أخبار الوطن الرئيسية

26/02/2011

 

كيف تقفز التكاليف من 300 مليون إلى قرابة مليار في صحة حلب

 

 

بعد أن نشرنا تحقيقاً تناول قضية مشفى التوليد وأمراض النساء في حلب ، ونتيجة " للضجة " التي أحدثها التحقيق ، نعود لنشر القضية " من الألف إلى المليار " ..بالتفصيل ..

أعلنت مديرية صحة حلب في بداية العام 2008 عن حاجتها لبناء مشفى التوليد وأمراض النساء والأطفال والخدج بسعة 200 سرير على الأرض المخصصة في حي هنانو بمساحة 47 ألف متر مربع.

ورسا المشروع على المتعهد ( مكتب الأزهر للعمارة) الذي قدم دراسة هندسية متكاملة ، حيث وقعت مديرية صحة حلب معه العقد رقم 32 المؤلف من 24 مادة بتاريخ 14/5/2008، متضمناً تنفيذ جميع الأعمال من البنية التحتية والإنشائية والإكسائية.

وحددت أجور العقد بـ 2,7% من القيمة التقديرية للدراسة البالغة 300 مليون ليرة سورية، ثم تمت المصادقة على العقد من قبل المكتب التنفيذي لمجلس المحافظة بالقرار رقم 1048 تاريخ 9/7/2008. ‏

وأثناء متابعة أعمال العقد من قبل اللجنة المكلفة بالإشراف على أعمال المشروع بجميع مراحله، لاحظت اللجنة قيام المكتب الدارس ( الأزهر للعمارة) انه وبعد انتهاء دراسة المرحلة الرابعة والأخيرة للمشروع تقدم المكتب الدارس بالكتاب رقم 13 تاريخ 10/10/2010 والمتضمن رفع الكلفة التقديرية للمشروع إلى نحو مليار ليرة سورية خلافاً للمتفق عليه في العقد المصدق ومن دون سابق تنسيق أو علم للجنة الإشراف أو مديرية الصحة في حلب. ‏

اللجنة تتساءل ..

وقامت لجنة الإشراف برفع كتابين إلى مديرية الصحة على فترتين متباعدتين تستوضح عن أسباب إقدام الجهة الدارسة على رفع الكلفة التقديرية للمشروع من دون علمها بالأمر مسبقاً ومن دون إبرام عقود ملحقة بالتكاليف الجديدة ، كما طلبت توضيحاً حول الرأي القانوني في هذه القضية .

وفي الكتاب الثاني كررت اللجنة طلبها من مديرية الصحة إعطاءها الرأي القانوني النهائي للتعامل مع هذه الحالة وكيفية صرف المبالغ التي تتجاوز القيمة المحددة بالعقد، ولأنه يتعذر عليها فصل الأعمال التي تم صرف أجورها سابقاً وفق المبلغ المذكور في المادة رقم 11 من العقد رقم 32 والمحدد بـ 300 مليون ليرة سورية عن الأعمال التي سيتم صرف أجورها وفق الأسعار الجديدة المطلوبة لبنود الأعمال والتي ستتم مناقشتها لاحقاً وفقاً لكتاب الجهة الدارسة لأن لجنة الإشراف غير مخولة بالالتزام بها. ‏

مدير صحة حلب ولعبة " رمي الكرة "

بعد تلقي مديرية صحة حلب العديد من الكتب والمراسلات من قبل الجهة الدارسة ولجنة الإشراف وبعد مضي أكثر من شهرين على وجود هذه المراسلات لدى مديرية الصحة، وجهت مديرية صحة حلب إلى المحافظ الكتاب رقم 8448 تاريخ 18/10/2010 .

