يبدو أن
ملف الفساد في وزارة الصحة لن يغلق أبداً
مادام المسؤولون عن إنتاج الفساد في هذه
الوزارة الحيوية ما يزالون في مواقعهم،
ومادام القيمون على مكافحة الفساد غير
مهتمين بتنفيذ المهمة الموكلة إليهم..
فالإجراءات التي تم اتخاذها سواء في
الوزارة أو في رئاسة مجلس الوزراء مازالت
دون المأمول، لا بل يمكن اعتبارها محاسبات
هامشية ورتوش إصلاحية، حتى بعض من تمت
محاسبته مازال على رأس عمله، ومايزال
يتحرك في الوزارة بكامل الحرية كما كان
سابقاً متفاخراً بنفوذه أمام العاملين في
الوزارة، ومؤكداً بأن لا صوت يعلو فوق
صوته، وأنه سيبقى في منصبه قدر ما يشاء..
فهل بهذه الطريقة يُكافح الفساد ويُقضى
عليه؟ ألا يعني هذا إدخال روح اليأس وعدم
الجدوى إلى نفوس من تعز عليهم مصلحة الوطن؟
في تحقيقنا هذا، وهو الثالث، سنتناول
بالأرقام قضايا صحية جديدة في غاية
الأهمية تتعلق بديون وزارة الصحة من جهة،
والأخطاء الإدارية التي ترتكبها بعض
إداراتها بطريقة مافياوية من جهة أخرى.
ديون بالمليارات دون محاسبة
بعد متابعتنا لموضوع الأدوية في التحقيق
الثاني، توصلنا إلى حقائق أخرى، وخاصة
بالدواء، أشد وطأة من الأرقام السابقة،
حيث يبدو أن الموضوع في تفاقم مستمر
والأرقام في تزايد، وهذا لم يعد يقف عند
حد معين أو دائرة بعينها. فقد أرسلت
المؤسسة العامة للتجارة الخارجية كتاباً
تحت الرقم 1309/م/1/2392ص3 بتاريخ
21/6/2010 إلى وزارة المالية توضح فيها
وصول ديون وزارة الصحة إلى حد لا يمكن
السكوت عنه يصل ما يقارب /6.636/ مليار
ل.س، مما يعني تهديد مباشر بوقف الأدوية
الهامة التي تستجرها الوزارة للأسواق
السورية الطبية وخاصة النادرة منها، لكن
السؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا أظهرت هذه
الديون خلال هذين العامين فقط، ولم تظهر
في الأعوام السابقة؟ الجواب قد يتضح في
كتاب المؤسسة العامة للتجارة الخارجية
التي أكدت أن وزارة الصحة استفادت من
توصية اللجنة الاقتصادية بجلستها رقم /4/
تاريخ 26/1/2009 التي تقضي بتولي وزارة
الصحة تمويل استيراد كل المتأخرات من
الأدوية المزمنة عن طريق المؤسسة العامة
للتجارة الخارجية، بغض النظر عن المديونية
المترتبة عليها من المؤسسة، وذلك كحل
إضافي للأزمة القائمة للدواء والديون معاً،
لكن المضحك والمستهجن هنا أن تحل الأزمة
القائمة بالشراء بغض النظر عن الديون،
وهذا ما أدى بشكل رئيسي لوصول حجم الديون
إلى هذا الرقم المخيف الذي يساوي ويوازي
حجم الميزانية المخصصة للقطاع الصحي من
الموازنات العامة للدولة، والرقم مرشح حسب
الإجراءات المتخذة للازدياد، وهذا بدوره
يؤكد ما أشرنا إليها سابقاً أن وزارة
الصحة تستجر الأدوية دون أية دراسة صحية
أو مالية، أو حتى دون القيام بأي جرد
للاحتياج السنوي من الدواء، وما يؤكد هذا
أيضاً قوائم الأدوية التي تتلف يومياً
لانتهاء مدة الصلاحية، بينما في حال
مراجعة أي مواطن لمركز صحي أو مشفى
لاستلام الدواء المطلوب يكون الجواب: «اشتروا
الدواء من الخارج لعدم إمكانية تأمينه»!
