تخيم على تركيا هذه الايام أجواء غير
عادية مشحونة برائحة الحرب والبارود،
لكنها ليست الحرب المعتادة مع المسلحين من
حزب العمال الكردستاني وانما اجواء احتمال
وقوع حرب مع الجارتين سوريا وإيران اللتان
كانتا أقرب الدول الصديقة لحكومة العدالة
والتنمية الحاكم ذو الجذور الاسلامية.
وقد لا يمر يوم دون أن تتصدر الصحف
التركية أنباء وصور في صفحاتها الاولى عن
احتمال وقوع حرب إقليمية يدفع اليها
النظام السوري، وأن هذه الحرب ستطال
الاراضي التركية إن لم تبدأ منها.
وتتصاعد هذه الاجواء اثارة بعد تكرار
تصريحات المسؤولين الايرانيين المهددة
بضرب رادارات حلف شمال الاطلسي في جنوب
تركيا في حال تعرضت إيران لاي اعتداء من
قبل اسرائيل أو أمريكا، فيما خبر تحريك
دمشق صواريخها الباليستية من حدود الجولان
الى الحدود التركية ونشر قوات على طول
الحدود مع تركيا يلقى صدى قويا في الشارع
التركي والاعلام.
وخير مثال الصفحة الاولى التي تصدرت صحيفة
"بوسطة" التركية والتي تظهر فيها خريطة
تركيا محاصرة بين صواريخ ايران في الشرق
وصواريخ سورية في الجنوب .
والنقاش يدور في البرامج الحوارية عن
احتمالات هذه الحرب القادمة وما اذا كان
على تركيا ان تكون طرفا فيها، لدرجة أن
هذه الحرب المزعومة كانت الشغل الشاغل حتى
للصحف الهزلية الاسبوعية ومنها مجلة "اويكوسوز"
التي صورت رئيس الوزراء التركي رجب طيب
أردوغان على شكل جندي عثماني حاملا سيفه،
وقالت ان تصريحاته المنتقدة بشدة للرئيس
السوري بشار الاسد، انما تهيئ الشارع
التركي لحرب قادمة، وتقدم لحجة تجعل
الشارع التركي يقبل من الآن بزج جيشه
المشغول بالقتال ضد المسلحين الاكراد في
شمال العراق الى الاراضي السورية ان
استدعت الضرورة تحت غطاء حماية المدنيين
والحالات الانسانية.
ورغم هذه التهديدات التي تتصاعد يوميا من
قبل طهران ودمشق لردع أنقرة من الاقدام
على اي خطوة باتجاه اسقاط نظام الرئيس
بشار الاسد، فأن الحكومة التركية تعلن
باصرار تنسيقها الكامل ودعمها لخطط عمل
جامعة الدول العربية للضغط على دمشق من
أجل انهاء العنف في سوريا وتطبيق تحول
ديموقراطي شامل.
وقد شارك وزير الخارجية التركي أحمد داود
أوغلو في اجتماع وزراء الخارجية العرب في
القاهرة من أجل اعتماد خطة العقوبات
الاقتصادية التي سيتم فرضها على دمشق بعد
رفضها توقيع المبادرة العربية لحل الازمة
في سوريا كما هي دون تعديل، وكان داود
أوغلو قد وصف هذه الخطة بأنها اختبار
حقيقي لنوايا النظام السوري. |