وتقول المديرية في الكتاب " إشارة إلى كتاب الأزهر للعمارة برقم 13/ص تاريخ 10/10/2010 والمتضمن مطالبتها بأجور الدراسة التي قامت بها وفقاً للعقد رقم 32 تاريخ 14/5/2008 والمصدق من قبل المكتب التنفيذي بالقرار رقم 1048 تاريخ 9/7/2008 ، نبين لكم مايلي: ‏

تم الإعلان عن مشروع تقديم دراسة متكاملة لمشفى التوليد وأمراض النساء والأطفال والخدج باستيعاب 240 سريراً على الأرض المخصصة للمشروع في حي هنانو وذلك في العام 2008 وتم تلزيمه وفق إجراءات التعاقد أصولاً لمكتب الأزهر للعمارة. ‏

ووفقاً للعقد رقم 32 ولاسيما المادة 11 حددت أجور الدراسة بـ 2,7% من قيمة الكشف التقديري النهائي.. كما حددت قيمة تقديرية أولية بـ 300 مليون ليرة سورية بالاعتماد على أرقام أولية منذ العام 2003- 2004 وذلك لمتابعة إجراءات العقد من وضع كفالات مصرفية وقيمة طوابع العقد إضافة لعدم توفر برنامج وظيفي أو حلول معمارية لدينا وروعي بالعقد تقديم برنامج وظيفي وعدة حلول معمارية من قبل المكتب الدارس وذلك لاختيار الأنسب منها " مادة رقم 13 " وذلك من قبل اللجنة المشكلة من مديرية صحة حلب لمتابعة أعمال الدراسة.

تم تقديم ثلاثة حلول معمارية من قبل المكتب الدارس وتم اعتماد أحدها من قبل لجنة الإشراف واستلامها أصولاً وفق محاضر استلام رسمية توضح مساحات البناء وعدد الطوابق وتالياً، الكلفة المقدرة للمشفى وعليها تمت متابعة أعمال الدراسة والتعديلات المقترحة من قبل المكتب المدقق حتى تم إنهاء الدراسة بمراحلها الأربع كما هو متعاقد عليه.. وبالتوازي مع المكتب المدقق. ‏

انتهت أعمال الدراسة الكاملة للمشروع وتسليمه لمديرية الصحة منذ 16/2/2010 وذلك بمساحة إجمالية للمشروع 47000م2 وبكلفة إجمالية أولية 992 مليون ليرة سورية بما فيها الأعمال الميكانيكية والكهربائية وغيرها ، وهذا ما وضع لجنة الإشراف في موضع لبس وتساؤل قانوني ، حيث زادت الدراسة ضعفي القيمة المقدرة إضافة للتداخل في تفسير المادة رقم 11 من العقد حيث حددت 2.7% من قيمة الكشف التقديري النهائي المقدم من الدارس وفي الوقت ذاته اعتمدت مبلغاً قيمته 300 مليون كقيمة تقديرية .

و تمت مراسلة المكتب الدارس لبيان سبب ارتفاع قيمة الكشف التقديري حيث تم الرد من قبلهم بكتابهم رقم 16 تاريخ 2/9/2010 مبينين أن الحل المعماري المعتمد من قبل لجنة الإشراف جعل الكلفة تصل إلى هذا المبلغ وأنها أي الدراسة الهندسية وفق الدليل السعري لمحافظة حلب والأسعار الرائجة المعتمدة. ‏

كما تمت موافاتنا من قبل الدارس بقيم الأعمال منفصلة، من أعمال إنشائية ومعمارية وميكانيكية وكهربائية وغيرها.. ولضرورة الإسراع باستلام دراسة المشروع كونه من المشاريع المقرة في الخطة الخمسية الحادية عشرة ولرصد اعتمادات للمباشرة بالأعمال الإنشائية خلال خطة العام 2011 الاستثمارية لمديرية صحة حلب، علماً أنه لا يوجد حالياً في المحافظة سوى مشفى حكومي وحيد للتوليد وأمراض النساء وباستيعاب 90 سريراً فقط ". ‏

" كرمى لعيون المصلحة العامة " 700 مليون فقط ..!!