وهنا نسأل بدورنا: أين ذهبت المليارات
الستة؟ وأين صرفت؟ ولماذا تغض الحكومة
النظر عن هذا الفساد الكبير الذي يطال
أوجه الدعم الذي تقدمه الحكومة للمواطنين
السوريين؟ ولماذا لا تلجأ وزارة الصحة
لتطبيق مبدأ الأتمتة بتخصيصها بطاقة
الكترونية لكل المواطنين، حيث ينحصر
احتياج كل مواطن في بطاقته ويمكن معرفة
الاحتياج الحقيقي في سورية من كل صنف من
أصناف الأدوية وخاصة المزمنة والخطيرة
منها.
ما بين الجدوى الاقتصادية وتطبيق التأمين
الصحي
المشكلة ليست محصورة بوزارة الصحة، بل
تمتد إلى قرارات رئاسة مجلس الوزراء
المشرفة على كل التفاصيل، ومن إحدى
المفارقات إصدار رئاسة مجلس الوزراء قرار
بتطبيق التأمين الصحي على العاملين في
القطاع الإداري والبالغ عددهم /750/ ألف
موظف، حيث بدأت وزارات الدولة تباعاً
بإبرام عقود لتوفير التأمين الصحي
للعاملين لديها، بينما نجد بالمقابل أن
وزارة الصحة مازالت ماضية في قرارات تصرف
الأموال غير المبررة على دراسات الجدوى من
تطبيق التأمين الصحي وفق الكتاب المرسل في
24/6/2010 إلى منظمة الصحة العالمية
لتوفير التمويل للتعاقد مع خبراء هم أصلاً
من كوادر وزارة الصحة والعاملين فيها منذ
سنوات لإعداد دراسات الجدوى الاقتصادية،
هل هذا منطقي؟ وهل من أحد ضمن الوزارات أو
خارجها لا يعلم بماهية الجدوى من تطبيق
نظام التأمين الصحي؟ وهل من المنطقي أصلاً
أن تقوم وزارة الصحة بدراسة الجدوى بعد
صدور قرار رئاسة مجلس الوزراء بتطبيق
التأمين الصحي؟ والسؤال الأهم هنا أين
ذهبت الدراسات التي أجرتها وزارة الصحة
على مدى عشرات السنوات مع الاتحاد
الأوروبي ومنظمة الصحة العالمية، والتي
صرفت آلاف الدولارات عليها؟ ولماذا تعيد
وزارة الصحة هذه الدراسات نفسها؟ وكيف
يمكن أن تعتبر بعض العاملين لديها خبراء
لتلك الجهات؟ ولنوافق جدلاً أنهم كذلك
ويتمتعون بتلك الصفات والمهارات، فلماذا
لم يقوموا بواجبهم الوظيفي والوطني عندما
كانوا على رأس عملهم في الوزارة دون أن
يدفع لهم ويصرف عليهم مصاريف إضافية
كخبراء؟
قروض مشبوهة بمبالغ كبيرة
من خلال المتابعة للكتب الوزارية يتبين
إرسال وزارة الصحة عدة كتب إلى هيئة تخطيط
الدولة تطلب قروضاً من جهات مختلفة
(النمسا ـ بريطانيا) وغيرها من دول
الاتحاد الأوروبي بمبالغ كبيرة تصل إلى
نحو /100/ مليون جنية إسترليني دون أي
مبرر، فلماذا نترك القروض التي منحت
سابقاً لسورية مع الاتحاد الأوروبي والتي
تمدد لتاريخ اليوم وترتب على سورية فوائد
كبيرة لم ينظر إليها، ونركض وراء الحصول
على قروض تقدمها شركات خاصة؟ وما هي
الغاية من وراء ذلك؟ وهل أجرى القائمون في
الوزارة أية دراسة حول هذه الجهات
ومرجعياتها وأصولها؟ إن ما يمكن استنتاجه
هنا، هو أن هناك توجهاً أبعد وأخطر، وهو
إضعاف دور المؤسسات الصحية العامة،
وإغراقها بالديون تمهيداً لبيعها أو طرحها
للاستثمار من خلال هذه القروض غير المبررة
على شاكلة معظم المنشآت والشركات التابعة
للقطاع العام على قاعدة «ما حدا أحسن من
حدا»..
