أخبار الوطناتصل بنا الرئيسية

29/06/2010

 

نقص المراجع، مواضيع تعجيزية، مواقع محجوبة مشكلات طلاب الجامعات العامة والخاصة في أبحاثهم العملية

 

 

‮أعادت تقديم مادتها (5) مرات، حتى جاء الفرج ونجحت ، رسوبها المتكرر سببه القسم العملي من المادة، فعلامة العملي كانت (60) والنظري (40) وبسبب كرم الدكتور كان يعطيها دائماً العلامة بين (8) و(10) أي لو حصلت على العلامة التامة في النظري، وهذا من المستحيلات، لن تنجح في المادة، هذه حال ديالا طالبة الإعلام، وتقول: (السبب في علامتي المتدنية في العملي هي أنه لا يوجد مراجع للمواضيع التي يعطيني إياها الدكتور، وأصبح هناك خلاف بيني وبينه عندما قلت له أن هذه المواضيع ليس لها مراجع).
وهنا تبدأ القضية، غالبية أقسام الجامعة من إعلام، طب، هندسة، علوم، تربية، علم نفس، جغرافية.. إلخ تتضمن موادها جزءاً عملياً، وهو على درجة من الأهمية بالنسبة للطالب من ناحية مساعدته في العلامة للنجاح ومن ناحية أخرى نعطيه خبرة على أرض الواقع في مجال دراسته، لكن مشكلات عديدة تعترض طلاب الجامعات العامة والخاصة خلال إنجازهم لحلقات البحث العملي أو الأبحاث المتعلقة بمشاريع تخرجهم، حتى أن بعض الطلاب ذكر أن إنجاز هذه الأبحاث يكاد يكون من المستحيلات، ولذلك مجرد مطالبة الجامعات به هو أمر تعجيزي.
من أهم ما يعترض طريق الطالب في القسم العملي هو ندرة المراجع، حيث كان موضوع مشكلة المراجع أشبه بالإجماع من كافة الطلاب الذين التقتهم (أبيض وأسود) من مختلف الفروع، لأن الدكاترة يقومون بتكليف الطلاب بمواضيع محددة، وعند البحث عن مراجع لإنجاز الموضوع لا يجد الطلاب ما يخص موضوعهم لا في مكتبات الجامعة ولا في المكتبات العامة، وتبدأ سلسلة من المشكلات بين الطالب والدكتور تقول راما طالبة ماجستير (المراجع لدينا قاصرة جداً في هذا المجال والمشكلة أن بعض الدكاترة لا يقبلون المراجع المأخوذة من الإنترنت حتى في أبحاث الماجستير).
وليس الدكتور من يفرض موضوعه دائماً إنما البعض يعطي فرصة لسماع آراء الطلاب وخياراتهم، لكن هنا يكون الطالب أمام خيارين إما أن يختار موضوعاً لا يعجب الدكاترة لأنه من اختياره، ويكون له مراجع عديدة، وهنا العلامة الجيدة غير مضمونة، وإما أن يختار موضوعاً حسب إرادة الدكتور ولا يجد مراجع لبحثه، وإن وجد لا يحصل إلا على مرجع أو اثنين (وبعد طلوع الروح) وهنا العلامة أيضاً غير مضمونة، وفي الحالتين الطالب غير مستفيد لأنه إما أن يقول له الدكتور هذا البحث مطروق كثيراً، وإما لن تجد مراجع، ولا يقبل الدكتور بأقل من (5) مراجع في المادة الواحدة، يقول الطالب عمران من قسم التاريخ (البحث العملي لأي مادة مهم ومساعد لنا كطلاب في العلامة لكن هناك مشكلة في المراجع المتعلقة بالمواضيع التي يطلبها الدكاترة، وأحياناً يحصر الدكتور البحث بموضوع واحد ولا يهمه إلا أن تحضر المصادر)، ويقول: (أنا مو مشكلتي هي مشكلتك أنا عطيتك الموضوع وأنت مهمتك تجيب المراجع) وكأن الأمر لا يخصه، رغم أنه على علم أن مكتباتنا لا تملك مراجع التي تتعلق بهذا البحث، وعندئذ تعتمد العلامة على مزاج الدكتور.
هناك مشكلة أخرى، وهي المكتبات إن كانت مكتبة الجامعة أو مكتبة عامة، فعندما يطلب الطالب كتاباً إما أنه لا يجده أو يجده معاراً، ويبقى الطالب بانتظار الكتاب أسبوعين أو أكثر تقول الطالبة حنان من قسم التربية (يمضي الوقت ونحن بانتظار الكتب المستعارة، وبالتالي نتأخر بتقديم حلقة البحث وهناك الكثير من المشكلات التي تحدث عند حدوث التأخير وأحياناً الموظفين لا يعطونا الكتب المطلوبة، ويتحججون أنها ليست موجودة وذلك حسب مزاجهم).
وتؤيدها الطالبة لمى رمضان من قسم علم النفس وتقول: (نحن على عكس بقية الجامعات فمكتبة كلية التربية غنية بالكتب المتعلقة بأبحاثنا ولكن هناك ضغط كبير عليها بالإضافة للاستعارة الدائمة للكتب بسبب هذا الضغط، فلا نجد حاجتنا إلا بعد معاناة، وأيضاً فإن المدة المسموح بها إعارة الكتاب قصيرة جداًً، ولا يسمح للأعداد الكبيرة للطلاب بالتمكن من الحصول على المراجع)، بالإضافة إلى منع الطلاب من استعارة رسائل الماجستير والدكتوراه رغم أنها تحتوي على دراسات هامة قد تغني عن المراجع الخارجية، ورغم أن بعض أقسام التربية والإرشاد النفسي وعلم النفس تعتمد استبياناتهم المتعلقة بالبحث العلمي على الاستبيانات المحكمة الموجودة في هذه الدراسات.

