أكد،
فؤاد عليكو، عضو اللجنة السياسية لحزب
يكيتي الكردي في سوريا أن النظام السوري
يزيد من قمع النشطاء السياسيين كلما ازداد
الانفتاح الغربي عليه، وأن وتيرة العنف
والاعتقالات زادت بشكل غير مسبوق وأنَّ لا
وجود الآن لأي أمل لدى المعارضة السورية
بطيفهيا العربي والكردي من إستجابة النظام
لمطالبها في الانفتاح الديمقراطي والدفع
باتجاه الانفراج السياسي داخليًا.
محمود جمعة من برلين:
أشار فؤاد عليكو السكرتير السابق لحزب
يكيتي الكردي في سوريا وعضو اللجنة
السياسية للحزب، والمقيم في مدينة
القامشلي بشمال شرق سوريا في مقابلة مع
"إيلاف" إلى أنه يعتقد أن النظام السوري
غير مستعد للتنازل عن علاقاته التاريخية
مع إيران وأن الرهان الغربي على قطع تلك
العلاقات في مقابل الانفتاح عليه هو رهان
غير موفق.. وفي ما يلي نص الحوار:
*
تمكّنت
سوريا من تجاوز عزلة دولية شديدة فرضت
عليها بعد مقتل رئيس الوزراء اللبناني
السابق رفيق الحريري كيف تنظر إلى هذا
الوضع خاصة بعد تمكن النظام السوري من عقد
تحالفات إستراتيجية مهمة وخاصة مع تركيا؟
وكيف تقيم العمل السياسي المعارض داخل
سوريا وما هي آفاق استجابة النظام لمطالب
المعارضة أو الأحزاب الكردية ومن ضمنها
حزب يكيتي الكردي؟
- هناك معادلة سياسية معاكسة لدى النظام
في سوريا فعندما يتزايد الضغط الدولي
عليه، يمارس سياسة إرخاء الحبل قليلاً مع
القوى الديمقراطية المعارضة، وكلما حصل
انفتاح دولي عليه قام النظام بتشديد قبضته
الأمنية وممارسة القسوة في التعامل مع
القوى الديمقراطية. بينما المنطق السياسي
يفترض عكس هذه الممارسة، فأي نظام عندما
يعيش حالة انفراج دولي مريح يجب إن يمارس
سياسة العودة إلى الداخل ومعالجة قضاياه،
سوءا أكانت هذه القضايا سياسية أم
اقتصادية كي يحصن وحدته الداخلية لتصبح
وحدة متينة عصية على التدخلات الخارجية،
وهذا التصور المنطقي بعيد عن توجه النظام
وسياسته، ولذلك لا وجود لأي أمل لدى
المعارضة السورية بطيفها العربي والكردي
من استجابة النظام لمطالبها في الانفتاح
الديمقراطي والدفع باتجاه الانفراج
السياسي داخليًا، فكل المعطيات المتوفرة
حاليًّا تؤكد أنّ النظام ماضٍ في سياسته،
وبات العمل الميداني المباشر صعبًا للغاية
نتيجة استعمال العنف المفرط من قبل
الأجهزة الأمنية وقوات ما يسمى بحفظ
النظام.
*
ربما
تكون صدفة وربما لا لكن وبعد فك العزلة
الدولية عن سوريا مباشرة قامت ألمانيا
بعقد إتفاقية أمنية خطرة مع النظام بغرض
إعادة آلاف اللاجئين اغلبيّتهم من الكرد
إلى سوريا. كيف تنظر إلى هذه الاتفاقية؟
وهل تعتقد أنها جاءت في إطار صفقة سرية
عقدتها ألمانيا والدول الغربية مع النظام؟
- لا يوجد في السياسة ما يقال عنه صدفة
لذلك فكل الاتفاقات التي تبرمها سوريا مع
أي دولة يدخل في إطار التكامل السياسي
لديها داخليًا وخارجيًا، والاتفاقية
الألمانية السورية تدخل ضمن هذه
الإستراتيجية وتهدف إلى تضييق الخناق على
المعارضة السورية في الخارج وتقليص دورها
النشط نسبيًا وبخاصة الكردية منها، وتهديد
النشطاء منهم بتسليمهم إلى النظام وفق
صيغة قانونيّة معدة بدقة.
