أخبار الوطن الرئيسية

27/08/2011

 

علي فرزات ومحنة الفنانين السوريين

رأي القدس

 

بينما تتحدث السلطات السورية عن اصدار قانون جديد للاعلام يضمن حرية التعبير، ويوفر الحماية للرأي الآخر، تعرض الفنان السوري علي فرزات لعملية خطف واعتداء من قبل مجموعة من البلطجية محسوبة على النظام.
عملية الخطف تمت في ساحة الامويين اي في قلب العاصمة السورية دمشق، ومن قبل ملثمين كانوا يستقلون سيارة، عندما كان عائداً من مكتبه في طريقه الى منزله فجر يوم الخميس.
وزارة الداخلية السورية قالت انها ستفتح تحقيقاً في الجريمة للتعرف على هوية الجناة وتقديمهم الى العدالة، ولكن من المشكوك فيه ان تحول هذه الاقوال الى افعال، ومن غير المستبعد ان يتم اغلاق الملف وتوجيه الاتهام الى شخص مجهول تماماً مثلما حدث في قضايا عديدة مماثلة تعرض لها مواطنون على ايدي قوات الامن او جماعات البلطجة.
لا يمكن ان نصدق ان قوات الامن السورية التي هي في حال استنفار كامل هذه الايام لم تكن على علم، او حتى لم ترصد عملية الاعتداء هذه وفي ساحة في قلب العاصمة، وفي مثل هذه الساعة المتأخرة من الليل.
الرجل لم يدع يوماً انه من المعارضة، ولم يظهر اي رغبة في القيام بأي دور سياسي، ولم يحمل اي سلاح في حياته، باستثناء ريشته الماضية في انتقاد كل اوجه الفساد وانتهاك الحريات وحقوق الانسان ليس في سورية وحدها وانما في جميع انحاء الدول العربية والعالم.
ان الاعتداء على فنان في قامة وحجم الزميل علي فرزات يؤكد شكوكنا بان جميع الاحاديث عن الاصلاح في سورية هي مجرد وعود فارغة من اي مضمون، ولذر الرماد في العيون لا اكثر ولا اقل.
من يريد الاصلاح فعلاً، وفي ميادين الاصلاح على وجه الخصوص، يقدم مثلاً على اطلاق الحريات، واحترام الرأي الآخر، وتحرير الاعلام السوري الرسمي منه (لا يوجد اعلام خاص) من كل قيود الرقابة الذاتية والرسمية المفروضة بعقلية الحرب الباردة.
فالدولة التي لا تستطيع ان تتحمل رسماً كارتونياً لفنان مبدع معروف عالمياً بانتقاده الجميع دون استثناء اذا ما انتهكوا الحريات الانسانية، فكيف يمكن ان تتحمل تعددية حزبية ونظاما قضائيا مستقلا، وفصلا كاملا بين السلطات، وقضاء عادلا مستقلا، ومحاسبة دقيقة في اطار شفافية عالية؟
الفنانون في سورية يواجهون هذه الايام ظروفاً صعبة للغاية، فأي فنان يعبر عن رأي مخالف لرأي السلطات يتعرض للتشهير ونهش الاعراض والتهميش الكامل، وقطع لقمة العيش، هذا اذا لم يتعرض للخطف والاعتداء مثلما حدث للزميل فرزات.
والأخطر من ذلك ان الحياد ممنوع، فلا بديل عن دعم النظام وكل عمليات القتل التي تمارسها قواته الامنية، وهذا امر يهز الثقة في اي وعود للنظام بالاصلاح ان لم يكن يقتلها.
نتضامن بالكامل مع الزميل فرزات وكل رجال الاعلام الآخرين الذين يتعرضون للاعتداء من قبل البلطجية وشبيحة النظام.

المصدر:صحيفة القدس العربي  -    أية اعادة نشر من دون ذكر المصدر تسبب ملاحقه قانونيه

الرئيسية

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن موقف المرصد السوري