السؤال الأبرز الذي يتبادر الى اذهان
اللبنانيين في ضوء الاتصالات التي أجريت
في الايام الاخيرة مع فرنسا وبين دول
اقليمية وسوريا، هل ترشيح الرئيس نجيب
ميقاتي هو نتيجة اتفاق بين هذه الدول
وسوريا؟ وهل توافر الغطاء الخارجي لذلك من
اجل حمايته نظرا الى النقزة التاريخية
للبنانيين من صفقة ما تتم على حسابهم؟
وتنفي مصادر متعددة في بيروت علمها بوجود
صفقة او اتفاق حول ما يجري او تسليم
لسوريا بالوضع الداخلي في لبنان، اذ ان
الاتصالات التي جرت بين الفرنسيين
والسعوديين حتى بعد ظهر السبت بيّنت ان
الموقف السعودي يرى من المبكر الكلام على
تسوية، في حين ان الفرنسيين ما كانوا
ليقبلوا بأي تسوية من دون ان تبحث مع
الرئيس سعد الحريري وليس من وراء ظهره.
وكثر يربطون ردّ فعل الرئيس الحريري برفض
المملكة السعودية فرض الامور على لبنان
وفق ما يحصل الآن. في حين تقول مصادر
معنية انه قد يكون هناك درجات من القبول
الضمني لدى بعض المواقع الاقليمية
للمبادرة السورية في هذا الاتجاه، على
قاعدة الخيارات التي وضعت امامهم، اي اما
الذهاب الى انفجار محتمل يهدد ليس فقط
لبنان بل المنطقة، واما الذهاب الى ازمة
سياسية من دون افق او ترشيح الرئيس عمر
كرامي من جانب قوى 8 آذار او تكليف الرئيس
الحريري من دون القدرة على حماية انتصاره
في حال كلّف لرفض قوى 8 آذار التعاون معه
ورفضها ان تشارك في اي حكومة، في حين ان
سيناريو ترشيح ميقاتي قد يكون قابلا
للتطبيق والقبول من دون ان يعني ذلك وجود
ضوء اخضر كلي وفق ما يفترض. اما المشهد في
المقلب الآخر فهو نزع السعوديين يدهم من
المساعي التي كانوا يقومون بها مع سوريا،
وفشل المبادرة التي قامت بها قطر وتركيا،
اضافة الى تعثّر اقتراح الرئيس نيكولا
ساركوزي حول انشاء مجموعة اتصال حول لبنان
لرفض سوريا الاقتراح، في حين لا ترغب
فرنسا في التضييق على سوريا او استفزازها.
وقد باتت دول عدة تفتقر الى الافكار وتبدو
انها تتخبط في المأزق، تماما مثلما هي
الحال في لبنان ايضا، وهناك ضياع على
مستوى خياراتها. وقد تكون هذه الدول لم
تعط ضوءا اخضر لما يجري راهنا، لكنها ليست
مستعدة لخوض معركة ضده في ظل المعطيات
المذكورة.
وتقول مصادر ديبلوماسية انها تترقب الوضع
بدقة لمعرفة ما ستؤول اليه الامور ولا
يمكن ان تستبق ذلك باي استنتاجات قد تكون
سابقة لاوانها، وخصوصا ان قوى 14 آذار
معترضة بقوة على السيناريو الذي يحصل،
اضافة الى ان غالبية الطائفة السنية غاضبة
وتشعر بأنها مستفزة، ومن الصعب ايضاح
الامور اوالتعليق عليها في ظل تلاحق
التطورات. ولذلك من المبكر جدا ابداء رد
فعل قبل معرفة ما يمكن ان يكون عليه رد
فعل اللبنانيين انفسهم. وقد توقفت هذه
المصادر عندما قاله الحريري مستبقا ما
تنتظره قوى 8 آذار من الحكومة العتيدة
بإعلانه "ان ما قبل الاستشارات النيابية
شيء وما بعدها شيء آخر"، في اشارة واضحة
الى قطع الطريق امام الحكومة العتيدة
لتوظيف التفاوض الذي كان جاريا على
استيعاب القرار الاتهامي الذي سيصدر عن
المحكمة الخاصة بلبنان. فما يحصل يحرره من
كل التزاماته السابقة في هذا الاطار، وهو
لن يكون في وارد التنصل من القرار، ونازعا
على اي نحو مسبق اي شرعية عن اي قرار
تواجه به الحكومة العتيدة المحكمة
وقراراتها، ان لجهة فك التعاون معها او
وقف التمويل او سحب القضاة. ففي ظل هذه
التطورات انتقل سعد الحريري من موقعه
رئيساً للحكومة يأخذ في اعتباره مصالح
الجميع، الى موقعه رئيساً او قائد فريق
سياسي يتصرف وفق ما تملي عليه مصلحته
الفريق الذي يمثل. ومع ان متصلين اوروبيين
بالرئيس نجيب ميقاتي ينقلون عنه عدم
التزامه اي شروط لقوى 8 آذار في ترشيحها
له، في اشارة الى موضوع المحكمة، فان هذا
الموضوع يظل يشكل جوهر الازمة الذي لا
يعتقد ان قوى 8 آذار ستقبل بعدم بته ما
دامت اطاحت الحكومة بسببه، وهو امر يخشى
ان يسبب اكثر من ازمة سياسية، وخصوصا اذا
كان ذلك سيكون اول القرارات التي يمكن ان
تتخذها هذه الحكومة او ما ستورده في
بيانها الوزاري على هذا الصعيد . وبحسب
هذه المصادر، فإن ما سيحصل بعد الاستشارات
يكتسب اهمية كبيرة لان الوضع يستمر دقيقا
وخطيرا، علما ان ما ستتم متابعته هو طبيعة
الحكومة ونوعيتها، اضافة الى مضمون البيان
الوزاري في ظل ثبوت وجود صعوبة كبيرة في
تأليف حكومة وفاق وطني رفض قوى 14 آذار ما
يحصل. كما ان هناك صعوبة في تأليف حكومة
من قوى 8 آذار لانها تنهي الرئيس ميقاتي
سياسيا. واي حكومة تكنوقراط بغالبيتها
مطعمة ببعض السياسيين تفيد بان الخلاف
السياسي سيبقى قائما بقوة، وخصوصا اذا كان
احد سيضع على الطاولة قرارا يتعلق
بالمحكمة. |