ومن حيث المبدأ فنحن لا نشجع الهجرة
وتجريد الوطن من القوة الحية (الشابة) لكن
الوضع الاقتصادي والقوانين الاستثنائية
التي تطبق في المناطق الكردية مثل المرسوم
(49) وغيره من القوانين تعقد كثيرًا
استمرار المعيشة لفئات كثيرة من أبناء
شعبنا تدفعهم إلى البحث عن لقمة عيشهم في
مناطق أخرى.
*
يقول
مراقبون أن سوريا حصلت من الغرب على
تنازلات كثيرة ومنها فك العزلة الدولية
لكن في المقابل لم تتنازل عن أي من
مواقفها فهي لم تقطع علاقتها بإيران ولا
بحزب الله ولا حماس وباستثناء تسهيل تشكيل
الحكومة اللبنانية لم نرَ أي خطوات ملموسة
من جانب النظام باتجاه الغرب فهل فقط كان
هذا هو الثمن الذي يجب على النظام أن
يدفعه؟
- هذا صحيح حيث حصل نوع من التقارب بين
الغرب وسوريا منذ مجيء الرئيس الفرنسي
ساركوزي إلى السلطة ومن بعده اوباما حيث
قاما بمد جسور التفاهم مع سوريا وكان
الهدف واضحًا لكل المراقبين السياسيين وهو
مطالبة سوريا بالابتعاد عن إيران وحزب
الله وحماس، وعدم التدخل سلبًا في الشأن
العراقي واللبناني، مقابل فك العزلة عنها،
إلا أن جهودهم لم تثمر عن شيء حتى الآن،
ولا اعتقد أنّ النظام السوري لديه
الاستعداد للقبول بمثل هذه الصفقة نتيجة
وجود علاقات تاريخية قوية (سياسية
واقتصادية) مع إيران وقد واجهت سوريا
الدول العربية مجتمعة في تأييدها لإيران
إبان الحرب العراقية – الإيرانية 1980
-1988، لكن سوريا سوف تتعامل بمرونة مع
هذه الدول في المجال اللبناني والعراقي
والاقتصادي وفي مجال مكافحة الإرهاب لا
أكثر.
*
أثير لغط
كبير حول مؤتمر حزب يكيتي الأخير
والقرارات التي تم اتخاذها.. ما هي حقيقة
الأمر؟ وأيضًا هناك نقطة تسمية الحزب من
يكيتي الكردي إلى يكيتي الكردستاني ماهي
وجهة نظركم حول هذه النقطة؟ وما هي
تداعيات إثارة هذه المسالة؟ وهل تسببت هذه
بأي مشاكل للحزب أو لقيادات وكوادر حزبية؟
- مؤتمر يكيتي السادس شأنه شأن كل مؤتمرات
الحزب جرى فيه مناقشات عميقة، تنوعت فيها
الآراء وتباينت وجهات النظر حول العديد من
القضايا، وهذه النقاشات عادية وطبيعية في
حزبنا، وقد جرت نقاشات مشابهة أيضًا في
المؤتمرين الرابع والخامس.
ولكن ما حصل من لغط وتسريبات حول المؤتمر
السادس مرده إلى أنه كان ثمة من يتربص
بالحزب من خارجه، وعلى وجه الخصوص "تلك
المجموعة التي تمردت على قرارات الحزب في
منظمتنا في أوروبا منذ نيسان/ أبريل 2008
واضطر الحزب إلى اتخاذ قرارات الطرد
بحقهم، حيث كانوا ينتظرون أن يلحق بهم بعض
قيادات الحزب لشرعنة تمردهم، وقد تمكن
هؤلاء للأسف الحصول على بعض المعلومات
أغلبها مشوهة من الداخل من بعض الرفاق عن
المؤتمر، أثاروا من خلالها تلك الزوبعة
الإنترنتية، أعتقد كان من نتائجها
المباشرة وتداعياتها اعتقال عدد من قيادات
الحزب".
