تكتسب
الزيارة المتوقعة قريبا للرئيس السوري
بشار الاسد للبنان اهمية تتعدى الطابع
الملح الذي فرضته التطورات الاخيرة على
اثر مواقف الامين العام لـ"حزب الله"
السيد حسن نصرالله من المحكمة الدولية.
وذلك لما يمكن ان تحمله من رسائل، علما ان
طابع الزيارة قد يختلف اذا زار الرئيس
الاسد لبنان بمفرده او زاره مع العاهل
السعودي كما يتردد. فالمرحلة الحالية هي
غير التي زار فيها الاسد لبنان وهي مرحلة
تأسيسية لعلاقات بين البلدين مختلفة عن
السابق ويتطلع اللبنانيون الى ترجمة هذا
الاختلاف عن المرحلة السابقة في العناوين
التي سيتحدث بها الرئيس السوري. ذلك ان ما
يشهده لبنان على صعيد العلاقات الجديدة مع
سوريا لم تشهده العلاقات اللبنانية
السورية من قبل من حيث عدم العداء بين اي
فريق لبناني وسوريا اقله ظاهرا في حين ان
الثقة والاطمئنان يحتاجان الى وقت اطول
بكثير مما مر حتى الآن على اعادة بناء
العلاقات بين البلدين قبل اشهر قليلة.
ويطمح اللبنانيون الى ان يسمعوا من الرئيس
السوري خطابا مختلفا لعله يقارب ذلك الذي
القاه قبل عشر سنين تماما لدى تسلمه
السلطة وكان خطابه نوعيا من حيث اثارة
امال كبيرة في امكان اقامة علاقات مختلفة
تكسبه ليس فقط علاقات ودية وثيقة بين
البلدين بل ثقة اللبنانيين واطمئنانهم الى
سوريا.
فالزيارة سواء جاءت فردية ام مع العاهل
السعودي تشكل ردا معقولا على الزيارات
التي قام بها المسؤولون اللبنانيون حتى
الآن لسوريا في الاشهر الاخيرة وتجعل
العلاقات بين البلدين متوازنة مع ان
زيارات المسؤولين السوريين لن توازي في اي
حال زيارات المسؤولين اللبنانيين لدمشق.
لكنها خطوة ستجد ترحيبا لها وصدى ايجابيا
وخصوصا في لبنان كما في دول غربية عدة تود
ان ترى تطورا جديا ومعقولا في مستوى
العلاقات القائمة على مبدأ من دولة الى
دولة، فهل تكون الزيارة رسالة بهذا المعنى
بالنسبة الى هؤلاء جميعا وهل هذا ما
ستحمله ام انها ستكون مناسبة يمكن لحلفاء
سوريا توظيفها لمصالحهم السياسية وفق منطق
السعي الى تغليب وجهة نظر فريق سياسي على
اخر او محاسبة فريق آخر على سياسة الخلاف
التي قامت بين لبنان وسوريا في الاعوام
الخمسة الماضية. فتكون بذلك زيارة جديدة
بعناوين قديمة في منطق التحزب لفريق وليس
علاقة بين دولتين؟
في ظل تضارب المعلومات عن زيارة الاسد
التي اعلن عنها ثم استبعدت لتعود فتتقدم
زيارة اعلن عنها للملك السعودي الملك
عبدالله بن عبد العزيز، وفي ظل التشنج
الذي يسود الداخل اللبناني على اثر مواقف
الامين العام لـ"حزب الله" من المحكمة
الدولية والردود عليه، خيل للبعض ان سباقا
لتعزيز الاوراق وتثبيت المواقع يحصل
بالنسبة الى لبنان كما بالنسبة الى
المنطقة. وهذا السباق هو لاظهار الارجحية
السياسية في الواقع الداخلي اللبناني
وخصوصا ان هذه الفكرة حضرت بقوة لدى تسريب
خبر زيارة كل من الرئيس الايراني احمدي
نجاد والرئيس السوري للبنان قبل بدء شهر
رمضان. فالشق الداخلي يحتل اولوية في
الرسالة التي تشكلها الزيارة كما الشق
الاقليمي في اتجاهات متعددة. وعلى رغم ان
التهديدات الاسرائيلية للبنان قد تشكل
عاملا اضافيا بالنسبة الى البعض، فان
الزيارة لا يمكن ادراجها في هذا السياق
وفق مصادر معنية كون الرئيس السوري تبلغ
كما المسؤولون اللبنانيون عبر الاتصالات
الدولية ان لا خطر داهما من اعتداء
اسرائيلي قريب على لبنان ولا حتى بالنسبة
الى تصعيد الوضع عبر الجنوب اللبناني. وان
في بال اسرائيل في الوقت الحاضر ملفين
اساسيين فقط احدهما هو الفلسطينيون وسبل
تخفيف وطأة هذا الامر وتطوراته على
المسؤولين الاسرائيليين والآخر ايران في
ملفها النووي في حين لا يدخل لبنان في
جدول اعمال الاسرائيليين اقله حاليا على
رغم كل التهديدات والتحريض الذي يمارسه
المسؤولون الاسرائيليون. وكان آخر هذه
المواقف تلك التي ادلى بها وزير الدفاع
الاسرائيلي ايهود باراك استباقا لانتقادات
قد يسمعها في نيويورك وواشنطن بسبب اعتداء
اسرائيل على "اسطول الحرية" وحصار غزة.
وثمة تساؤلات اذا كان لموضوع المحكمة
الدولية ومشكلة "حزب الله" معها صلة
بالتعجيل في موعد الزيارة وترجيح تزامنها
مع زيارة الملك السعودي. كما ان هناك
تساؤلا اذا كان الاسد سيسعى ضمنا الى مخرج
لازمة المحكمة التي يجدها "حزب الله"
تحديا مصيريا له على ان يبلغ ذلك الى
الملك السعودي على ان يتبلور هذا المخرج
اثناء زيارة الاخير للبنان. ومثار
التساؤلات هو تسريبات عن مساعٍ سعودية
لتأجيل القرار الاتهامي للمحكمة الدولية
مع ان مصادر معنية قللت اهميتها ورأت انها
تعبر عن تمنيات اكثر منها عن واقع حقيقي.
فهل هذا ما سيحصل بالاعلان عن نزع فتيل
الخلافات الداخلية وهز الاستقرار بحيث
تباع التهدئة لسوريا اولا ثم للمملكة
السعودية على ما جرى بالنسبة الى التوافق
حول الحكومة؟ |