صدر القرار وبقي حبراً على ورق
لعل من القضايا التي لابد من تناولها،
القرارات التي تتخذها أعلى الجهات في
الوزارة على عجل وبشكل اعتباطي وغير
مدروس، ولا ندري إن كانت هناك ضغوط ما
مورست على أعلى هرم في الوزارة، أو أن
الحقيقة هي ما يدعيه /90%/ من موظفي
ومديريات الصحة، الذين يؤكدون أن أحد
الشخصيات البارزة في الوزارة هو الوزير
الفعلي، والآمر الناهي، ومتخذ القرارات
ومهندس العمليات في الوزارة ومديرياتها،
ويبدو أن القرار الذي صدر وقضى بموجبه
إعفاء الدكتور غسان شاكر من مهامه جزء لا
يتجزأ من هذا التخبط على أثر رفض د.شاكر
تعيين إحدى الممرضات رئيسة للممرضات في
المرصد الوطني لرعاية الشباب، ولا يخفى
على أحد أنه وبتاريخ 9/5/2010 أصيب د.شاكر
بجلطة قلبية فارق الحياة على أثرها!.
وفي مقابل كل هذا نرى أن الوزير، وبعد
التحقيقين الأول والثاني عن الوزارة وعن
الأخطاء التي يرتكبها هذا الشخص البارز،
أصدر القرار رقم /7932/ تاريخ 7/7/2010
جاء في حاشيته أنه وبناءً على مقتضيات
المصلحة العامة يقرر ما يلي:
المادة الأولى: يلغي ما يسمى المكتب الخاص
العائد لمكتب الوزير ويوجه البريد الخاص
إلى مكتب الوزير.
المادة الثانية: يتبع لمكتب الوزير
الدوائر التالية:
1- دائرة العلاقات العامة،.
2- ديوان مكتب الوزير.
3- مكتب المتابعة.
المادة الثالثة تلغى كافة الصكوك المخالفة
لهذا الصك.
المادة الرابعة: يبلغ هذا القرار من يلزم
لتنفيذه.
لكن الذي لابد من التنويه عليه هو أننا
عندما كتبنا عن هذا الموضوع لم نكن نقصد
المكتب الخاص بما فيه من (كراسي وطاولات
ومكاتب)، بل الشخص الذي كان يقود المكتب،
فما الفائدة من هذا القرار إذا بقي كافة
موظفي المكتب الخاص على رأس عملهم دون أية
محاسبة؟ وكأنك يا أبا زيد ما غزيت!
شتان ما بين حرفي A و R
شاب موضوع أدوية الكلية الكثير من
الشبهات، حيث بدأت الجهات العامة والخاصة
تشتكي من هذا التخبط في آليات شراء
الأدوية من وزارة الصحة، حيث أرسل مدير
عام مشفى الأطفال كتاباً تحت رقم 1897/2/1
تاريخ 19/5/2010 جاء فيه: «من باب الحرص
على صحة الأطفال إلى وزارة الصحة يطلب
التوضيح في حسم الجدل الذي نشأ بين أطباء
الأطفال حول الفرق بين مستحضري Pangraf و
Prngraf لعلاج الأطفال المصابين بمرض
الكلية». فكيف يجري الخلط بين الدواءين؟
حبذا لو تقدم الوزارة توضيحاتها..
ومن المفيد هنا أيضاً شرح الوضع السيئ
للمصابين بالأمراض العقلية في مشفى ابن
سينا في ريف دمشق، التي رصدت الدولة لها
مئات الملايين على مدى سنوات لتطوير
وتحسين وضعها، إلا أن تدخل مدير مكتب
الوزير في جميع المناقصات وإشرافه المباشر
على عمل لجان المناقصات حال دون التطوير
وتنظيم عقود سنوية لترميم المشفى، وسنذكر
هنا مثالاً واحداً، وهو عقد لترميم أحد
المهاجع بقيمة /53/ مليون ل.س، تم تمريره
دون موافقة مهندسي المشفى نضال سلوم
وبيداء سليمان وبسبب اعتراضهما على العقد،
تم نقلهما خارج الهيئة، وعند كتابة هذه
السطور علمت قاسيون أن الجهاز المركزي
للرقابة المالية طلب المهندسين للتحقيق
على خلفية الكتاب، والمذكرة اللذين تم
رفعهما إلى الجهاز المركزي ويوضحان فيهما
كافة المخالفات والأخطاء التي ارتكبت في
الهيئة.