*
حزب
يكيتي الكردي هو نتاج انشقاقات متتالية،
مثله مثل كل الأحزاب الكردية، وكل حزب
جديد، الذي يكون نتاج انشقاق، يعمل في
خلال السنوات الأولى بدأب ونشاط وينتقد
عموم ممارسات وبرامج الحركة ويحاول أن
يكون متميزًا، وقد يقوم ببعض النشاط
السياسي المميز، ولكنه سرعان مايعود إلى
حضن الحركة بعد أن يتم الاعتراف به كرقم
مضاف إلى الأرقام الموجودة، ما الذي يتميز
يكيتي الكردي عن غيره في هذا الجانب
وخصوصًا بعد أن دخل في ائتلاف سياسي كردي
موسع مع الأحزاب نفسها التي كان يكيتي
ينتقدها من حيث الممارسة النضالية ومن حيث
الرؤية البرنامجية؟
- لم يكن تأسيس حزب يكيتي نتيجة حالة
انشقاقية بل العكس فقد ولد حزب يكيتي 1993
من حالة وحدوية ردًّا على حالة التشرذم
بين ثلاثة أحزاب كردية ووفق برنامج سياسي
واضح وعملي. ولقد قام الحزب بأعمال مميزة
متعددة حتى قبل مؤتمره الأول (توزيع
الملصق في تشرين الأول 1992) إلا انه
سرعان ما دب الخلاف السياسي بين تيارين
فيها بعد المؤتمر الثاني 1995.
تيار سعى إلى التراجع عن نهجه وسياسته بعد
إن وجد أن الاستمرار فيه بات مكلفًا بعد
موجة الاعتقالات التي طالت قيادات وكوادر
وأنصار الحزب، وتيار كان يرفض التراجع
ويدافع عن صوابية نهج يكيتي واستمراريته،
وقد أصبح واضحًا للجميع اليوم بأن التيار
الذي انحرف على نهج الحزب التحق سياسيًا
مع التيار اليميني وهو الوحيد المتحالف
معه حتى اليوم، ولم يعد الموضوع بحاجة إلى
نقاش حيث شكل هذا التيار مع اليمين الكردي
تحالفًا سياسيًّا تحت اسم (المجلس العام
للتحالف) بينما استمرينا نحن على النهج
التأسيسي نفسه ولم نتزحزح عنه، بل رفعنا
من وتيرة عملنا في 2002 -2003 وحتى اليوم،
مع إبقائنا الباب مفتوحًا لبناء تحالف
سياسي عريض لجمع معظم الأحزاب الكردية وفق
رؤية سياسية مشتركة، وترك الحرية في الوقت
ذاته لكل حزب للعمل بمفرده إذا لم يتم
الإجماع على موقف موحد. وقد تحقق ذلك من
خلال تحالفنا مع ثمانية أحزاب كردية في
نهاية (2009) وهذا التحالف عزّز من نهج
يكيتي وتمدده ولا يعبر بأي حال من الأحوال
عن تراجعه.
*
يتفرد
حزب يكيتي الكردي بتداول منصب السكرتير
حيث بعد كل مؤتمر يتم انتخاب سكرتير جديد
وهذه ميزة لا نجد مثيلاً لها في عموم
الحركة الكردية والسورية، هل تقيمون هذا
التداول بشكل إيجابي أم أن فترة 3 سنوات
غير كافية من أن يقوم سكرتير الحزب بتنفيذ
مشاريعه؟
- تداول منصب السكرتارية حالة ايجابية
متطورة في الحياة الداخلية للحزب، ونجد
اليوم ثلاث رفاق يشغلون اليوم عضوية
المكتب السياسي للحزب شغلوا سابقًا منصب
السكرتير. ولكني اتفق معك أن فترة الثلاث
سنوات غير كافية لهذا المنصب، وهناك آراء
عديدة داخل الحزب وأنا واحد منهم تطالب
بتعديل هذه المادة في النظام الداخلي بحيث
يفسح المجال أمام السكرتير للترشح لدورتين
على الأقل... أما بالنسبة إلى الشق الثاني
لسؤالك فانه كلمة حق يراد به باطل، فلماذا
لا يقولون هؤلاء بأن يعمم هذا الكلام على
كل أعضاء القيادة في الداخل والخارج؟
ولماذا تتم الإشارة إلى شخص بعينه؟ فهناك
العديد من قيادة الحزب اليوم ممن يشغلون
موقع القيادة منذ أكثر من 30 عامًا، بينما
الشخص المقصود من تلك الإشارة يعتبر من
الشخصيات القيادية المؤهلة سياسيًّا
وثقافيًّا واجتماعيًّا ومحل فخر حزبنا
وشعبنا أن يكون مثل هذا الشخص في مثل هذا
الموقع. ولن نرد على هؤلاء المغرضين
والمتسلقين على الحياة السياسية وهم أنصاف
أميين و يمثلون نماذج لمأساة الحركة
الكردية وبؤسها.
