على ايقاع الثورة الشعبية الليبية على
معمر القذافي ونظامه، تتكرر الروايات، من
ليبيين كانوا من أركان النظام في طرابلس،
عن الامام السيد موسى الصدر ورفيقيه الشيخ
محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين ودور
القذافي في تغييبهم أو قتلهم.
وكشفت صحيفة «الأخبار» نقلا عن نجيب محمد
أغريبيل، ابن أخت الوزير الليبي المفوض
الى لبنان، عشية اندلاع الحرب الاهلية،
صالح زايد عبدالكريم، أن خاله انتحل شخصية
الامام السيد موسى الصدر وسافر الى مدينة
روما الايطالية بغرض التمويه وفبركة أدلة
تشير الى أن الصدر قد غادر ليبيا الى روما
حيث «صفي» على يد مرافقه الشخصي، وقال
أغريبيل الذي كان بين فترتي الثمانينيات
والتسعينيات المدير العام لادارة النشر في
ليبيا، انه كان أقرب شخص الى خاله صالح.
وأوضح في مقابلة خاصة في احدى مناطق شرق
ليبيا: «كان المرحوم صالح يحبني ويعدني
صديقه وأقرب من أولاده اليه. كان يصطحبني
الى جلساته الخاصة، واستضافني في بيروت مع
بداية الحرب الاهلية، اذ كان وزيرا مفوضا
في لبنان، أي أعلى من درجة سفير، وكان
يقيم في منطقة المصيطبة مقابل قصر كمال
جنبلاط، وكان يتكلم باسهاب واحترام عن
شخصيات لبنانية مثل كمال جنبلاط والسيد
موسى الصدر، وكان من أشد المعجبين بشخصية
الصدر».
وأضاف أغريبيل أن خاله كانت له أسماء
أمنية عدة، وأن اسمه الامني أثناء عمله في
لبنان كان صابر عبدالكريم صالح، وكشف
أغريبيل أنه بعد أربع سنوات من اختفاء
الامام الصدر، وتحديدا في صيف 1982، أي
ابان الاجتياح الاسرائيلي الثاني للبنان «كلفه
المكتب الامني للقذافي بمهمة انتحال شخصية
موسى الصدر والسفر الى روما، وذكر خالي في
احدى الجلسات مع ضابط أمني صديقه، وكنت
جالسا معهما، أن المكتب الامني كلفه بمهمة
سهلة في روما لكنه لا يرغب في تنفيذها على
الرغم من سهولتها، غير أنه مجبر على
القيام بذلك»، وبعد أيام من مغادرته
طرابلس، عاد صالح زايد عبدالكريم جثة
هامدة الى عائلته في مساكن الضباط
الامنيين في منطقة غرغور في طرابلس حيث
يقيم فيها القادة الكبار في النظام، وهي
كالمنطقة الخضراء في العراق.
وقبل أن تصل الجثة، اتصل مندوب من المكتب
الامني للقذافي بعائلة صالح وأبلغها بأنه
توفي في روما، ويروي أغريبيل أنه «عندما
أعلنوا الوفاة أتتنا تعزية من القائد
وجاءت زوجة معمر، صفية، تعزي بوفاة
المرحوم، لكن بعد ذلك بساعتين دب ارتباك
في المنزل ودخل أحد أولاده، حسن، وقال انه
حصل على معلومات تفيد بأن والده اغتيل ولم
يمت ميتة طبيعية في روما، وأنهم عثروا في
غرفته في الفندق على لحية ونظارتين وملابس
دينية، حاولنا أن نفتح التابوت لكننا
وجدناه صندوق حديد مقفلا، حاولنا فتحه
بالقوة، لكن عندما سمع رجال الامن الطرق
على الحديد دخلوا الغرفة ومنعونا من ذلك
وأجبرونا على دفنه».
وحصلت العائلة على رواية رسمية مبنية على
شهادة المرافقين اللذين كانا معه في
ايطاليا، اذ قالا ان صالح أصيب بنوبة
قلبية أثناء انتعاله حذاءه في الفندق،
ويقول أغريبيل انه اضافة الى المعلومات
التي حصلت عليها العائلة من جهات مقربة من
النظام، من أنه «صفي» في روما أثناء قيامه
بمهمة أمنية، ازدادت قناعة العائلة بان
صالح اغتيل ولم يمت ميتة طبيعية عندما «منعنا
من فتح التابوت».
ويؤكد أغريبيل أن خاله كان يحترم الصدر
ويكبر شخصيته، ويقول انه يحب الخير للبنان
ويسعى الى محاربة اسرائيل ويعمل على دور
وطني لجمع كلمة السنة والشيعة في لبنان.
ويشير الى أنه لم يقل «هذا الكلام عن
انتحال خالي لشخصية الصدر لاحد من قبل
لاسباب معروفة، انها المرة الاولى التي
أقول فيها هذا الكلام، وأنا أعرف أن
النظام متجه الى الانهيار، لكن لا شيء
مضمون». وأغريبيل على اقتناع بأن النظام
الليبي حاول فبركة أدلة تشير الى أن الصدر
غادر ليبيا، وكان هذا النظام يدعي وجود
صور لمغادرة الصدر لليبيا، ويضيف أن
النظام له أساليبه التي لا تخطر على البال،
لكن «من الواضح أنه في قضية الصدر كان
النظام يتصرف بارتباك كبير».
ويعبر أغريبيل عن ايمانه بان «الانسان يجب
أن يكون صادقا مع نفسه ومع ربه ويقول
الحقيقة حتى لو كانت ضده، من حق عائلة
الصدر أن تعرف مصيره، فنحن لسنا على خلاف
مع الصدر، وكان عروبيا ومتوازنا وله مواقف
وطنية، لذا يجب أن نقف مع عائلته لنكشف ما
حصل له»، ولا يعرف أغريبيل ما حصل للصدر
عندما اختطف، لكن «آخر معلومة سمعتها من
أشخاص نافذين، تقول ان الصدر شوهد للمرة
الاخيرة مع ضابطين صغيري السن، وان آخر
مكان دخل اليه هو ثكنة عسكرية في المنطقة
الغربية»، ويختم أغريبيل بان الدور الوحيد
الذي أداه خاله في قضية الصدر هو «انتحاله
شخصية الصدر فقط، ولم يكن له أي دور في
اختطافه». |