المشكلة منذ البداية:
من ناحية أخرى الكثير من الطلاب يقومون بإنجاز الأبحاث والانتهاء منها وهم لا يفهمون شيء من آلية البحث العلمي، وهذه كارثة حقيقية خاصة للطلاب المتخرجين وطلاب الدراسات، تقول طالبة ماجستر (نصل لنهاية البحث ونحن لا نفهم كيف نضع أهداف أو أهمية أو فروض البحث، وإنما ما نفعله عند البحث في المراجع النسخ واللصق ضمن هذه الحلقة، فالتأسيس منذ البدء خاطئ والدكتور لا يخبرنا الآلية الصحيحة إلا عند تقديم البحث والبعض من الدكاترة يصرخون ويصفوننا بالغباء!! لأننا لا نعرف كيف نقوم بإجراء بحث ما)، وتضيف: (كيف نعرف ولم يعلمنا أحد؟ أليس السبب هو الدكاترة ذاتهم؟)، وتتابع صديقتها جاندا سليمان طالبة ماجستير: (هذا لا يعني أننا لا نحب أن نقوم بأبحاث لها قيمة لكن من ناحية لا يوجد وقت، ومن ناحية أخرى محكومين بمراجع لا نستطيع التطوير أو الإضافة عليها).
لكن دكاترة الجامعة يدافعون عن أنفسهم بالقول: (بأن على الطالب أن يجد صعوبة في البحث حتى يتعلم لأن ما يصل إليه بسهولة يخسره بسهولة أيضاً)، دكتور في كلية التجارة والاقتصاد يقول: (نترك للطالب حرية اختيار المواضيع لكن عليه أن يبحث عن الموضوع الذي يختاره قبل أن يخبرنا به حتى يعرف إن كان هناك مراجع تخدم موضوعه أم لا، والمشكلة أن الطالب في أغلب الأحيان بعد أن يختار البحث يأتينا عند موعد تقديم بحثه ليقول: أنه لم يجد مراجع).
وبعض الدكاترة يؤكدون أن الخطأ من الطلاب فهم لا يقومون بالبحث الصحيح، ويصفون الطلبة بأنهم لا يقرؤون جيداً ولا يذهبون للمكتبات للبحث، لكن البعض منهم يعترف بنقص الكتب في مكتبات الجامعة، يقول دكتور من قسم الجغرافية: (مكتبة كلية الآداب فقيرة بالمراجع المتعلقة بالأقسام الموجودة فيها، ويجب إغناء المكتبة على الأقل بما يخص مواد الأقسام الموجودة).
الإنترنت والمراجع الخارجية:
بعض الطلاب يضطرون لإحضار مراجع من خارج سوريا، وإلا سيخسرون علامتهم، وهنا ليس السبب هو المواضيع التي يختارها الدكاترة فقط لأن الطلاب أحياناً هم من يختارون الأبحاث، يقول طالب الهندسة محمد وهو في جامعة خاصة (بقيت شهراً أبحث عن مرجع إلى أن أحضرته من دبي ولا أدري سبب عدم وجوده والمشكلة أنه الوحيد الذي يفيدني ببحثي).
هناك طلاب عديدون ذكروا أنهم يحضرون مراجعهم من خارج سوريا خاصة من لبنان والأردن، لكن ذلك غير منطقي خاصة بالنسبة لطلاب المواد العلمية، لأنهم يقومون بدراسة آخر المستجدات كالهندسة والطب والاتصالات والمعلوماتية، ولكن المراجع الموجودة قديمة ولا تفيد أبحاثهم، وإذا حاولوا البحث على الإنترنت لمواكبة الجديد والحصول على مراجع غير موجودة تبدأ مشكلة أخرى، وهي عدم فتح المواقع العلمية، ففي سوريا ليس هناك خط إنترنت دولي وإنما هناك خطا إنترنت قادمان من مصر وقبرص أي ليس هناك خط من المؤسسة العالمية للإنترنت لسوريا لذلك هناك الكثير من المواقع التي تحجب بسبب ذلك وبسبب الحظر والحجب العلمي من الولايات المتحدة الأمريكية، تقول ديمة نصور طالبة هندسة زراعية (نعاني جداً من ناحية المواقع العلمية خاصة أن أبحاثنا تعتمد على هذه المواقع ولا ادري لم هذا الحجب)، أحد الدكاترة في جلسة العملي لطلابه أعطاهم مرجع يساعدهم في بحثهم وهو عبارة عن موقع وقال (لكن هذا الموقع لا يستطيع أحد الدخول إلية إلا إذا كان يعرف أحداً يقيم خارج البلد).