ويتابع الكتاب " و بعد دراسة موضوع العقد والمراسلات بين لجنة الإشراف والمكتب الدارس نقترح مايلي: ‏

اعتماد مبلغ ( 653706 ) ألف ليرة سورية قيمة الأعمال الإنشائية والمعمارية والصحية فقط وبعد حذف أعمال تدعيم الجدران وأعمال السور والبوابات والأسقف المستعارة وغيرها من الأعمال التي وردت في كتاب المكتب الدارس كأعمال مشمولة بالعقد رقم 32 وتسدد قيمتها بنسبة 2,7%. ‏

عدم احتساب قيمة الأعمال الكهربائية والميكانيكية والأعمال الإنشائية والمعمارية التي تم حذفها من قيمة الكشف التقديري النهائي ويتم الاتفاق على أجورها لاحقاً وفق الأنظمة والقوانين. ‏

يلزم المتعهد باستكمال تسديد توقيفات ضمان وقيمة طابع العقد وفق القيمة التقديرية الجديدة وإلحاقها بالعقد رقم 32 للعام 2008. ‏

عرض الإضبارة من جديد على المكتب التنفيذي للتصديق على العقد وفق اتضاح قيمة الأعمال للعقد 32 وذلك ليتم صرف مستحقات المكتب الدارس وفق القيمة النهائية المبينة أعلاه" . ‏انتهى الكتاب .

المحافظ يرفض الموافقة ويحيل الموضوع إلى مجلس الدولة

ولم يتخذ محافظ حلب أي قرار تجاه هذه القضية ، حيث قام برفع كتاب إلى مجلس الدولة ( إدارة الفتوى والتشريع ) طلب فيه بيان الرأي في صرف أتعاب المكتب الدارس بنسبة 2,7% وفق القيمة الإجمالية للكشف التقديري النهائي البالغة 992 مليون ليرة سورية أم وفق القيمة التقديرية الأولية حسب كتاب مديرية الصحة البالغة 300 مليون ليرة سورية .

ملاحظات وتساؤلات ‏

وتناولت صحيفة تشرين الرسمية القضية ، حيث نشرت تحقيقا موسعاً تساءل فيه معد التحقيق في إحدى فقراته " بعد الاطلاع على نص العقد رقم 32 وكتاب مديرية الصحة للسيد المحافظ تبرز عدة ملاحظات وتساؤلات هي حسب لجنة الإشراف تستوجب من كل من يقرؤها التوقف عندها

- الأولى: أشار الكتاب إلى أن قيمة العقد هي قيمة تقريبية (أولية) مقدارها 300 مليون ل.س وهو أمر غير صحيح لأن نص المادة 11 من العقد تحدد موضوع قيمة دراسة العقد بـ 2,7%، والقيمة التقديرية للمشروع 300 مليون ل.س.. وإن إضافة كلمة (أولية) تجعل بند التعاقد بنداً مفتوحاً غير مقيد برقم، الأمر الذي سيساعد المتعهد الدارس على تجاوز قيمة التعاقد بحرية، وإن أي زيادة في الأسعار يمكن أن تظهر أثناء العمل فوق قيمة التعاقد تتم مناقشتها بموجب مراسلات وثبوتيات بين المتعهد ومديرية الصحة، وهذا الأمر لا وجود له في المراسلات المتبادلة بين الجهتين . ‏

- الثانية: تشير مديرية الصحة إلى أن التعاقد تم بالاعتماد على أسعار (أولية) تعود لعام 2003- 2004 في حين أن التعاقد مع الجهة الدارسة قد تم في الشهر السابع لعام 2008 استناداً إلى كتاب تسعير المحافظة، والذي يتم إصداره عادة في بداية كل عام متوافقاً مع أسعار السوق الرائجة، ومن غير المعقول أن يتم التعاقد في عام 2008 على أسعار عام 2003 .

