قالت مجلة التايم الأمريكية إن حزب
الله اللبنانى ينتابه القلق من تطورات
الأوضاع فى البلاد واحتمال تصاعد التوتر
المذهبى فى حال توجيه أصابع الاتهام إليه
بقضية اغتيال رئيس الوزراء اللبنانى
الأسبق، رفيق الحريرى، ويخشى تعرض المناطق
الشيعية لهجمات من متشددين سنة، ينتهجون
أسلوب عمل تنظيم القاعدة، ولذلك فهو يبحث
عن تحالفات داخل التيار السلفى فى البلاد.
وذكرت المجلة أن أتباع المناهج السلفية،
التى ترفض بشكل عام العمليات التى توصف
بـ«الإرهابية» وإن كان تنظيم القاعدة يشير
إلى ارتباطه الفكرى ببعض رموزها، يتبنون
فى الأصل موقفا متشددا حيال الشيعة،
وبعضهم يخرجهم حتى من مظلة الإسلام.
ويخشى الكثير من اللبنانيين حصول صدامات
مذهبية فى حال جرى اتهام عناصر من حزب
الله بقضية الحريرى، وقال النائب اللبنانى
المقرب من حزب الله على خريس، إن «اتهام
مجموعة شيعية باغتيال زعيم سنى سيكون أمرا
كارثيا»، وفى هذا الإطار، أقدم حزب الله
مؤخرا على خطوة لم تكن فى الحسبان، بحسب
التايم، إذ أرسل أمينه العام، حسن نصر
الله، أحد نواب الحزب، وهو نوار الساحلى،
إلى رجل الدين السلفى، عمر بكرى، المعروف
بعلاقاته بتنظيمات متشددة فى بريطانيا،
بهدف إخراجه من السجن الذى دخله بسبب حكم
غيابى بالسجن المؤبد على خلفية تهم متصلة
بالإرهاب فى بيروت.
ودفع هذا التصرف بكرى إلى تغيير مواقفه من
الحزب، فبعد أن اتهمه بإدارة «كانتونات
مسلحة» عاد رجل الدين السنى الذى ينتظر
إعادة محاكمته ليقول لمجلة تايم إنه يعمل
حاليا على «جمع السنّة والشيعة على هدف
واحد هو مواجهة إسرائيل»، كما أصدر وجهة
نظر دينية تنفى شرعية محكمة الحريرى.
وبحسب «تايم» فإن قلق حزب الله من صدام
بين السنّة والشيعة لا ينبع من فراغ، فقد
شهدت مدن فى العراق وإيران هجمات دامية
خلال إحياء مراسم عاشوراء قبل أيام،
وانعكس ذلك على إحياء الحزب للذكرى فى
ضاحية بيروت، حيث فرض إجراءات أمنية مشددة
ونشر قناصة على السطوح لمراقبة الحشود.
ولفتت المجلة فى تقريرها إلى انتشار
المواد الدعائية التى ينشرها تنظيم
القاعدة أو حركات متحالفة معه، مثل «كتائب
عبدالله عزام» التى تعتمد على خطاب يدعو
السنّة إلى رفض «الاضطهاد» الذى يعيشونه
فى لبنان بسبب حزب الله. ونقلت التايم عن
الشيخ داعى الإسلام الشهال، مؤسس التيار
السلفى فى لبنان قوله إن «حزب الله يهدد
بتغيير صورة البلد، وهذا التصرف ينم عن
غطرسة وتلويح بالقوة.. هذا الحزب يعتبر
السنّة فى لبنان عقبة أمام مشاريعه
للسيطرة سياسيا على لبنان وجعله تابعا
لإيران». وأعرب الشهال عن قلقه حيال
افتقاد السنّة فى لبنان لـ«الدعم المالى
والسياسى» الكافى لمواجهة حزب الله، وقال
محذرا: «إذا لم يحصل السنّة على الدعم
الخارجى الذى يضمن لهم توازن القوة مع حزب
الله فلن يكون أمامهم من خيار سوى القيام
بما عليهم القيام به، وهذا أحد الاحتمالات
القائمة»، فى إشارة إلى إمكانية حصول
عمليات من هذا النوع. وفى اتصال هاتفى مع
الشروق من بيروت، قال المحلل السياسى
اللبنانى القريب من حزب الله جورج علم أن
«خطاب الفتنة المذهبية حاضر لكن لا يوجد
غطاء سياسى له حتى الآن». وأوضح أن «صدور
القرار الظنى قد يعطى مبررا لتنظيم
القاعدة او الجماعات المحسوبة عليها فى
لبنان لشن هجمات على الشيعة»، مشيرا الى
انه من البديهى قيام حزب الله بتلك
التحركات لمنع اندلاع فتنة مذهبية. وقال
إن هناك نوابا فى البرلمان اللبنانى ليسوا
اقل تطرفا من الجماعات السلفية المتشددة،
مثل النائب احمد كبارة عن مدينة طرابلس
والذى يشن هجوما حادا على الشيعة فى لبنان،
كما أن خطاب مفتى جبل لبنان الشيخ على
جوزو يغذى النعرة المذهبية. لكنه اوضح أن
«وجود قرار سياسى من حزب الله ورئيس
الوزراء سعد الحريرى بعدم الانجرار الى
فتنة يكبح الى حد ما انفلات البعض». وشدد
علم على أن ذلك كله مرهون بقدرة الجهود
السورية السعودية فى اخراج لبنان من ازمة
المحكمة الدولية، مشيرا الى انه «اذا فشلت
هذه الجهود فساعتها سيكون البلد مفتوحا
على جميع الاحتمالات». |