المشكلة أنك سوري:
بعض الأبحاث العلمية لا تعتمد على الكتابة والمراجع وإنما تكون بإقامة تجارب عملية مثل ما يحدث مع طلاب الهندسة والطب والفيزياء وغيرهم، وهنا المشكلة مشابهة للمراجع الكتبية، فعندما يذهب الطالب لشراء قطعة إلكترونية لا يجدها وإذا أراد مراسلة شركة أجنبية ترفض الشركة إرسالها عندما يعلمون أن الطالب يعيش في سوريا، يذكر الطالب علي، يدرس في جامعة خاصة سوريّة حادثة جرت معه ومع العديد من أصدقائه: (تايوان من أفضل البلدان لإنتاج القطع الإلكترونية، وراسلت أنا وأصدقائي إحدى الشركات هناك لشراء قطع الكترونية تساعدنا في مجال دراستنا حتى أن الجامعة راسلتها لتؤمن قطع لطلابها لكن الشركة رفضت إرسالها عندما علمت أننا نعيش في سوريا).
حتى داخل سوريا إذا احتاج طالب إجازة أو دراسات من الهندسة بأنواعها والاتصالات والعلوم قطعة أو جهاز ما، وحاول شراءها من شركة ما، تقوم الشركة بمراسلة المنتج والمصدر الأساسي لهذه القطع فإذا كان لها علاقات جيدة مع (إسرائيل) ترفض أن تبعث هذه القطع والتعامل مع الطلاب.

كتاب الطالب مرجع له:
العديد من الدكاترة ذكروا أن تعاون إدارة الجامعات في القطاع الخاص والعام مع وزارة التعليم العالي ضرورة لتزويد المكتبات خاصة مكتبات الجامعة بالكتب المتعلقة بكافة الاختصاصات لمساعدة الطالب في عملية البحث والتعاون مع دكاترة الجامعات للاستعانة بخبرتهم بالمراجع الواجب توافرها، أحد الدكاترة اقترح أن يتم تعديل المناهج ليكون كتاب الطالب في المادة المقررة هو المرجع نفسه لتطبيقاته العملية، أما الطلاب رأوا أن تعزيز اختصاص المواد المقررة في دراسة كل فرع يعزز تخصص الأبحاث العلمية ويسهل عملية البحث.
أيضاً ألا يجب على الدكاترة طلب مواضيع محددة ومنطقية بحيث تكون متوائمة مع إمكانية توفر مراجع لهذه المواضيع، وليس مواضيع تعجيزية يضطر الطالب لإحضار برامج (بروكسي) لكسر المواقع المحجوبة أو شراء كتب من خارج البلد، الطالبة هبة تقول: (لو يقبلون مراجع الإنترنت المحكمة لأن هناك دراسات ممتازة تنشر على مواقع جامعات الدول الأخرى)، بالإضافة إلى نسخ أعداد من الكتاب الواحد لتقضي غرض عدد من الطلاب المحتاجين لنفس الكتاب في نفس الوقت، وبعض الطلاب يتأملون انفتاحاً كبيراً في أبحاثهم العلمية إذا توقعت اتفاقية الشراكة الأوروبية مما ينتج عنها فتح مواقع مهمة كثيرة.
هي حالة الغالبية إن لم نقل الجميع من طلاب الجامعات، ولا بد من إيجاد حل لمشكلة يعاني منها أعداد هائلة من فئة الشباب المثقفين.

المصدر:مجلة أبيض وأسود - أية اعادة نشر من دون ذكر المصدر تسبب ملاحقه قانونيه

الرئيسية

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن موقف المرصد السوري