تشير أوساط عربية واسعة الإطلاع من دول
الاعتدال لـ "الديار" بإنه وعلى الرغم من
تسليم حزب الله ما ادلى به امينه العام
السيد حسن نصر الله من قرائن ومعطيات حول
جريمة إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري
إلى مدعي عام المحكمة التميزية سعيد ميرزا
الذي بدوره قام بتسليمها إلى المدعي العام
الدولي دانيال بلمار، إلا إن تشكيك و رفض
حزب الله المطلق للقرار الظني ما زال
قائماً... ليس هذا وحسب بل إن القوى
السياسية المعنية في لبنان وخارجه باتت
على يقين بإن مواقف حزب الله المعلنة
والمتدرجة صعوداً لا تهدف فقط إلى مجرد
الضغط لإبطال وتعطيل مفاعيل القرار الظني
للمحكمة الدولية الذي وبحسب التسريبات
المتعددة المصادر سيتهم عناصر من حزب الله
بالمسؤولية عن جريمة اغتيال الحريري. بل
إن الهدف الواضح والثابت لهذه المواقف هو
بالغاء هذه المحكمة الدولية ومفاعيلها
والمعاهدة القائمة في شأنها.. وهذا ما
يؤكد على إن الأزمة الراهنة في لبنان
ستبقى مستمرة وستتدرج رويداً رويداً نحو
المزيد من التصعيد من الآن وحتى الربيع
القادم موعد تجديد الحكومة لتعهداتها
والتزاماتها المالية تجاه المحكمة الدولية
الخاصة بلبنان، وموعد صدور القرار الظني
المرتفب الذي بات بحكم المرجل من الخريف
إلى ربيع عام 2011 بحسب أكثر من مصدر
دبلوماسي مطلع.
وعبرت هذه الأوساط عن خشيتها الكبيرة من
أن يكون الهدف غير المعلن لحزب الله من
وراء هذا التصعيد المنهجي والمنتظم ليس
فقط تعطيل المحكمة الدولية التي في الواقع
و في الحسابات الموضوعية والدقيقة
والاستراتجية لا يخشى منها ولا من قرارها
الظني تنظيم عقائدي ومنظم ومسلح كحزب الله...
بل الوصول إلى مواجهة يريدها حزب الله مع
رئيس الحكومة سعد الحريري ومع ما تبقى من
قوى 14 آذار لتوفير المناخ الذي يسمح
للحزب من شن حملة للسيطرة السياسية لإحكام
القبضة على كافة المؤسسات الدستورية ليصبح
شعار المقاومة والدولة متلازمان، لأن
الحزب يدرك جيداً بأن المواجهة الجديدة مع
اسرائيل قادمة لا محالة، وبالتالي يمتلك
قوة وقدرة على إحباط و إفشال أي عدوان
اسرائيلي واسع وكبير محتمل على لبنان.
وترى الأوساط بأنه في هذه الحالة تكون
اسرائيل أمام المجتمع الدولي والعربي لا
تشن عدوانها على حزب الله وحسب بل على
الدولة اللبنانية ذات السيادة. وبالتالي
القضاء على حزب الله من قبل العدو في هذه
الحالة سوف يتطلب من جيشه التمدد واحتلال
مساحات كبيرة من الأراضي اللبنانية لفترة
ليست قصيرة لقلب المعادلة السياسية في
لبنان، وهذا ما سيؤدي إلى شد ومضاعفة جهود
وطاقات قوى الممانعة في لبنان والمنطقة
التي ستتصدى للمشروع الإسرائلي لإسقاط اي
اتفاق 17 آيار جديد في لبنان وفي مقدمتهم
سوريا... كما إن التمدد الإسرائيلي في
العمق اللبناني لفترة طويلة سوف يمكن
فصائل المقاومة من انزال خسائر بشرية
ومادية أكبر في جيش العدو الأمر الذي
سيفاقم من أزمته ويفتح الابواب أمام
أمكانية حدوث هزيمة نكراء جديدة لإسرائيل
تتجاوز بأضعاف نتائج وتداعيات حرب تموز
2006.
وتلفت الأوساط العربية من دول الاعتدال
بإنه ضمن هذا السيناريو سيكون وضع حزب
الله في البلد مشابهاً لوضع حركة حماس قبل
العدوان الإسرائيلي الكبير لقطاع غزة حيث
خاضت حركة حماس تلك المواجهة ليس كفصيل من
فصائل المقاومة الفلسطينية وحسب بل أيضاً
كسلطة أمر واقع تملك زمام القرار الرسمي
المطلق في كافة المؤسسات الدستورية
والأمنية والسياسية الموجودة في قطاع غزة
وهذا ما ساهم إلى حد كبير في احباط وافشال
العدوان الإسرائيلي عسكرياً وسياسياً على
غزة بالرغم من كل الإجرائم التي ارتكبتها
اسرائيل بحق المدنيين وبالرغم من الفرق
الواسع والشاسع في الإمكانات والعتاد
والسلاح بين جيش العدو وحركة حماس .
وتعتبر الأوساط بإنه لا يختلف اثنان بإن
مسار التهدئة الرمضانية إلى حدٍ ما قد
يخفف من تسارع وتيرة التصعيد لا سيما إن
هذه التهدئة تأتي التزاماً بالأجواء
الإيجابية التي فرضتها القمة الثلاثية بين
الرئيس السوري بشار الأسد والملك السعودي
عبد الله بن عبد العزيز والرئيس اللبناني
ميشال سليمان مؤخراً إلى بيروت...
وبالتالي فإن مفاعيل هذه القمة انعكس على
الخطاب السياسي الذي يأتي تحت سقف المسعى
السعودي - السوري لمنع تفاقم الأمور بسرعة
نحو الأسوا في ظل انتظار ما سوف تقود إليه
المساعي التي يقودها خادم الحرمين
الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز مع
المجتمع الدولي وعلى رأسهم فرنسا
والولايات المتحدة الأميركية في محاولة
لإبعاد وتأخير صدور القرار الظني الذي
وبحسب التسريبات المشبوهة عن بعض الدوائر
الغربية والصهيونية سوف يتهم عناصر قيادية
من حزب الله بالقيام بتنفيذ عملية اغتيال
الرئيس الشهيد رفيق الحريري في 14 شباط
2005.
وتؤكد الأوساط نقلاً عن مصادر موثوقة «بإن
هناك قوى داخلية يمكن وصف موقعها الجديد
في المعادلة اللبنانية بالوسط، تسعى
وبمباركة عربية لإبقاء القنوات مفتوحة بين
كافة القوى الأساسية لمنع أي تصعد
ولمواجهة التحريض الذي تحاول بعض القوى
المحلية الدفع باتجاهه لإحراج كل من رئيس
الحكومة سعد الحريري والأمين العام لحزب
الله السيد حسن نصرالله من خلال إثارة
التكهنات والتحليلات والاجتهادات السلبية
حول نوايا ومواقف كل منهما... خصوصاً إن
المظلة العربية الراعية لحماية أمن
واستقرار لبنان تدرك جيداً في ظل تسارع
التطورات و المتغيرات الداخلية والخارجية
بإن التهدئة المصطنعة و الهشة الحالية لا
يمكن أن تصمد طويلاً وهي لا تكفي وحدها
لحماية البلاد من المخاطر المحدقة، بل إن
الأمر يتطلب مبادرات تؤدي إلى الخروج
بتسوية قد تتطلب تضحيات متبادلة من الجميع
لا سيما ولي الدم و رئيس الحكومة سعد
الحريري»... |