بعض المخالفات.. غيض من فيض
حدثت في الوزارة خلال الفترة القصيرة
الماضية مخالفات عديدة منها ما جاء في
التقرير التحقيقي رقم /54/و.ع تاريخ
5/7/2009 مع كافة مرفقاته والمعد بنتائج
التحقيق بالمخالفات المرتكبة لدى مركز
الأطراف الصناعية بوزارة الصناعة، حيث
تبين عند التدقيق بأسعار الآلات وجود
فوارق مالية كبيرة بين القيمة العقدية
والقيمة الحقيقية للأجهزة وفق ما انتهت
إليه لجنة الخبرة المشكلة لدراسة ذلك،
وللتأكد من ذلك تم تشكيل لجنة فنية أخرى
لجرد التجهيزات الموردة بالعقد، والتي
بينت أيضاً بدورها أن تسعة من أجهزة العقد
مخالفاتها كبيرة جداً ومرفوضة ولا يمكن
قبولها، وواحد فقط يمكن اعتباره جيداً.
ومن المواضيع المثارة أيضاً جعل مديرية
مخابر الصحة العامة معنية بعمل مخابر
البرنامج الوطني لمكافحة الإيدز المستقلة
عملها كهيئة عن المديرية، مع علمنا المسبق
بوجود مخبر في المديرية العامة وهو مخبر
يدعى مخبر الإيدز محدود قياساً بعمل مخابر
البرنامج الوطني، وهو نموذج لمخابر أحدثت
أو في طريقها للإحداث لدى مديريات الصحة
في المحافظات، لكن ما أثار حفيظتنا على
تناول هذه الجزئية هو موضوع الكواشف
«الإيدز» واختبارات فعالية الاستجابة
للعلاج CD8 CD4 التي جاءت إلى سورية من
خلال معونة من منظمة الصحة العالمية بقيمة
مليون دولار كمساعدة لسورية، تضمنت أجهزة
معايير وكميات قدرت بنحو /20000/ كاشف،
لتوزع لصالح البرنامج الوطني ومخابر
الإيدز في المحافظات، ولدى الاستلام
والكشف تبين وجود جهاز واحد وحوالي /22/
ألف كاشف تحتاج لدرجات حرارة بين /2 ـ 8/
درجة، ولكنها وضعت في المستودعات لحين
استلامها مما عرضها لدرجة حرارة عالية
بحدود /30/ درجة أدت إلى فسادها وعدم
صلاحيتها. وما يثير الاستغراب أكثر هذا
العدد الكبير من الكواشف المطلوبة قياساً
على الأعداد المتواضعة للمصابين بالإيدز
في سورية، فحسب الأرقام الرسمية لم نكن
بحاجة سوى لـ/500/ كاشف فقط، خاصة وأن مدة
صلاحية هذه الكواشف لا تزيد عن ستة أشهر.
وزارة الصحة بلا نظام داخلي كمواطن بلا
هوية
لا ندري أهي سابقة خطيرة أم أنها محض
مصادفة أن توجد جهة عامة، لا بل أن توجد
وزارة تتبع لها أكثر من /30/ مديرية
مركزية، و/14/ مديرية في المحافظات، وليس
لها نظام داخلي ينظم عملها ويوصف وظائفها
وشروط أشغالها ويضع خططها... إلخ..
لا ندري إن كان ذلك محض مصادفة أم أن ذلك
مستمر بنيّة مبيتة؟ فمن المستفيد من عدم
وجود الهوية؟ أهي الإدارة، أم بعض
القائمين على إدارتها؟ ومن الضحية أهو
العامل فيها، أم الوطن بأكمله؟.
لا يمر يوم دون ورود خبر أن وزارة الصحة
تقوم حالياً بإعداد النظام الداخلي العتيد
الذي لم ينجز، كل يوم نسمع عن المسؤولين
عنها أنهم بصدد الانتهاء منه، كل يوم نسمع
عن إحداث مديريات جديدة بقرارات تنظيمية
تفتقد مسوغها القانوني، وما يترتب على ذلك
من تخصيص سيارات للسادة المدراء وغير ذلك
من التعويضات، التي هي في الأصل مجرد حبر
على ورق «عقد، المستلزمات الصحية، السجلات
والتراخيص الطبية....»
بعض المديريات تجاوز عدد عمالها المئات،
والبعض الآخر لا يتجاوز عددهم عشرة عاملين
بما فيهم الآذنة، والمدير الشاطر يسعى
بأيديه وأيدي غيره لنشر قرارات إحداث
مديريته ليكتسب الصفة القانونية!.
