أخبار الوطن الرئيسية

28/11/2011

 

سورية: تعريب الازمة تمهيدا لتدويلها

راي القدس العربي

 

اتخذت الجامعة العربية مجموعة من القرارات تفرض عقوبات اقتصادية على سورية، تتضمن منع سفر كبار الشخصيات والمسؤولين السوريين الى الدول العربية وتجميد ارصدتهم ووقف التعامل مع المصرف المركزي السوري ووقف جميع المبادلات التجارية الحكومية باستثناء السلع الاستراتيجية التي تؤثر على الشعب.
هذه العقوبات هي سابقة في العمل العربي المشترك، وهي الاولى من نوعها، فقد جرت العادة، مثلما كان عليه الحال بشأن النظام العراقي السابق، ان يتم تطبيق مثل هذه العقوبات بتحريض امريكي، ومن خلال قرارات دولية، او احادية الجانب، اي امريكية واوروبية.
وزراء الخارجية العرب اتخذوا القرارات هذه احتجاجا على رفض النظام السوري توقيع بروتوكول يقضي بارسال 500 مراقب عربي للتأكد من وقف اعمال القتل في حق المدنيين. ومن غير المستغرب ان يتم فرض عقوبات اشد في الاسابيع المقبلة، مثل حظر الطيران المدني من سورية واليها.
هناك امران لفتا الانظار اثناء اجتماع امس لوزراء الخارجية، واجتماع امس الاول الذي سبقه وشارك فيه وزراء الاقتصاد والمال العرب لوضع هذه العقوبات، الاول مشاركة وزراء اتراك في الاجتماعين، والثاني ان 19 دولة وافقت على فرض هذه العقوبات من مجموع 22 دولة، واقتصرت المعارضة فقط على العراق ولبنان.
المشاركة التركية تعني قيام تنسيق عربي ـ تركي كامل ضد النظام في سورية، واعتراض دولتين على العقوبات يكشف مدى عزلة هذا النظام عربيا، بحيث بات بلا اصدقاء تقريبا، الامر الذي يجب ان يدفعه، اي النظام السوري، الى مراجعة السياسات التي اوصلته الى حالة العزلة هذه. فقد كان غريبا ان تصوت دول صديقة مثل الجزائر والسودان وموريتانيا لصالح هذه العقوبات، وهي دول كانت دائما قريبة من دمشق.
معارضة لبنان مفهومة، وتحفظ العراق متوقع، فالحكومة اللبنانية تمثل بلدا منقسما، وتأييد العقوبات قد يعمق هذا الانقسام، والحال نفسه قد يقال عن العراق ايضا، حيث تتباين الآراء حول هذه المسألة وفقا للانتماءات الطائفية.
السؤال هو حول مدى تأثير هذه العقوبات على النظام، ومن ثم الشعب السوري، ويمكن القول ان تأثر النظام سيكون محدودا، وسيكون الشعب هو المتضرر الاكبر، بطريقة او باخرى، رغم حرص وزراء الخارجية العرب على ان لا يلحق اي ضرر بالشعب.
العقوبات التي فرضتها الامم المتحدة على العراق كانت محدودة التأثير على النظام، الذي استطاع البقاء في ظلها لحوالى 13 عاما، ولم تتم الاطاحة به الا من خلال الغزو العسكري ومن ثم الاحتلال، فهل يتكرر الشيء نفسه في سورية، وهل سيتم الانتظار كل هذه الفترة او نصفها قبل حدوث التدخل العسكري الخارجي؟
من الصعب الاجابة على هذه الاسئلة، ولكن ما يمكن قوله ان سورية تملك فائضا لسلعتين اساسيتين تستطيع من خلال توفرهما مقاومة العقوبات الاقتصادية، الاولى المحصول الغذائي من القمح، والثانية النفط، والاهم من ذلك انها تملك حدودا مفتوحة مع دولتين عارضتا عقوبات الجامعة العربية وهما العراق ولبنان.
قرارات وزراء الخارجية العرب ستضيف اعباء جديدة على كاهل النظام السوري، بالاضافة الى اعباء اخرى لا تقل خطورة، مثل التمرد المسلح، وبدايات الحرب الاهلية، والعزلة الدولية، ولكن من غير المتوقع ان تؤدي الى اطاحة النظام في المستقبل المنظور مثلما يأمل واضعوها. ولكن يجب الاخذ في الاعتبار ان مثل هذه العقوبات تأتي دائما مقدمة لتدخل عسكري خارجي، وهو اذا حدث قد يكون غير محمود العواقب، بسبب معارضته من قطاع من الشعب السوري، وبعض مجموعات المعارضة السورية، والداخلية منها على وجه الخصوص.
الازمة السورية، وباختصار شديد، دخلت مرحلة 'التعريب' كمقدمة للانتقال الى مرحلة 'التدويل'، وعلينا ان نتوقع مفاجآت كثيرة في الايام والاسابيع المقبلة.

المصدر:القدس العربي -    أية اعادة نشر من دون ذكر المصدر تسبب ملاحقه قانونيه

الرئيسية

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن موقف المرصد السوري