- الثالثة: يشير كتاب مديرية الصحة إلى أن الدارس (وبعد التعاقد) ملزم بتقديم عدة نماذج معمارية إلى لجنة المتابعة الهندسية المعنية في مديرية صحة حلب لاختيار أحدها، وقامت اللجنة باختيار أحد هذه النماذج واستلمته وهذا يعني أنها تعرف النموذج المختار وكلفته وقيمته وتقاضى الدارس أجورها البالغة ستة ملايين بمعدل مليونين عن كل مرحلة من الأولى إلى الثالثة وبنسبة 2,7% من قيمة الدراسة البالغة 300 مليون ليرة سورية . ‏

- الرابعة: إن ما ورد في كتاب مدير الصحة عن اختيار اللجنة النموذج الذي ذكره الدارس في كتابه، هو أمر فيه لبس أيضاً، ويعطيه السبب في رفع كلفة الدراسة إلى مليار ليرة سورية. ولو أن اللجنة اختارت هذا النموذج منذ البداية فلماذا لم ينوه الدارس إلى ذلك منذ البداية؟! ولماذا لم يقم بمطالبة اللجنة رسمياً وبموجب مراسلات وكتب وثبوتيات ليحصل على موافقة اللجنة ومديرية الصحة على زيادة مبلغ العقد أولاً بأول؟.. ‏

- الخامسة: يشير كتاب مديرية الصحة إلى أن لجنة الإشراف وقعت في لبس قانوني عندما ارتفعت كلفة الدراسة إلى ثلاثة أضعاف وأن المادة 11 في نص العقد فيها غموض في حين أننا نجد أن اللجنة وجدت نفسها أمام حالة مخالفة صريحة لنص المادة 11 ولا تستطيع من تلقاء ذاتها والنصوص والكتب التي بين يديها تجاوز القانون ولذلك رجعت إلى مديرية الصحة لاستيضاح الموضوع. ‏

- السادسة: يتبنى مدير صحة حلب في كتابه اقتراح المكتب الدارس تعديل قيمة الدراسة إلى نحو 700 مليون ليرة سورية بعد حذف بعض الأعمال على أن يتم التعاقد عليها لاحقاً من دون أخذ رأي اللجنة المشرفة وخلافاً لنصوص العقد رقم 32 الذي ينص على تقديم الدراسة الهندسية المتكاملة (مدنية- معمارية- إنشائية- كهربائية- ميكانيكية وبكلفة 300 مليون ل.س). ‏

مدير صحة حلب يبرر : المكتب الهندسي اعتمد على معايير عام 2003 ..!!

و كان مدير صحة حلب الدكتور عمار طلس برر في لقاء سابق  أن التكلفة التقديرية التي قدمها المكتب الهندسي في مديرية الصحة كانت / 300 / مليون ليرة , إلا أنه وعندما تم طرح المشروع على المكاتب الهندسية الخاصة و رسا حينها على مكتب الأزهر ارتفعت الكلفة التقديرية إلى / 992 / مليون ليرة ، بسبب اعتماد المكتب الهندسي على معايير عام 2003 " ؟؟.

و أوضح أن مديرية الصحة طالبت المكتب الهندسي الخاص بتخفيض التكلفة من خلال اللجوء إلى تغيير بعض المواصفات حتى تصل التكلفة إلى / 600 / مليون ليرة , " وبناءاً على ذلك تم إرسال كتاب إلى محافظ حلب يوضح تفاصيل التعاقد و التكلفة المرتفعة " ، على حد تعبيره .

كما برر مدير الصحة ارتفاع قيمة العقد بأنه تم اعتماد معايير و قيم تكاليف إنشاء مشافٍ مماثلة في حلب وخصوصاً مشفى عين العرب , و الذي اعتبره طلس " نموذجا " احتُذِيَ به مالياً و هندسياً .

مصدر في صحة حلب نفى وجود ما يسمى " مشفى عين العرب " على الأرض , الأمر الذي يطرح أكثر من تساؤل حول " المعيار المعتمد ".

يشار إلى أن مديرية صحة حلب صرفت ما قيمته 2.7 % لصالح مكتب الدراسة الخاص , و التي تبلغ حوالي 8 ملايين ليرة سورية فقط لا غير ، علماً أن المسؤولة عن المكتب الهندسي " الخاص " هي زوجة أحد المسؤولين في مديرية صحة حلب .

المصدر :عكس السير  - أية اعادة نشر من دون ذكر المصدر تسبب ملاحقه قانونيه

الرئيسية

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن موقف المرصد السوري