*
قبل
المؤتمر الأخير كنتم تتسلمون مهام سكرتير
الحزب، كيف تقيمون المرحلة السابقة أثناء
ممارستكم لمهمة قيادة الحزب؟ ما هي
الانجازات التي تمكنتم من تحقيقها؟
- منصب السكرتير في حزبنا منصب إداري
وصلاحياته لا تتعدى صلاحيات أعضاء اللجنة
السياسية وما يقوم به السكرتير واللجنة
السياسية هو تنفيذ لما تقرره اللجنة
المركزية، ومن الخطأ ربط المرحلة
وانجازاتها أو إخفاقاتها بشخص السكرتير.
أما إذا كنت تتحدث عن إنجازات الحزب في
المرحلة المنصرمة أستطيع أن أؤكد أن حزبنا
استطاع أن يقدم أداءً فعالاً نسبيًّا في
مواجهة السياسة الشوفينية وأن يصمد أمام
القمع، على الرغم من تبدل الظروف
والمعطيات، ونجح بالتعاون مع الأحزاب
الأخرى من انجاز عملية تموضع سياسية جديدة
للحركة الكردية من خلال إنجاز المجلس
السياسي الكردي، الذي يضم معظم الأحزاب
الكردية، وتخلص من الشوائب التي كانت
تعرقل أداءه وخصوصًا في أوروبا لفترة
طويلة، وامتد نفوذ الحزب أفقيًا بين
الجماهير في الداخل، وفي الخارج والى
كردستان العراق ولبنان، كما تمكن من تطوير
الاداء الإعلامي نسبيًا من حيث تعدد
إصداراته باللغتين الكردية والعربية إضافة
إلى الإعلام الكتروني عبر شبكة الانترنت،
ومهد الأرضية لنقلة إعلامية نوعية سيكشف
عنها في المرحلة القريبة المقبلة.
*
هناك
حالة من التشرذم داخل منظمات الحزب في
أوروبا وصلت إلى حدود تبادل الاتهامات بين
الأعضاء كيف تنظر إليها؟
- لا توجد أي حالة تشرذم داخل منظمات
حزبنا في أوروبا ووضع الحزب هناك في أفضل
حالاته وقد ذكرت لك في جوابي السابق أن
تلك المجموعة المتمردة على قرارات الحزب
قد اتخذ الحزب الإجراءات المناسبة بحقهم
وفق الأصول التنظيمية. والمؤسف حقًا وأنت
موجود في أوروبا وتعرف منظمات الحزب جيدًا
وتعرف هؤلاء الأشخاص أيضًا وتطرح علي مثل
هذا السؤال.
*
هناك
توجهات من بعض الأطراف السياسية في أوروبا
لتفضيل هيئة العمل المشترك في ألمانيا على
سبيل المثال على تأسيس المجلس السياسي في
أوروبا ما هي رسالتكم إليهم بهذا الخصوص؟
- نحن في أحزاب المجلس السياسي لسنا ضد
العمل النضالي المشترك سواء مع الأحزاب
الكردية أو الأحزاب العربية، ولكن في
الوقت نفسه نعطي الأولوية لاتفاق منظمات
المجلس السياسي قبل التعامل مع أي قوة
سياسية خارج المجلس السياسي، وقد اتخذ
قيادة المجلس السياسي في الداخل قرار
بتشكيل فرع المجلس السياسي في أوروبا
وأرسل القرار وأسماء الرفاق المعنيين
بتشكيل المجلس ومن المتوقع أن تجتمع لجنة
المجلس السياسي في أوروبا قريبا وتبدأ
بجدولة عملها وفق ما هو متفق عليه في
الرؤية السياسية للمجلس ونظامه الداخلي
وعندها ستختفي كل هذه الإشكالات التي
نجدها اليوم في منظمات المجلس في أوروبا.
*
كيف تقيم
العلاقات بين حزب يكيتي الكردي من جهة
والأحزاب الكردية من جهة أخرى مع مختلف
أطراف المعارضة السورية ومنها إعلان دمشق
على وجه الخصوص؟ وهل هناك توجه نحو تنسيق
أكبر بين الأحزاب الكردية والمعارضة؟
- لدى حزب يكيتي والمجلس السياسي أيضًا
استعداد كامل للعمل المشترك مع كافة القوى
السياسية في الداخل وقد شكلنا
وفودًا متعددة من الأمانة العامة للمجلس
السياسي أجرت لقاءات مع الأحزاب السياسية
السورية جميعها وابدي المجلس استعداده
للعمل المشترك في ما يتعلق بكل القضايا
الوطنية السورية ذات الاهتمام المشترك.
|