والمؤسف أن يتم ذلك بحجة مقتضيات المصلحة
حتى أصبحت هذه المقتضيات سيفاً يقطع رأس
كل من يخالف أولي الأمر في الوزارة. أما
المدراء الدراويش فلا ينشرون قرارات
بإحداث مديرياتهم، ولا ندري لأنهم دراويش
بالفعل، أم أن عدم النشر في الجريدة
الرسمية إجراء قانوني وله تبعاته؟
فبالعودة إلى قانون النشر رقم /5/ لعام
2004 وخاصة المادة الثانية منه والتي حددت
الصكوك الخاضعة للنشر في الجريدة الرسمية،
نجد أن المادة الثانية نصت (ينشر في
الجريدة الرسمية بند رقم /3/ المراسيم
والقرارات التنظيمية..)، وحدد في الفصل
الثامن منه تاريخ بدء نفاذ العمل بالصكوك
القانونية الخاضعة للنشر في الجريدة
الرسمية، فنصت المادة الخامسة بند /ج/
(تعتبر المراسيم الشخصية والقرارات
الوزارية المتضمنة نظاماً عاماً نافذة من
تاريخ نشرها في الجريدة الرسمية).. والأمر
الشديد الغرابة أنه ودائماً في آخر مادة
من كل قرار تنظيمي توجد كليشة اعتادوا على
طباعتها فقط: (ينشر هذا القرار في الجريدة
الرسمية ويعمل به من تاريخ نشره). ومع ذلك
كله لا تنشر الصحة أي شيء لعدم وجود نظام
داخلي للوزارة، والأغرب من ذلك بأن
الوزارة تقوم بتطبيق هذا القرار وتعمل به
دون نشره بحجة أن هذا القرار هو إجراء
داخلي!.
إحداث مديريات بشكل مخالف
دائماً يتم إحداث مديريات (صحية) بشكل
مخالف، وقد اعتدنا على ذلك، فقد تم إحداث
أكثر من مديرية بشكل مخالف لقانون النشر،
وترتب على ذلك صرف مبالغ كبيرة للسادة
المدراء تتمثل في تخصيص سيارات وصرف
تعويضات بحجة أنهم مدراء.. ألا يستحق هذا
الموضوع من الجهات الرقابية التحقيق في
هذه المخالفات؟ ومع ذلك فالمديرية الوحيدة
التي تنشر قرارها في الجريدة الرسمية هي
«م.س.ط».
إن رئاسة مجلس الوزراء، ووزارة المالية
تعلم بأنه لا يوجد نظام داخلي للوزارة،
ومع ذلك يعطيان الموافقة بإحداث مديريات،
وقد تم ذلك مرتين، في المرة الأولى تم رفض
نشر قرار الإحداث من جانب وزارة المالية
إلى أن قام السيد المدير بترتيب أوراقه
وتمكن عبر القنوات المعروفة بالحصول على
موافقة إحداث مديريته حيث أوهم الجهات
المسؤولة بضخامة وجسامة عمل مديريته،
وبأنه لابد من إحداث هذه المديرية وتم
النشر بعد الموافقة!.
لقد تمت الإشارة في العدد السابق إلى بعض
مواضع الفساد وخاصة فساد أصحاب الأيدي
السحرية، والحمد لله أن الوزارة اتخذت
قرارها الجريء الذي استبشر فيه العاملون
الخير عندما تم إلغاء ما يسمى «المكتب
الخاص»، وصدر القرار بذلك، إلا أن ذلك
تبعه مخالفة أخرى بإحداث دوائر في مديرية
مكتب الوزير، ومازال صاحب العصا السحرية
موجوداً في مكتب المتابعة، ليقف ويقول
للجميع «إنني موجود، ولن أغيب عنكم، ولن
يمر شيء إلا بأمري».
كل ذلك يؤدي بدوره لاستمرار المخالفات
بشتى الوسائل، واستمرار تحكم بعض الشخصيات
المتسلطة في الوزارة بكل التعيينات
والتنقلات بما يتناسب وأهوائها ومزاجها
و... كل ذلك يتم بحجة واحدة ثابتة في كل
زمان ألا وهي «مقتضيات المصلحة العامة».
فإلى متى ستبقى المصلحة العامة في بلدنا
تعني المصلحة الخاصة، وبالتالي تبقى سيفاً
بأيدي المتسلطين للاستمرار في الإفساد
والنهب؟
ALI@KASSIOUN.ORG