اختتم وزير الخارجية البريطاني وليم
هيغ زيارته لدمشق بمؤتمر صحافي عقده مع
نظيره السوري وليد المعلم اعرب فيه عن
تطلع بلاده إلى "حكومة جامعة في لبنان
تتشكل وفقا للمؤسسات الدستورية، وتلتزم
تعهداتها الدولية وخصوصا المحكمة الدولية."
واللافت ان ملاحظات اطلقه وزير الخارجية
البريطاني هيغ في دمشق حيال الوضع الحكومي
في لبنان، تزامنت مع تساؤلات عن طبيعة
تعاطي الغرب مع الحكومة الجديدة، واعقبت
معلومات تناقلتها صحف لبنانية واجنبية عن
الغائه زيارة كانت مقررة لبيروت، مع اشارة
اوساط ديبلوماسية الى عدم اتضاح اسباب
الإلغاء في المراسلات التي تلقتها بيروت.
والواقع، ان الزيارة التي قام بها رئيس
الديبلوماسية البريطانية لسوريا، في خضم
مرحلة "التبدلات" التي تشهدها الساحة
اللبنانية، اكتسبت اكثر من مغزى. فهي
الاولى لوزير خارجية بريطاني منذ عام 2008
علما انها تعقب ايضا "طلائع الانفتاح"
الاميركي على دمشق، بالتزامن مع تسليم
السفير الاميركي روبيرت فورد اوراق
اعتماده الى الرئيس السوري بشار الاسد.
كما انها تلي دورة المفاوضات التي جمعت
ايران والدول الخمس الكبرى والمانيا في
اسطنبول الاسبوع الماضي. ومعلوم ان رئيس
الديبلوماسية البريطانية سبق ان ابرز
اهمية السعي الى فك الارتباط بين سوريا
وايران، مشددا على دور سوريا "لاعباً
اساسياً" في المنطقة.
والمسؤول البريطاني الذي كان مقررا ان
يزور بيروت كان اثار حديثه الشهير الى
شبكة "سكايز نيوز" للتلفزيون الشهر الفائت
عن احتمال اندلاع دورة عنف في لبنان جملة
ردود توجت باستدعاء وزير الخارجية علي
الشامي السفيرة البريطانية فرانسيس غاي
لهذا الغرض مستوضحا منها مضمون تصريح هيغ.
في تقويم للتطورات التي شهدتها الايام
الاخيرة ومدى استمرار القلق البريطاني
حيال الاوضاع في لبنان، تقول مصادر
ديبلوماسية بريطانية لـ"النهار" ان "سقوط
الحكومة شكل تطورا خطيرا جدا وكان يمكن ان
يرتب تداعيات جدية على الاستقرار في لبنان
والمنطقة". ويتزامن هذا الكلام مع "تشجيع
بريطاني لكل الاطراف كي يعملوا على حل
سلمي ودستوري لتشكيل الحكومة".
وفيما تدرج المصادر الديبلوماسية الزيارة
التي قام بها هيغ لسوريا في اطار تعزيز
العلاقات الثنائية، تكرر ما قاله هيغ
باعتبار سوريا لاعبا اساسيا في الشرق
الاوسط" وتطلعها الى علاقات جيدة معها.
وتكتفي في رد على سؤال عن المناقشات
والرسالة التي ابلغت الى المسؤولين
السوريين في هذا الوقت بالذات بالحديث عن
اجراء "حوار شامل وصريح حول مجموعة واسعة
من المسائل".
وتوضيحا للموقف البريطاني حيال رئيس
الوزراء المكلف نجيب ميقاتي والتشكيلة
الحكومية الموقتة بعد الكلام الذي ادلى به
هيغ دمشق، تكرر المصادر الديبلوماسية
البريطانية "تشجيعها كل الاطراف على
المشاركة في حل سلمي ودستوري في تشكيل
الحكومة" معتبرة ان "من الحيوي، ولمصلحة
العدالة ان نواصل جميعا دعم المحكمة
الخاصة بلبنان." وفي هذا المجال، تشدد
المصادر على اهمية اتاحة المجال للمحكمة
بانجاز عملها ورفضها اي محاولة لاعاقتها.
ورداً على سؤال عن مدى التزام سوريا مطالب
المجتمع الدولي وقراراته ولا سيما على
مستوى دعم حركات مثل "حماس" و"حزب الله"
ونقل الاسلحة وضبط الحدود والتدخل في
الشأن اللبناني، تكتفي المصادر بتأكيدها
ان "سوريا تمثل لاعبا اقليميا اساسيا ولها
دور مهم في كل هذه المسائل."
وتوضيحا لالغاء هيغ زيارته للبنان، ترد
المصادر بأن "وزير الخارجية البريطاني
يزور دمشق لمناقشة بعض المسائل التي تقلقه،
بما فيها الاحداث في لبنان وكذلك في
المنطقة"، مذكرة بأن "رئيس الوزراء المكلف
كان واضحا بأنه يبدأ عملية تشكيل الحكومة،
ومن الواضح ان الاطراف شرعوا في مناقشات
لتشكيل حكومة جديدة. وقد لا يكون ذلك
الوقت الافضل للزيارة في وقت ما زال الوضع
متقلبا". |