من أفغانستان إلى البوسنة فالسجون
السورية، يعرف الشيخ لؤي الزعبي بنفسه على
أنه الأمين العام لحركة «المؤمنون يشاركون»
السلفية السورية التي تقدم «طرحا سياسيا
جديدا ومنفتحا»، وتسعى لقيام «دولة سورية
معاصرة، على أساس المواطنة، يقوم فيها
الحكم على صندوق الاقتراع، كبديل لنظام
بشار الأسد، تشارك فيها جميع فئات المجتمع،
دون إقصاء لأحد».
هذا ما قاله الشيخ الزعبي عن حركته في
لقاء مع «الشرق الأوسط»، أجري بعد تحضيرات
احترازية، وترتيبات خاصة، حرصا على أمن
الشيخ الذي قيل لنا إنه «صيد ثمين للنظام
السوري، وهو ما يستدعي الحذر». وقال
الزعبي: «خرجت لأتكلم الآن نزعا لفتيل
الشبهة، ولأكذب النظام السوري. فهو يدعي
بأننا الأكثر تطرفا بين المتطرفين، ويستغل
بعض شبابنا ليخوف الآخر منا. وها نحن نقول
كسلفيين إننا نطرح المشاركة مع الجميع،
مسيحيين ودروزا وعلويين وأكرادا، نريد
الشراكة مع كل سوري. وهو ما لا يطرحه
النظام ولا في الأحلام. فإذا كان
المتطرفون يطرحون اللقاء مع الآخر، فهذا
يسقط كل أوراق النظام». ويشرح الزعبي أن «النبي،
صلى الله عليه وسلم، أرسل صحابته إلى ملك
الحبشة وهو مسيحي، لأنه لا يظلم عنده أحد.
فالنبي، صلى الله عليه وسلم، لم يكن
يستعدي أحدا، وإنما يتواصل مع الجميع».
ويضيف الزعبي «نحن ضد كل فكر إقصائي سواء
جاء من علمانيين أو إسلاميين». وعن نسبة
السلفيين في سوريا الذين يؤيدون مثل هذا
الطرح يقول: «60 في المائة من الوسط
السلفي يؤيدون وجهة النظر هذه»، معتبرا أن
«السلفية تشكل التكتل الأكبر في الوقت
الراهن في سوريا، لا بل وفي الشرق الأوسط،
من حيث عدد المؤيدين، لا عدد المنضوين
الرسميين في صفوفها». ويحرص الزعبي على
التمييز بين السلفية و«القاعدة»، لكنه
يقول في الوقت نفسه إنه يرفض التهجم على
أي أحد ولو كان ماركسيا، وما يهمه هو أن
يطرح وجهة نظره.
الشيخ لؤي الزعبي من محافظة درعا من
المجاهدين العرب في أفغانستان في
التسعينات، ثم شارك في حرب البوسنة قبل أن
يعود إلى سوريا ويعتقل لسنوات طويلة، كما
يشرح لنا، قضى منها ثلاث سنوات ونصف السنة
في سجن انفرادي، ذاق خلالها كل أنواع
التعذيب. «بعدها عملنا تحت الأرض، لأننا
لو خرجنا كنا سنذبح»، على حد قوله. يضيف
الشيخ: «كانت تحركاتي مرصودة، ومنعت من أن
أخطب في أي مسجد، الآن بات بمقدورنا أن
نعمل في العلن، وقد أجرينا مراجعة للفكر
القديم، وما نفكر به اليوم ليس ما كنا
نفكر به قبل سنة، كنا نعتبر الآخر عدونا.
العمل في الضوء يجعل الأفكار أكثر تنورا
وصوابا».
«بداية لقاءات الشيخ ستكون معكم»، هكذا
يقول المحيطون بالزعبي، وفي الأيام
المقبلة له مواعيد مع صحافيين غربيين.
والهدف بحسب ما يشرح لنا الزعبي من الظهور
في الإعلام الآن هو «ليس مخاطبة الداخل
فقط، الذي يعرف ما نفكر به وإنما الخارج
الذي يصدق النظام»، مضيفا «إننا كحركة
جمدنا كل خلافاتنا مع الإسلاميين الآخرين
وغير الإسلاميين، إلى ما بعد إسقاط النظام».
ونفى الزعبي أثناء حديثنا معه أن يكون
السلفيون مسلحين في سوريا، قائلا: «لم
نطلب حتى الآن أي خروج مسلح مدني، لكننا
نؤيد حماية الجنود المنشقين لشعبهم، بل
نحن نفتي بوجوب ذلك».
وعما إذا كان له من أتباع ومريدين يقول
الزعبي «نحن أهل ميدان ولسنا أهل إعلام،
ننسق مع كل المعارضين في الداخل، وهو ما
فعلناه، قبل أن نقرر التحدث إلى الإعلام،
ونهتم بما يجري على الأرض. وكنت أول من
أفتى على (يوتيوب) بخروج المتظاهرين إلى
الشوارع في أبريل (نيسان) الماضي، وتصاعدت
بعدها الاحتجاجات في درعا وريف دمشق،
وازداد عدد المتظاهرين من آلاف إلى عشرات
الآلاف».
وعلمت «الشرق الأوسط» أن الزعبي أجرى
لقاءات مع جهات سياسية عدة، لبنانية
وعربية، لطرح وجهة نظره، كما أنه اجتمع
بوفد أميركي ليشرح توجهاته. الزعبي حين
سألناه رفض تسمية الجهات التي يجتمع بها،
لكنه اكتفى بالقول «من حقنا أن نتصل بكل
من يتصل بهم النظام. والتقينا شخصيات
سياسية مختلفة، ووجدنا دعما من مسيحيين
وعلمانيين وسنة، والتقينا شخصيات شيعية
على أعلى مستوى، وسنفصح عن الأسماء حين
يحين الوقت».
أما عن حزب الله فيقول: «العدو الحقيقي
لنا كشعب سوري، هو آية الله علي خامنئي
المرشد الأعلى في إيران، ثم حزب الله
اللبناني بزعامة حسن نصر الله، ومن ثم
بشار الأسد الرئيس السوري في المرحلة
الثالثة. لذلك فإن أي لقاء مع حزب الله
بعد أن قتل شعبي، هو انتحار سياسي». |