استطاعت عبر رحلتها التي استغرقت ما
يزيد على ربع قرن من الزمن أن تفتح آفاقاً
جديدة أمام المرأة من خلال حمل همومها
ومساندة قضاياها الاجتماعية فعلى الرغم من
عملها في مجال التربية بعد حصولها على
أهلية التعليم الابتدائي منذ عام 1961
دفعها طموحها الكبير إلى دراسة الحقوق في
جامعة حلب وتتخرج بإجازة في القانون عام
1967 وهي طالبة في السنة الأولى بكلية
الآداب جامعة دمشق قسم الجغرافيا الذي
تخرجت منه عام 1971.
أكثر من 25 عاما قضتها صبيحة جلب في سلك
القضاء كانت فيها خير ممثلة للمرأة حيث
نذرت حياتها لأجل القضاء والعدالة ولم
يثنها عن قصدها عدم تقبل الوسط المحيط بها
لفكرة أن تمتهن المرأة المحاماة بل زادها
إصرارا على شق طريقها في زحام المشاكل
والصعوبات.
وتكلل اهتمامها وإخلاصها لعملها لتكون محط
ثقة الهيئة القضائية التي قدرت جهودها
وقامت بتعيينها في منصب رئيسة استئناف
مدني بادلب وعضوا في محكمة النقض بدمشق.
"إن طريقي في العمل القضائي لم يكن مفروشاً
بالورد والرياحين وأول جدار اصطدمت به كان
رفض والدي لممارستي لمهنة المحاماة
وإصراره أن أبقى في مجال التعليم كونه
الأنسب لي كامرأة" هذا ما تقوله جلب عن
مسيرة دخولها للعمل القضائي وتضيف جلب
التي شاركت في تأسيس الاتحاد النسائي عام
1968 إن " مازاد الطين بلة هو رفض نقابة
محامي إدلب قبول عضويتي لذات السبب في ذلك
الوقت.
وتشير جلب المولودة عام 1941 إلى أن بوادر
تحقيق حلمها بدخول عالم القضاء بدأت
بالظهور لاسيما بعد أن انفتحت الآفاق
أمامها عام 1970 من خلال النقلة النوعية
التي حققتها المرأة السورية في تلك
الأثناء بعد الحركة التصحيحية التي أولت
المرأة اهتماماً كبيراً ومكنتها من شق
الطريق لتأخذ مكانها الطبيعي بجانب الرجل
وكانت وقتها تمتهن التدريس في احدى
ثانويات إدلب.
وتوضح جلب أن رحلتها في دخول سلك القضاء
بدأت عندما تقدمت لمسابقة في القضاء عام
1978 مبينة أن دافعها لدخول هذا السلك هو
تسريع دخول المرأة في مجالات الحياة كافة
وإنصافها ولتكون أكثر اقتراباً ومعايشة
لهمومها كون القضاء يشكل ميداناً واسعاً
لرؤية كافة قضايا المجتمع بوضوح وخاصة
قضايا وهموم المرأة.
وتابعت أول قاضية في إدلب أنه بعد تعيينها
عام 1974 رئيسة لفرع الاتحاد النسائي
بالمحافظة بات الطموح مشروعاً وخاصة بعد
تسمية المرأة في الوزارات ومجلس الشعب
والقضاء.
وتلفت جلب إلى أنها أسهمت بكشف خيوط عدد
كبير من الجرائم المركبة من خلال عملها في
النيابة العامة والجرائم المشهودة إضافة
إلى إسهامها بتطوير القانون المتعلق
بقضايا الحدود وذلك عندما لاقت اجتهاداتها
الخاصة بهذا القانون الصدى المناسب لدى
وزارة العدل حين اعتبرت أن الترخيص
الإداري هو عمل روتيني إداري لايتعلق بذات
الحق وانما يتصل باجراءات ادارية يمكن
تداركها لاحقاً ويحتاج إلى وقت طويل يمتد
لسنوات عدة وبالتالي قد يضيع حق الاثبات
بوفاة البائع فكانت هذه الاجتهادات هي
الدافع لإجراء دراسة على القانون المذكور
انتهت بتعديله بان يكون الترخيص الإداري
لاحقاً لا يؤثر في ثبوت الحق وعدمه ويبقى
القرار صحيحاً ونافذ المفعول بعدما كان
يعتبر كل قرار ملكية صادر دون ترخيص حدود
هو قرار لاغ.
وتشير جلب إلى مساهمتها في تأسيس جمعيتي
تنظيم الأسرة ورعاية المصابين بالشلل
الدماغي بإدلب وشاركت في نشاطاتها من خلال
تنظيم الفعاليات والنشاطات والمحاضرات
التي كانت تلقيها واللقاءات التي تنظمها
مع امهات المصابين بالشلل الدماغي لتامين
المعالجة الفيزيائية لاطفالهن مجاناً
إضافة إلى مشاركتها في عدة مؤتمرات للمرأة
في دول عربية منها لبنان ومصر والأردن.
وعن أهمية وجودها كامرأة في سلك القضاء
بمحافظة ادلب أوضحت أنها وبمشاركة
المثقفات والمتعلمات ساعدن في تعبيد
الطريق أمام المرأة في المحافظة لممارسة
مهنة المحاماة ودخول بعضهن سلك القضاء حتى
بلغ عددهن في المحافظة حاليا 6 قاضيات
أعطين الثقة الكافية للمرأة لمتابعة
قضاياها بذاتها وكسرن الضغط الاجتماعي
الكبير الذي كان يحاصرها وفتحن آفاقاً
واسعة للمرأة المتقاضية وغير المتعلمة
للسؤال عن حقوقها والدفاع عنها.
وعن حصادها من رحلة القضاء الطويلة عبرت
جلب عن سعادتها بممارسة المهنة ومحبتها
العميقة لها لكونها أكسبتها ثقة ومحبة
الآخرين ليس من النساء فقط بل من الرجال
أيضا الذين دافعت عن حقوقهم مشيرة الى أن
العدالة كانت محوراً مهماً في حياتها
العادية والمهنية موجهة النصح للمرأة
بتولي منصب القضاء لأنه الأقرب الى روحها.
صبيحة جلب من القاضيات المميزات بالنشاط
والعمل الميداني والمهني الذي يطغى على كل
اعتبار في شخصيتها" هذا ما يقوله المحامي
العام بالقصر العدلي بادلب محمد حسن باكير
الذي يضيف "انها اثبتت من خلال إخلاصها
لعملها وكفاءتها قدرة المراة على العمل في
مختلف المجالات مضيفاً أن خبرتها العملية
العالية أهلتها لتكون مرجعا في الكثير من
القضايا المدنية والجزائية وأنها لم تبخل
قط بالمساعدة على زملائها.
ولا تزال المحامية والقاضية حاليا في
محكمة الاستئناف المدني بادلب ايمان شحود
تحتفظ بذاكرتها بصورة صبيحة جلب اثناء
لقاء تلفزيوني وكانت شحود وقتها في الصف
التاسع حين شدها المشهد وترك لديها أثراً
كبيراً لدخول كلية الحقوق لتكون قاضية
تسير على خطاها في المستقبل فجلب على حد
تعبير شحود مثال للمراة المكافحة في كل
المجالات وتشكل مرجعا استشاريا للمحامين
والقضاة في كثير من الأمور القضائية
وتتميز بمهنيتها العالية وتوفيقها للعمل
بالمجالين الاجتماعي والقضائي ونجاحها في
كليهما. |