|
بعد أيام قليلة من عودته إلى واشنطن،
يبدو ان السفير الاميركي روبرت فورد مازال
مصدراً لقلق السلطات السورية، فقد حمَلت
مواقع المعارضة السورية «تفسيرات مختلفة»
و «متضاربة» حول اسباب مغادرة السفير
الاميركي ومدلول التوقيت، فاعتبر البعض ان
فورد تعمد انتقاد النظام السوري بصراحته
المعهودة، غير ان غالبية التفسيرات تُجمع
على ان عودته ربما تكون بمثابة عودة «الحرب
الباردة» بين دمشق وواشنطن.
في موازاة ذلك، قال الناشط والمحامي
السوري البارز حسن عبد العظيم، الذي التقى
فورد نهاية أيلول (سبتمبر) الماضي، في
تصريحات لوكالة «أسوشيتد برس»، إن فورد «دبلوماسي
لديه خبرة وهادئ وشخص جاد». وكان فورد قد
تعرض للاعتداء بإلقاء البيض والطماطم خلال
زيارته لمكتب عبد العظيم في دمشق، من قبل
مؤيدين للنظام السوري.
وقال عبد العظيم إن فورد ظل يعتذر له بسبب
الهجوم على مكتبه، محمِّلاً نفسَه
المسؤولية.
وتابع الناشط والمحامي السوري: «ظل يعتذر...
فقلت له: لا تقلق، انت لست المخطئ، لكنه
كان منزعجاً، وشعر انه سبب الهجوم على
المكتب».
من ناحية أخرى، رأت صحيفة «الثورة»
السورية، أن اجراء الادارة الاميركية «المفاجئ»
بسحب سفيرها في دمشق، يعكس فشله في أداء
مهامه، وأن تبريرها لهذا الاجراء لم يكن
مقنعاً.
وذكرت الصحيفة الرسمية ان «طالما ليست
هناك أسباب مقنعة ترجح أن يكون سحب السفير
إجراء احتجاجياً... يكون من المرجح أن
الإجراء يتعلق بالخارجية الأميركية... أي
معالجة واقع ديبلوماسي داخل هذه الخارجية».
واعتبرت ان «الإجراء الأميركي جاء مفاجئاً
إلى حد ما، حتى الخارجية الأميركية بدلت
في أسباب استدعائها سفيرها، من الخوف على
أمنه الشخصي وحاجته للاستراحة، إلى
التشاور». واضافت ان «فشل السفير فورد في
دمشق هو سبب استدعائه إلى واشنطن».
وذكر مصدر مسؤول في السفارة الاميركية في
دمشق في اتصال هاتفي اجرته معه «فرانس برس»
الإثنين، أن فورد «غادر البلاد لمدة غير
محدودة»، مشيراً الى ان «واشنطن اتخذت هذا
القرار لأسباب تتعلق بسلامته».
وردّت دمشق باستدعاء سفيرها في واشنطن
عماد مصطفى «للتشاور مع القيادة السورية»
بحسب التلفزيون السوري الرسمي.
وقد اغضب السفير الاميركي في دمشق السلطات
السورية لأنه زار مراراً مدناً شملتها
حركة الاحتجاج وأعمال القمع والتقى فيها
متظاهرين، واتهمته بتأجيج العنف في البلاد.
وفي السادس من ايلول (سبتمبر)، هاجم فورد
النظام السوري بشدة في بيان نشره على موقع
«فايسبوك»، مندداً بالذرائع التي تسوقها
السلطات السورية لقمع المتظاهرين.
وأكدت الصحيفة ان السفير «عرَّض نفسه
وبلاده لأكثر من موقف محرج. هو يعلم أنها
كانت مواقف عفوية تماماً في الشارع وعلى
أبواب الكنائس والمكاتب وغيرها». ولفتت
الى ان «العمل الديبلوماسي ومهمات السفراء
تتصف دائماً بهدف التحرك ودقة التحليل
وبراعة الوصول إلى الأهداف حتى لو كانت
اهدافاً عدائية».
وتابعت الصحيفة ان السفير «يجب أن يعلم
حساسية السوريين من المواقف الأميركية»،
موضحة «لا تبدو الحجة الأميركية لاستدعاء
سفيرها مقنعة لأحد، ولو صَدَقت الخارجية
الأميركية في ما لديها من حقائق، لقالت
صراحة ان سورية من أكثر الدول جهداً
لتأمين سلامة السفارة الأميركية وموظفيها
دائماً، لكنها لا تستطيع ابداً أن تدخل
حبهم إلى قلوب الشعب».
وأضافت: «السوريون لم يشعروا في يوم من
الأيام بموقف أميركي واحد مخلص لهم
ولقضاياهم الاستراتيجية، مثل تحرير الأرض
أو قضية فلسطين». |