|
أكد الحقوقي والناشط السوري أنور البني
بعد خروجه من السجن حيث أمضى خمس سنوات،
ومشاهدته الأزمة التي تمر بها البلاد، أن
هاجسه سيكون العمل على إيجاد أدوات تخدم
تطور الوضع نحو الحل السلمي في البلاد .
وقال البني إن “هاجسه اليوم هو البحث عما
يمكن أن يخدم تطور الوضع نحو الحل السلمي
بأقل الخسائر الممكنة للناس والمجتمع
والبلد” . ولم يبد استغرابه للوضع الذي
وجده بعد خروجه من عزلة لم يتمكن خلالها
من معرفة أخبار بلاده إلا عبر التلفزيون
السوري الرسمي ومحطة فضائية موالية للسلطة،
وأكد “منذ عشر سنوات كنت أرى هذه اللحظة”
.
وأضاف أن “إغلاق منافذ التعبير السلمي
للناس وإيجاد القنوات الطبيعية للتعبير عن
نفسها، ومنعها من إنشاء مستقبلها، سيؤدي
حتماً إلى خلق أزمات في المجتمع وإلى
زيادة الاحتقان” . وأشار إلى أن “ما يطرح
الآن هو مطالبنا التي نادينا بها منذ
البداية ودخلنا السجن بسببها” .
وأكد الناشط الذي عكست ابتسامته وبريق
عينيه تصميمه على متابعة طريقه من أجل
الدفاع عن حقوق الإنسان وإرساء
الديمقراطية، أن “قضيتنا لا تتوقف” عند
الاعتقال . وقال “سأتابع، هذا شيء طبيعي،
سأقوم بذلك من أجل مستقبل أولادنا” .
وأشار إلى أنه “من غير الممكن أن نترك
الدنيا لأولادنا كما تسلّمناها، ليكن لنا
شرف المحاولة على الأقل” .
واعتبر البني الذي أمضى سنوات سجنه في
كتابة الدراسات القانونية ووضع مشروع
قانون لحق التظاهر وتنظيم عمل الأحزاب،
إضافة إلى ممارسة الرياضة، إن “الحل
الوحيد للأزمة هو الحل الوطني الذي من
شأنه أن يخرج سوريا من الوضع الحالي” .
واشترط البني لقيام حوار وطني سليم “وقف
العنف” الذي تواجه به السلطات الاحتجاجات
“مباشرة”، معتبراً أن “العنف مرفوض تماماً”
. وقال “كنا نطالب بعدم اعتقال الناس فما
بالكم في الردود الحالية التي وصلت إلى حد
استخدام العنف الشديد ضد المتظاهرين
السلميين” .
وأضاف “لا إصلاح مع العنف، كما لا يمكن
للعنف أن يسكت المطالبين بالإصلاح” .
وطالب “بإطلاق سراح جميع المعتقلين
السياسيين الذين تم اعتقالهم على خلفية
مشاركتهم بالمظاهرات” .
ونادى البني “بمنح الفرصة للمتظاهرين
وللأحزاب من أجل انتخاب هيئة تمثلهم
والاتفاق على جدول أعمال للحوار”، ولفت
إلى وجوب الاعتماد على الحوار “للمرحلة
الجديدة” . وقال يجب أن “يسحب الجيش” الذي
يحاصر المدن، وعدم إعطاء “أي دور للأمن”
فتلغى بذلك “وسائل العنف” .
ولمس البني المحاط بباقات الزهور تغييراً
ملحوظاً في المجتمع السوري “الذي كسر حاجز
الخوف”، من خلال عدد المهنئين الذين
توافدوا إلى شقته الواقعة على أطراف دمشق
. وقال “تغيرت نظرة الناس الآن . فمن كان
يسير في الشارع ويرى معارضاً سياسياً يضطر
إلى تغيير مساره ليتفادى السلام عليه، أما
الآن فإن الناس يأتون لزيارتك بعد خروجك
من المعتقل لتهنئتك بالخروج سالماً” .
وأضاف أن “امتناع الناس لم يكن نابعاً من
عدم تعاطفهم ولكنهم كانوا يخافون الملاحقة”
.
وروى البني كيف أنه لم يتمكن خلال سنيّ
اعتقاله في سجن دمشق المركزي من رؤية أخيه
الناشط أكرم المعتقل في السجن ذاته، إلا
من خلال صفيح معدني مثقب . وكشف هذا الأب
(مواليد 1959) كيف أنه لم يتمكن من التمتع
برؤية ابنته وابنه وهما يكبران واضطر إلى
ترك أمر رعايتهما إلى زوجته راغدة التي
سرحت من عملها في القطاع العام بسبب
مواقفه السياسية ونشاطه .
واعتقل البني في مايو/ أيار 2006 مع تسعة
معارضين آخرين بعد توقيع إعلان “بيروت -
دمشق، دمشق - بيروت” الذي دعا إلى إصلاح
العلاقات بين لبنان وسوريا . وحكمت محكمة
الجنايات في دمشق في 24 إبريل/ نيسان 2007
عليه، بالسجن 5 سنوات وغرامة قدرها مئة
ألف ليرة سورية بتهمة “نشر أنباء كاذبة من
شأنها أن توهن نفسية الأمة” .