تأويل، فإذا صدر قرار كهذا
سينصاع له الرأي العام، ذلك أنه يتعيّن
على المحكمة الخاصة بلبنان أن تتجنّب
كليّاً السياسة. وهذا موقف الجميع من أقصى
اليمين الى أقصى اليسار، وسيفرض نفسه على
مختلف الدول.
الخطورة تكمن في إمكانية توجيه أصابع
الاتهام الى "حزب الله"...
لقد صرّح أمين عام "حزب الله" بشكل واضح
قائلاً إنه ينتظر معرفة كيف سيكون هذا
القرار قبل أن يعطي حكماً عليه. وهذا موقف
سليم ويتفق مع ما ننتظره من المحكمة
الخاصة بلبنان.
لكن موقف "حزب الله" سيتكئ طبعاً على
طبيعة الاتهامات الواردة في القرار...
من الناحية التقنية الصرف، أي اتهام مهما
كان خصوصاً إذا كان اتهام لشخص معنوي أو
هيئة أو دولة أو حزب...لا يمكن أن يأتي من
دون شواهد وإثباتات وضوابط. طمعي بالمحكمة
الخاصة أن تكون موضوعيّة بما فيه الكفاية
وسوف تكون كذلك على أغلب الظن. وأقول
"سوف" لأني شاهد على الموضوعية التي تطبع
كل الخطوات التي تتوسّلها المحكمة. ونحن
اليوم في صدد التوقيع على اتفاق تفاهم مع
مكتب الدفاع الذي سيكون بأهمية مكتب
الإدعاء العام، وستكون من مهماته السهر
على موضوعيّة المحاكمة وعلى ما يسمّى
مستلزمات القضاء الصالح، أي القضاء الذي
يتيح للمتهم كما الادعاء باستجلاء الحقيقة
وإجراء التحقيق وجمع الاثباتات وإبراز
الشواهد لما فيه حسن سير الوجاهيّة وحقوق
الدفاع. وسوف تنشر هذه المذكرة على موقع
المحكمة الخاصة.
أنت تسقط بذلك أي احتمال لدخول المحكمة في
لعبة التسوية الدوليّة على ضوء كل
المتغيرات الأخيرة في المنطقة والداخل...
من يقول إن هناك "لعبة أكبر منا"، نقول له
لا أحد أكبر منا، ولا أحد لديه قدرة على
الهيمنة والتأثير الى هذه الدرجة في ما
يتعلق بقرار المحكمة.
البعض يربط صدور القرار بإمكانية نشوب
الحرب...
هذه مجرد تكهنات، لأنّ الاستقرار اليوم هو
في مصلحة الجميع.
كيف تنظر اليوم الى مسار العلاقات
اللبنانيّة - السوريّة؟
لا شك أن الوضع الاقليمي بصورة عامّة، إن
كان من الناحية الطائفيّة أو الاقتصاديّة
أو العسكريّة والاستخباراتيّة والسياسيّة،
وحتى في موضوع الإرهاب، فإن هذا الوضع
يتفاعل مع الوضع اللبناني، ولا يمكن لأحد
ان يُخرج لبنان من دائرة التيار الكهربائي
الذي يغذي مختلف دول المنطقة. من هنا تبدو
العلاقة اللبنانية - السورية محكومة
بمعطيات أكبر من المعطيات السورية نفسها
أو اللبنانية، ولبنان عملياً هو أكبر من
حجمه ومساحاته. ويتعين على لبنان أن تكون
له سياسة واضحة منطلقة من خياراته
الأساسيّة حتى على طاولة المفاوضات مع
الدولة السوريّة. وكلّنا نعلم اليوم أنّ
اللجان التي تحضر لإعادة النظر بالاتفاقات
المعقودة مع سوريا، تستوقفها بعض المطالب
اللبنانيّة وأحياناً بعض المطالب السوريّة
التي تنطلق من مصالح الدولتين، وهي ليست
واحدة لكن هناك مصالح مشتركة، وعلينا أن
نسعى دائماً الى تجنّب الاستفزاز من دون
التراخي في الاستقلال.
هل ترى إمكانيّة لتحسّن العلاقة بين دمشق
ومسيحيي 14 آذار؟ وهل من الممكن أن نرى
سمير جعجع قريباً في العاصمة السورية؟
عام 1976 تساءلت السلطات السوريّة مع من
يجب أن تتكلم من بين القيادات المسيحيّة
في لبنان، لكي ترسي علاقات ثابتة وكانت
تأخذها الحيرة بين الياس سركيس وريمون أده
وكميل شمعون وسليمان فرنجية وبيار الجميل،
فاختار الرئيس حافظ الأسد آنذاك دعوة
الشيخ بيار الجميل الى دمشق، حيث استقبله
استقبال رؤساء الدول. وعلى هذا الأساس
حاول السوريون تعبيد الطريق أمام كل
اللبنانيين. اذكّر بهذه الواقعة لأقول
أمرين اثنين: أولاً أن كل اللبنانيين يعون
تماماً أن الاستقلال الناجز وسيادة لبنان
لا يمكن التهاون فيهما، ولكن في الوقت
عينه كل اللبنانيين من البطريرك نصرالله
صفير الى سمير جعجع وغيرهما من القيادات
يعلمون أن التعاطي مع سوريا يجب أن
يستقيم، مع احترام خصوصيّات كل فريق وبدون
استفزاز تأميناً لمصالح الطرفين. الأمر
الثاني، وعلى الرغم من التصريحات اللهّابة
النارية هناك نوع من الاجماع على ضرورة
تهدئة الخطاب السياسي، وهذا ما أشعر به في
مجلس الوزراء ومن خلال عمل رئيس الجمهورية
وتحرك رئيس الحكومة. أملي أن تدوم هذه
المرحلة من دون أن تقتصر على إرساء الـ
"سين- سينيّة" على لعبة متحركة.
لكن الساحة المسيحيّة تحوّلت الى حلبة
ملاكمة رغم القرار بالتهدئة...
هذا الأمر غير صحيح، أرى المواقف ما تزال
عند المبادئ المقرّة، وليس هناك الحدّة
التي تتكلمين عنها.
لم تجبني عن سؤالي حول إمكانية زيارة جعجع
لدمشق.
عندي شعور أنه على الأقل 60% من هذا
القرار موجود لدى القيادة السوريّة، وإذا
اتخذت دمشق هذا القرار يعني أنّها قبلت
بوجود فريق عنده هامش من التميّز
والاستقلال في قراره.
وما مصير طاولة الحوار؟
لا جدوى من طاولة الحوار لأنّها لم تطرح
أصلاً موضوع السلاح على الطاولة. |